IMLebanon

“الجمهورية”: كورونا يضرب.. والتصنيف ينحدر.. والحدود الجنوبية: إحتمالات مفتوحة

الحدث كان في الجنوب أمس، مع التوتر الذي ساد في منطقة العرقوب، والقصف الاسرائيلي على مدى نحو ساعة للمناطق اللبنانيّة المقابلة لمزارع شبعا، في محيط كفر شوبا وصولاً الى بلدة الهبّارية في قضاء حاصبيا، في ما بَدا انه رَد على عملية نفّذها «حزب الله» ضد الجيش الاسرائيلي في المنطقة رداً على مقتل أحد عناصره الذي يُدعى علي محسن في غارة إسرائيلية في سوريا.
واذا كان «حزب الله» قد نفى علاقته بما حصل، مؤكداً عدم القيام بأية عملية، لافتاً الى انّ ما حصل هو إطلاق نار من طرف واحد، اي من الجانب الاسرائيلي، متوعّداً برَد مزدوج على مقتل محسن وقصف المنزل في بلدة الهبّارية، برزت تساؤلات حول خلفيات ومرامي السيناريو الاسرائيلي الذي عرض في الميدان العسكري، والذي أعقبه دَفع اسرائيل لتعزيزات عسكرية الى المنطقة المحاذية للحدود مع لبنان.

 

«حزب الله»

 

ومساء امس، أصدرت المقاومة الاسلامية بياناً جاء فيه: «يبدو أنّ حالة الرعب التي يعيشها جيش الاحتلال الصهيوني ومستوطنوه عند الحدود اللبنانية، وحالة الاستنفار العالية والقلق الشديد من ردّة فِعل المقاومة على جريمة العدو التي أدّت إلى استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن، وكذلك عجز العدو الكامل عن معرفة نوايا المقاومة، كلّ هذه العوامل جعلت العدو يتحرك بشكل متوتر ميدانياً وإعلامياً على قاعدة «يحسبون كل صيحة عليهم».

 

أضاف البيان: «إنّ كل ما تَدّعيه وسائل إعلام العدو عن إحباط عملية تسلل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة، وكذلك الحديث عن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة في عمليات القصف التي جرت في محيط مواقع الاحتلال في مزارع شبعا، هو غير صحيح على الإطلاق، وهو محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة».

 

وتابع: «تؤكد المقاومة الإسلامية أنه لم يحصل أي اشتباك أو إطلاق نار من طرفها في أحداث اليوم حتى الآن، وإنما كان من طرف واحد فقط هو العدو الخائف والقلق والمتوتر. وإنّ رَدّنا على استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن، الذي استشهد في العدوان الصهيوني على محيط مطار دمشق الدولي، آتٍ حتماً، وما على الصهاينة إلّا أن يبقوا في انتظار العقاب على جرائمهم. كما أنّ القصف الذي حصل اليوم على قرية الهبّارية وإصابة منزل أحد المدنيين لن يتم السكوت عنه على الإطلاق. وإنّ غداً لناظره قريب».

 

الرواية الاسرائيلية

 

وبحسب الرواية الاسرائيلية التي تناقلتها وسائل الاعلام الاسرائيلية، فإنّ الجيش الاسرائيلي تبادلَ النار مع خلية لـ»حزب الله» في منطقة جبل دوف الى الشمال من المطلّة. وقام بتصفيتها أثناء محاولتها التسلل الى البلاد بعد ان أطلقت النار صوب قوّة منه.

 

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو الحادث بـ»المعقّد والخطير جداً». وقال: «لن نسمح لإيران بالتموضع عسكرياً على حدودنا مع سوريا، ولبنان و»حزب الله» يتحملان مسؤولية أي اعتداء ينطلق ضدنا. والجيش الإسرائيلى مستعد لجميع السيناريوهات. نحن نعمل على جميع الساحات من أجل أمن إسرائيل – قرب حدودنا وبعيداً عنها-».

 

وبعد اجتماع أمني مع وزير الدفاع بيني غانتس، أكد نتنياهو الرواية الاسرائيلية، وقال: «حزب الله» ولبنان يتحمّلان المسؤولية، مشيراً الى انّ أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله «يورّط لبنان»، واقترح «ألّا يعود لارتكاب ذات الخطأ مجدداً عندما دفع لبنان سابقاً الثمن».

 

امّا غانتس فكرر الرواية ذاتها، وقال: «لبنان وسوريا يتحملان مسؤولية اي عملية ارهاب تنطلق من اراضيهما، وكل ما يقومان به سيلقى رداً عظيماً ومؤلماً. وأقول بشكل لا يقبل التأويل، جيش الدفاع مستعد لأي رد».

 

من جهته قال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان، انّ «نصرالله أثبتَ مع الأسف أنّ الكلمة عنده كلمة، والعين بالعين، والسن بالسن»، لافتاً إلى أنه «قُتل عنصر واحد من «حزب الله» في دمشق والآن الشمال كله مشلول».

 

كورونا

 

داخلياً، اذا كانت الازمة المالية قد حفرت بانهيارها عميقاً في إفلاس الناس، فإنّ الانهيار الاكثر من مريع هو الذي يطرق باب كل لبناني من وكر الوباء الخبيث، الذي يوشِك على التفشّي المجتمعي وفقدان السيطرة عليه، هذا اذا لم تكن هذه السيطرة على الوباء الخبيث قد فقدت تماماً، خصوصاً انّ القفزات الخطيرة التي يسجلها عداد الاصابات بوباء «كورونا» يومياً (132 اصابة امس)، توحي وكأنّ لبنان قد دخل فعلاً مرحلة العد التنازلي نحو المصير الكارثي الموبوء!

 

ومع التوجّه الى اقفال البلد لأسبوعين من دون اقفال المطار، فإنه في ما تبقّى من وقت للبنان، لم يعد السكوت جائزاً، والمسؤولية لا تقع فقط على سلطة مهترئة أصلاً، بل هي تقع على المواطن بالدرجة الاولى. وتَراخيه على ما هو حاصل، هو جريمة بحد ذاتها، ولن تقوم له قائمة إذا ظل مُمعناً في ارتكابها، ومُهملاً لأبسط واجب عليه بحماية نفسه وعائلته ومجتمعه، وبالتالي وطنه المنكوب.

 

واذا كانت السلطة قد تغنّت يوماً بمقولة «لا داعي للهلع»، فإنّ على المواطن في هذه الفترة الموبوءة، التي تعدّ المرحلة الرابعة والاخطر من انتشار الوباء، أن يُصاب بالهلع فعلاً، وواجب السلطة هنا ان تزيد من هَلعه، بإجراءات زَجرية قاسية ورادعة له، على غرار ما هو معتمد في العديد من الدول التي لم تكتف فقط بالاعلان عن إجراءات وقائية ينبغي تَقيّد المواطن بها، بل أن تقرنتها بغرامات هائلة وأحكام بالسجن لسنوات بحق المخالفين لتلك الاجراءات.

 

الّا انّ اي اجراء يفترض ان يتخذ، يوجِب بالحد الادنى الاستفادة من تجربة الاقفالات السابقة، وعدم تكرار ثغراتها، وأقله ان تستنفر أجهزة الدولة الامنية على اختلافها، نحو الفرض الالزامي للتقيد بالاجراءات والتعليمات وليس تكرار الرخاوة السابقة، التي أسّست للمنحدر الكوروني الذي يهوي اليه البلد. ويجب ايضاً التشدد مع المختبرات التي تصدر نتائج (PCR) مَغلوطة، كما حصل على سبيل المثال مع النائب جورج عقيص إضافة الى العديد من المواطنين، وعلى وجه الخصوص أبناء بلدة قرطبا.

 

سلطة معطّلة… وعطلة

 

في المقلب الآخر للأزمة الداخلية، فإنّ السلطة المعطّلة تتحضّر للدخول في عطلة عيد الاضحى، ما يعني انّ الاسبوع الجاري مَيّت بالمعنى الحكومي. كما لا ينتظر أن تحمل مرحلة ما بعد العيد أي تطور نوعي على صعيد الاصلاحات التي قالت الحكومة انها ستمضي بها، كما لا ينتظر ان تحمل أكثر من المراوحة نفسها في دائرة السلبية نفسها المعطّلة للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي تؤكد معلومات «الجمهورية» انه يواصل إرسال الإشارات السلبية الى الجانب اللبناني بأنه لن ينتظر طويلاً وانّ القرار بتعليق المفاوضات مع لبنان اصبح على الطاولة، وإعلانه او تجميده وصَرف النظر عنه، رَهن بمبادرة السلطة اللبنانية الى خطوات مُقنعة للصندوق، أقلّها المقاربة الموحدة لأرقام خسائر لبنان».

 

والواضح انّ امتعاض صندوق النقد، كما تؤكد المعلومات، هو إخلال السلطة بالوعد الذي قطعته بداية الاسبوع الماضي بأنها ستصل في فترة أقصاها يوم الجمعة الماضي الى مقاربة موحّدة لأرقام الخسائر، وهو ما لم يحصل، بل بالعكس، تفاقَم التباين مع استعانة السلطة بشركتها الاستشارية «لازارد»، وانفجر الخلاف مع المصارف برفضها ما تصرّ عليه «لازارد»، أولاً لناحية الاصرار على خطتها السابقة للتعافي، وثانياً لناحية إصرارها على شطب الخسائر عبر «الهيركات»، وبالتالي نَأيها بالدولة عن أي شَراكة للدولة او اي دور تعويضي لهذه الخسائر، فيما قانون النقد والتسليف في مادته الـ113 يُلزمها بذلك. وبحسب مصادر مصرفيّة لـ«الجمهورية» فإنّ «الهيركات»، إذا تمّ الاصرار عليه، معناه إعدام النظام المصرفي، وهذا بطبيعة الحال سيُبقي الصراع مفتوحاً على مصراعيه، على مواجهة قاسية مع السلطة في الآتي من الأيّام».

 

المفاوضات مع الصندوق

 

في ملف المفاوضات مع صندوق النقد، كشف مصدر مالي رفيع لـ«الجمهورية» انّ المفاوضات لم تتوقف في الاساس، وانّ الاتصالات مستمرة، ولو انّ تقدّمها ينتظر الوصول الى اتفاق بين الحكومة ومصرف لبنان والمصارف لإطلاق خطة واحدة بأرقامها ومقارباتها.

 

ويوضح المصدر انّ صندوق النقد الدولي طلبَ من الحكومة اللبنانية ان تقدّم له خطة مُتّفق عليها بين الاطراف المعنية لكي يستطيع ان يناقشها.

 

وعن سِر تَمسّك الحكومة بموافقة «لازارد» على الخطة، أوضح المصدر انّ هذه الموافقة تسهّل الحصول لاحقاً على موافقة صندوق النقد الدولي، ولذلك تفضّل الحكومة أن تحصل على موافقتها، لكن لا صحة لِما يُشاع أنّ «لازارد» تملك حق وضع فيتو على الخطة الحكومية.

 

وأكد المصدر انّ المفاوضات مع صندوق النقد لن تتوقف قبل الحصول على برنامج مساعدة، «وهذا من حق لبنان، مثلما هو من حق كل دولة عضو في الصندوق وتتقدّم بطلب برنامج مساعدة. مع الاشارة الى انّ جائحة كورونا زادت من حجم طلبات المساعدة من الدول الاعضاء في صندوق النقد.

 

جابر

 

وعلى صعيد تطور المفاوضات لتوحيد الارقام والمقاربات، سأل النائب ياسين جابر: مَن أعطى لـ»لازارد» حق الفيتو على أي خطة إنقاذية يضعها لبنان؟

 

وقال لـ«الجمهورية: «لازارد» جاءت على اساس انها مستشار مالي لملف اليوروبوندز، لكنها تحوّلت بين ليلة وضحاها، ومن دون ان نعرف لماذا، الى مستشار يملك حق الفيتو في خطة التعافي الحكومية.

 

وكشف جابر انّ «لجنة المال والموازنة كانت على وشك مطالبة وزارة المالية باطلاعها على تفاصيل العقد مع «لازارد»، خصوصاً انّه من المستغرب ألّا نعرف شيئاً عن مضمون هذا العقد، لكن طرأت مشكلة النائب عقيص، وأجّلنا الموضوع. لكننا سنتابعه لنعرف ماذا يحوي هذا العقد، ومن ثم نبحث اذا كان ضرورياً اطلاع الرأي العام على تفاصيله».

 

وأخيراً، قال جابر: في كل الاحوال الموضوع ليس موضوع خسائر وارقام، بل انّ المهم هي الاصلاحات. والوزير الفرنسي لو دريان لم يتحدث عن الارقام، بل حَصر حديثه بالاصلاحات، وهذا هو المطلوب من الحكومة أن تسعى لإنجازه حالياً.

 

خفض التصنيف

 

الى ذلك، توالت الاخبار السيئة على المستوى المالي، إذ اعلنت وكالة «موديز» خفض التصنيف الائتماني للبنان من CA الى C. ورغم انّ التصنيفين سيئين ويعنيان انّ لبنان دولة متعثرة، الّا انّ التراجع الى رتبة C سيؤدي الى مزيد من الضغوطات على المصارف وعلى اسعار اليوروبوندز الذي كان يتم تداوله في الاسواق بأقل بنسبة 70 الى 80 في المئة من سعره الرسمي. وقد تنخفض الاسعار اكثر مع خفض التصنيف.