IMLebanon

جعجع: بمجيء عون بدأ عهد الطائف

جعجع لنقابة الصحافة: بمــــجيء عون بدأ عهد الطائف

عندنا رئيس جمهورية مختلف وفي يده   صفارة وهو خلقه ضيق وهو صاحب قرار

معراب – «الشرق»:

مع الدكتور سمير جعجع كان حوار النقيب عوني الكعكي والزملاء الصحافيين الأعضاء في مجلس النقابة مباشراً وصريحاً يصح فيه القول »على بساطٍ أحمدي«.

جميلة هي معراب بموقعها الجغرافي الطبيعي، والتدابير الأمنية الصارمة جداً لا تعكس الأجواء اللطيفة التي استقبل بها جعجع الوفد الصحافي الذي تبيّن ان بين أعضائه والمستشارة الاعلامية انطوانيت جعجع كثيراً من الود والاحترام المتبادل، مثال ما بينهم و»الوزير« الزميل ملحم رياشي الذي حلّ محله في رئاسة جهاز الاعلام والتواصل شارل جبّور الذي اقتحم الصحافة من باب »يا قاتل يا مقتول« كما كان يبدو في مقابلاته التلفزيونية الحامية، وكذلك من بين سطور مقالاته السابقة.

كان الدكتور سمير جعجع بادي التفاؤل، نادر التشاؤم، بعيداً عن التوتر وهو يتحدث بهدوء ملحوظ وهو بادرنا بالقول في ٣١ تشرين الأول الماضي (موعد اجراء الاستحقاق الرئاسي) شعرت للمرة الأولى اننا قدرنا ان نعمل شيئاً للبلد. كان قد قُيض لنا ان نستمر في الفراغ الرئاسي لسنوات طويلة، وليس لأشهر اضافية وحسب.. أي الى حين انقشاع الأوضاع في المنطقة كلها.

يتوقف قليلاً قبل ان يضيف: يوم أيدنا ترشح الجنرال ميشال عون قالت لنا قوى خارجية: شو في بعقلاتكن؟ لأنهم لم يكونوا ليصدِّقوا أنَّ رئيس الجمهورية يمكن ان يصنع في لبنان. ولكن هذه المرة حدثت.. وصار لنا رئيس للجمهورية صنع في لبنان.

لم تكن مجازفة

ويمضي جعجع: وهذا الرئيس للجمهورية هو مختلف عما عرفناه خصوصاً منذ مرحلة التسعينات. ولست نادماً أبداً، ولا لحظة واحدة على الاتفاق مع التيار الوطني الحر. ولم يكن ما قمنا به مجازفة، بل كان قراراً مدروساً.. ولقد أشبعناه درساً، واسغرقنا وقتاً طويلاً كي نقنع بعض الكوادر الحزبية، وهكذا في التيار. ولكنّ اليوم نرى اجماعاً في التأييد لدى القاعدة.. وبالاتفاق مع التيار يمكننا ان نصل بالبلد الى مكان متقدم جداً. وهناك ألف نقطة لقاء بيننا وبين التيار الوطني.. وأعطى مثالاً على أهمية التفاهم بين الطرفين التشنج الذي شهدته الانتخابات البلدية قبل الأخيرة وتلك التي جرت أخيراً في أجواء هادئة. وكذلك تبدل الأجواء من الخصام الى الوئام بين الطلاب في الجامعات.

%50 يصل %50 لأ

ورداً على سؤال لـ»الشرق« عن مدى إيمانه بأن الجنرال سيصل الى الرئاسة يوم دعم ترشحه قال: كانت النسبة تراوح بين ٥٠ في المئة لوصول الجنرال و٥٠٪ لعدم وصوله.

صنع في لبنان.. وعادت النافورة

منذ انتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول، شعرت بأننا تمكنا من القيام بشيء ما لهذا البلد، فمجرد رؤية النشاط يعود الى القصر ونافورة المياه عادت إلى العمل، كذلك الحرس الجمهوري وعودة الاستقبالات والحركة السياسية الى قصر بعبدا، كل هذه المظاهر الخارجية بعثت الأمل في نفوس اللبنانيين، اذ كان مقيضاً لنا الاستمرار في الفراغ لسنوات الى حين انقشاع الرؤية في المنطقة ككل».

وجدد جعجع التأكيد أن «رئيس الجمهورية صنع في لبنان من دون تدخل من أي قوة خارج الأراضي اللبنانية، باعتبار أن الدول الخارجية كانت منشغلة ومهتمة بأمورها أو في أماكن أخرى، وكان لبنان ضمن آخر اهتماماتها»، وقال: «إن الجمهورية ومفهوم الدولة في لبنان كانا في خطر لو أننا استمررنا في الفراغ. ولذا، كان لا بد من عملية إنقاذ جذرية للوضع، وها نحن اليوم على  أبواب تشكيل حكومة جديدة».

مستعجلون على التأليف

وعما وصل إليه وضع تأليف الحكومة، قال جعجع: «نحن مستعجلون جدا لتشكيل هذه الحكومة في أسرع وقت ممكن، والكل يعرف كم قدمنا من تسهيلات وتضحيات للاسراع في تشكيلها، إذ كان من المفترض أن تنال القوات اللبنانية حقيبة سيادية، ولكننا تخلينا عنها من أجل تسهيل عملية التشكيل، ولكي ينطلق العهد الجديد إنطلاقة مميزة. لقد قمنا بكل ما يمكننا فعله لتسهيل ولادة الحكومة، ولكن يبدو أن البعض كان يريد إيصال رسائل بأسرع ما يمكن الى العهد الجديد، فليسمحوا لنا نحن لسنا نزلاء في هذا البلد، ومن حقنا الحصول على أي وزارة كما يحق لغيرنا أيضا».

رسائل الى عون

أضاف: «إن البعض حاول إرسال رسائل غير مباشرة الى الرئيس ميشال عون بأن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لا يشكلان وحدهما الحكومة، ولكننا مع العماد عون لن نقبل باستمرار تركة عهد الوصاية، اذ يوجد لدينا دستور ينص على أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف هما من يشكلان الحكومة» بالتفاهم مع سائر الأطراف.

وتابع: «حين طالبنا بوزارة سيادية رفض مطلبنا، فجاءنا الحل من قبل الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، بعدما تشاورا مع الرئيس نبيه بري بأن يتم منحنا نيابة رئاسة الحكومة وحقيبة وازنة، بدلا من الوزارة السيادية، فقبلنا، ولكننا فوجئنا بأن التشكيلة لم تعلن، وبأنه تم وضع عراقيل جديدة».

تحالف انتخابي تام

وردا على سؤال، قال جعجع: «لست نادما أبدا على تحالف القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وسنسعى سويا إلى إقرار قانون انتخابي جديد، وبإذن الله سنكون على تحالف تام مع التيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية المقبلة، وكذلك مع تيار المستقبل، ونحن على قناعة كاملة بأن هذا التحالف يمكنه إيصال البلد إلى مكان أفضل».

أضاف: «لقد بدأت تتكون تركيبة جديدة في البلد من ثلاث اضلاع: تيار المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وأتمنى أن يكون الرئيس نبيه بري الضلع الرابعة ضمن هذه التركيبة» ومع بري لا يمكن إلاّ أن نتفق.

وعن غياب النائب وليد جنبلاط عن هذه التركيبة، قال جعجع: «إن النائب جنبلاط والدروز جميعا موجودون دوما في صلب المعادلة اللبنانية، وهم يمثلون وجدان الحضور اللبناني، فالدروز لا شيء لديهم أثمن من لبنان، وهم حاضرون في قلب لبنان منذ تأسيسه».

الطائف بدأ اليوم

أضاف: «إن عهد الطائف بدأ اليوم، وليس منذ عام 1990، فخلال عهد الوصاية كانت الحكومات تشكل في عنجر، بعد أن يأتي الضوء الأخضر من الشام، ثم كانت تنتقل التشكيلة الى هنا. في الطائف لا وجود لبدعة الترويكا، إن صلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة محددة في الدستور، وعلينا العودة الى الممارسة الدستورية الصحيحة».

وعن وجود تشنج في العلاقة بينه وبين الرئيس بري، قال: «إن العلاقات بيني وبين الرئيس بري ودية، ولطالما كانت وستبقى على هذا النحو. ورغم الخلاف في وجهات النظر حول تشكيل الحكومة، إلا أنه لا وجود لأي خصومة سياسية».

الرئيس والصفّارة والقرار

وردا على سؤال، قال جعجع: «لدينا رئيس للجمهورية مختلف الآن، يلعب دور الحكم وسوف يصفر عند رؤيته أي خطأ يمس بالدستور» فهو يملك صفارة اضافة الى ان خلقه ضيّق وهو في كل الأحوال رجل القرار.

أضاف: «إن الحكومة ليست loya jirga (جمعية التشاور القبلي في أفغانستان) ليكون الجميع ممثلا داخلها، ففي أي بلد في العالم تضم كل الحكومات كل الأحزاب السياسية مثلا؟ هذا الأمر غير طبيعي».

وعن تخوفه من حصول إقفال للطرق، لاسيما في ظل ما نشهده من «بروفات» متنقلة حاليا، قال جعجع: «نحن مع أي مطلب ضمن حدود القانون، ونحن نؤيد كل المطالب، ولكن لا يجوز كما لا يحق لأحد أن يقفل الطرق، وفي حال تم إقفال الطرق يجب على السلطة أن تبرهن أنها متواجدة على الأرض وتقوم بفتح الطرق فورا».

وأمل جعجع من «العهد الجديد الانطلاق بمعالجة ملفات الفساد»، لافتا إلى أنه «يوجد فساد وعدم كفاءة وإهمال في معالجة أمور الدولة، فأزمة النفايات على سبيل المثال لم تحل بسبب الخلاف حول المناقصات، إن كل مشاكلنا قابلة للحل بدءا من الكهرباء، ولكننا نحتاج الى حكومة فاعلة وعاملة تتخذ قرارات سريعة». وأشار الى محاولة جادة مع الوزير جبران باسيل لحل أزمة الكهرباء ولكن حجبت عنه الاعتمادات… ما أوقعنا في مشكلة مالية مع الشركة المتعهدة. وقال إنه يمكن حل قضية الكهرباء في سنة ونصف السنة.

لن نقبل أي تلاعب بالنفط

وعن ملف النفط، قال جعجع: «لن نقبل بأي عبث أو تلاعب في موضوع النفط، الذي هو ثروة طبيعية وطنية، ونحن سنبقي عيوننا مفتوحة لمراقبة أي خلل، وقد عقدنا مؤتمرا حول شفافية هذا القطاع، وسنسهر على حمايته والحفاظ عليه لنا وللأجيال اللاحقة».

ووصف جعجع الوضع الأمني في لبنان بـ»الجيد جدا مقارنة مع الوضع في الشرق الأوسط»، مشيرا الى ان «لا مخاطر على البلد في ظل وجود الجيش اللبناني الذي يتصدى لأي خطر محدق بلبنان، وأكبر دليل العملية الاستباقية التي قام بها اليوم».

ضغط النزوح

وفي ملف النازحين، قال جعجع: «إن القوات لا يمكن أن تتجاهل إطلاقا البعد الانساني لهذا الملف، ولكن البنى التحتية في لبنان لم تعد تحتمل هذا الكم الهائل من النازحين، اذ بات بلدنا يستقبل أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري، إضافة الى وجود نصف مليون فلسطيني على أراضيه مع عدد مواطنين أربعة ملايين نسمة. مشكلة النزوح باتت عبئا ثقيلا، لذا نطلب من الدول العربية والدولية مساعدتنا في هذا الملف. كما يجب علينا الفصل بين اللاجئ السياسي واللاجئ الاقتصادي وإعادة اللاجئين الاقتصاديين الى بلادهم».

الانتخابات في موعدها

وعما اذا ما كان مع تأجيل الانتخابات النيابية في حال عدم اقرار قانون انتخابي جديد، قال جعجع: «إن القوات اللبنانية تؤيد حصول الانتخابات في موعدها حتى ولو كان وفق القانون الحالي، ولكننا سنضع كل ثقلنا لعدم تأجيل موعد الانتخابات واقرار قانون جديد».

ومن أبرز ما تضمنه كلام الدكتور جعجع أنَّ القادة والزعماء العرب لم يرفضوا في أي يوم من الأيام الزعيم اللبناني المسيحي الواضح والصريح.