IMLebanon

جسر جوي… وجسور مقطّعة الأوصال

نجحت إيران في تَدشين جسر جوّي مع الحوثيّين، فيما بقيَت جسور التواصل بين مكوّنات المحور المناهض قيد الترميم. حطّت أول طائرة إيرانيّة في مطار صنعاء، فيما يبحث الرئيس عبد ربّه منصور هادي عن مطار في عاصمة الجنوب. إقترح أن يكون مطار عدن، مطار الشرعيّة، لكن جاء مَن يقول له «إنّ الجنوبيّين بغالبيتهم مع الإنفصال، ويُرحبّون به كضيف، وليس كرئيس وحدَوي، وإذا كان لا بدّ من أن يضطلع بدور، فعليه أن يتحوّل رأس حربة لمشروع الإنفصال».

أراد الدكتور نبيل العربي أن يرفع السقف والمعنويّات كأمين عام لجامعة الدول العربية. أعلن أنّ الدعوة ستوجّه الى الرئيس هادي ليُشارك في القمّة، لكن هل حُلّت المشكلة؟ وماذا عن وحدة اليمن؟

قبل سنتين طرد العرب ممثل النظام السوري من جامعتهم، إلّا أنّ المعارضة لم تتمكن من ملء الفراغ. وهناك في صفوف الجامعة مَن يطالب اليوم بعودة القديم الى قدمه. بالطبع لن يحصل ذلك قريباً، إلّا أنّ القرارات الحكيمة لا تصنعها الإنفعالات بل المقاربات الهادئة، والدراسات المعمّقة، والوضع اليمني يحتاج هذه الأيام الى الحكمة، بركانه بدأ ينفث السموم في الأجواء، وإنفجاره، إذا ما حصل، لن يبقي على إستقرار في دول الجوار.

في المقابل هناك كمّ من الإجتماعات، عناوين كثيرة، وملفات متداوَلة بالجملة والمفرّق، وحكي… حكي… حكي، ولكن أين الأجندات والخطط، والمشاريع الإستراتيجيّة المدروسة؟ لا جواب، والجميع ينتظر الولايات المتحدة، ماذا تريد، وكيف تفكّر؟ وأيّ منعطف بلغته مفاوضاتها مع إيران؟ وهل من إتفاق على البرنامج النووي، أم أنّ «سجّادته» لم تنجز بعد؟

يُبدي بعض الحضور الديبلوماسي ملاحظات في شأن نقاط أربع:

الأولى: إنّ إنتقال البعثات الخليجيّة من صنعاء الى عدن، خطأ كبير. كان عليهم الصمود والإستمرار في العاصمة، ودعم ما تبقى من مظاهر دولة، وشرعيّة ومؤسسات، ومنع الحوثي من التطاول على ما تبقى منها. كان يُفترض أن يكونوا المثل والمثال، لتشجيع مَن غادر من البعثات على العودة… إلّا إذا كان بعض الخليج يرى أنّ مصلحته تقضي بتقسيم اليمن وتفتيتها، فأقدم على ما يقدم عليه.

الثانية: إستمرار سلطنة عمان في التحليق خارج السرب الخليجي، لكن وسط أجواء مؤاتيّة غنيّة بالوساطة والوسطيّة. أبقت على بعثتها في صنعاء، وفتحت أبواب العاصمة مسقط لإستقبال المتحاورين اليمنيّين، إذا تعذّر عليهم التلاقي في عاصمتهم. أكدّت السلطنة مرّة جديدة أنها تملك شيئاً تريد تقديمه، فماذا عند الآخرين سوى الإنفعال والتنظير؟

الثالثة: التلطي وراء متاريس الجامعة، وإنتظار موعد إنعقاد القمّة العربيّة في منتجع شرم الشيخ في 27 و28 الجاري، للتفاهم على ما يمكن عمله والإقدام عليه. لكنّ اللافت منذ الآن أنّ هناك مَن يحنّ الى إعادة تفعيل إتفاقيّة الدفاع العربي المشترَك التي أُبرِمت عام 1950، وتحتفي بعد فترة بذكرى مرور 65 عاماً على ولادتها.

لكن لم يُؤخذ بها، وبقيت سجينة النصوص، على رغم أنّ الوضع العربي كان في السابق أفضل ممّا هو عليه الآن. وللأمانة حصَل تنسيق يتيم بين الجيشين المصري والسوري عام 1973، عندما خاضا معاً «حرب تشرين»، ضدّ إسرائيل، وحققا إنتصاراً.

وجرت محاولة ثانية، من خارج نصوصها، عندما إنخرطت جيوش عربيّة في صفوف التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة لتحرير دولة الكويت من الغزو العراقي الذي نفّذه صدّام حسين. يدور الحديث الآن، على أبواب القمة، عن تفعيل هذه الإتفاقيّة، إلّا أنّ الثوب البالي لا يتحمّل مزيداً من الترقيع.

الرابعة: إنّ القمّة ستعقد بمَن حضر، وحال الدول العربيّة في أسواء حال. أين مصر؟ وماذا عن سوريا؟ وكيف أحوال لبنان، والأردن، والعراق، وليبيا، واليمن، والسودان؟ يدخل الباجي قائد السبسي على حصان أبيض مزهوّاً بصناديق الإقتراع التي إختارته رئيساً لتونس، فماذا عن الآخرين؟

إنهم ينتظرون باراك أوباما، وهذا يوزّع إبتساماته على الجميع، ويعطي من طرف لسانه حلاوة لكلّ طرف، فيما هو منهمك في حياكة سجّادة تفاهمه مع إيران، ورسم خريطة نفوذه في المنطقة تحت مظلّة «مكافحة الإرهاب».