IMLebanon

منحى خطير لمعارك “عين الحلوة”: هل آن أوان التخلّص من “التكفيريين”؟

 

لليوم الثالث تستمر المعارك بين الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة. ساعات عصيبة تعيشها مدينة صيدا وأهلها تنعكس على القرى المجاورة والطريق الدولية الى قرى الجنوب. حتى الساعة لم تكشف أي قراءة واقعية حقيقة ما يدور في المخيم وخلفياته الحقيقية وسرّ توقيته. بضعة أسئلة فرضتها معارك مخيم عين الحلوة، لا أجوبة شافية لها بعد.

ليست المرة الأولى التي تندلع فيها المعارك في عين الحلوة ويعاد طرح إشكالية سلاح المخيمات من أوسع أبوابه، ثم تجتمع الفصائل الفلسطينية وتتفق على هدنة، ومن بعدها تجتمع مجدداً وتعاود الإتفاق على توحيد الصف الفلسطيني والحفاظ على الأمن والهدوء واحترام السيادة اللبنانية. كل هذا يتحول، ولسبب ما، حبراً على ورق، وتتبخر الوعود، ويعود الواقع المؤلم ليظهر مجدداً ويجسد واقع السلاح في يد جماعات متفلتة لا تلتزم سقف القانون ولا تعير اهتماماً للدولة المضيفة. ومن يستطيع بعد كل تلك السنوات أن يحصي عدد الفصائل الفلسطينية الموجودة داخل المخيم وعدد المجموعات الأصولية ومرجعياتها في الخارج والداخل، خصوصاً مع الخشية من تمدد الإشتباكات لتلامس حدود بلدة مغدوشة، ما استوجب انتشاراً لوحدات الجيش اللبناني.

كل شيء محتمل في مخيمات تحوّل سلاحها عبئاً حتى على السلطة الفلسطينية. هذه الفصائل توسّع نفوذها فيصعب السيطرة عليها، لأنّ قرارها مرتبط بدول الجوار من قطر إلى إيران إلى تركيا، وصارت «فتح» هي الحلقة الأضعف.

العالمون بواقع المخيم يتحدثون عن غياب الرعيل الأول من المقاتلين مقابل رعيل ثانٍ وثالثٍ غير معروف الهوية ولا الإنتماء. لم تعد البندقية في المخيمات فلسطينية بالمعنى المقاوم للكلمة، وقرارها لم يعد داخلياً، وباتت السلطة الفلسطينة وحركة «فتح» هما الحلقة الأضعف. وثمة معلومات عن محاولة لضرب حركة «فتح» من الداخل، خصوصاً تلك المجموعات التي لا تخضع لسيطرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وذلك من خلال الجماعات الإسلامية المسيطرة داخل المخيم، ومنها «داعش» وغيرها. تعبّر مصادر سياسية عن خشيتها من أن يكون أحد أهداف التفلّت الأمني، هو تهجير القسم الأكبر من سكان المخيم ومحاولة جرّ الجيش اللبناني إلى المواجهة، وصولاً إلى تكرار معارك نهر البارد، تمهيداً لتدمير مخيم عين الحلوة برمزيته كعاصمة اللجوء الفلسطيني، وتوطين فلسطيني تدريجي. وتتحدث المعطيات عن محاولة إفشال هذا المشروع من خلال «عصبة الأنصار» التي حالت دون اقتحام مراكز «فتح» والسيطرة عليها، ناهيك عن تدخل فاعليات صيدا ومرجعياتها السياسية والدينية ودور «حزب الله».

يجري كل ذلك بمخاطره تزامناً مع عيد الجيش اللبناني وعلى مرأى ومسمع دورياته المنتشرة حول المخيم ولا تملك القدرة على دخوله لحسم المعارك فيه وبسط سلطة الدولة، لأنّ أي عمل كهذا بلا قرار سياسي سيُعدّ انتحاراً، خاصة وأنّ تكرار معركة نهر البارد ليس سهلاً ولا هو وارد، لكن المؤكد أنّ المعارك الحاصلة بامتداداتها ليست محمودة العواقب وسط الخوف من ترحيل المعارك إلى أكثر من مخيم دفعة واحدة ما يحتّم قيام مواجهات بالغة الخطورة.

أحد عناوين معارك مخيم عين الحلوة هو التخلص من البندقية الفلسطينية التي لم يعد هناك مبرر لوجودها في مخيمات لم تعد مخيمات، بل تحولت مجمّعات سكنية غير خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية ولا تدري من يستظل تحت سقفها. هي مخيمات للتفلت الأمني والجماعات التي تنفّذ أمر عمليات تخضع لأجندات خارجية غير محمودة العواقب.

قد تنتهي المعارك على طريقة ما انتهت اليه معارك مشابهة من قبل، ولكن سيبقى مخيم عين الحلوة خاصرة الدولة الضعيفة. في عيد الجيش لم يكن الأمر يحتاج إلى قصائد مديح وشِعر والإشادة بجنود يتحولون وقت الشدة إلى شهود على أمر واقع سيئ بسبب غياب السلطة السياسية المخوّلة أن تمنح الجيش غطاءً للقيام بدوره.

ما يحصل في عين الحلوة خطير جداً بإجماع التقارير الأمنية واعتراف الجهات السياسية المعنية بالوضع في الجنوب، وتتجلى خطورته في سيطرة الجماعات التكفيرية على القرار وهو ما لا يتناسب وسلطة الأمر الواقع جنوباً أي «حزب الله».

المعارك بدأت وتوسّعت رقعتها أمس، وليس معلوماً كيف ستنتهي؟ وبأي ثمن؟ وأين موقع إسرائيل مما يحصل؟ وما هو هدفها؟ وهل يبلغ استفزاز الجيش مداه ليجبر على التدخل بمؤازرة «حزب الله»؟ وما هو نوع الإتفاق الذي حصل قبل مدة قصيرة بين مخابرات الجيش والقيادات الفلسطينية على تسليم أسلحة؟ وما علاقته بما يحصل؟ وهل هذا هو المطلوب؟

في معطيات آخر ساعات يوم أمس، أنّ قرار إنهاء حالة «فتح الإسلام» و»جند الله» وغيرهما من المجموعات التكفيرية اتخذ، وهناك «امكانات مادية» توافرت للجهات التي تحتاج اليها للقيام بمهمتها، وتحدثت مصادر فلسطينية معنية عن معاودة الطرف الفتحاوي المناهض لسلطة الرئيس الفلسطيني الإمساك بزمام الأمور واستعادة السيطرة نوعاً ما. فهل آن أوان الحسم والتخلّص من هذه الجماعات؟