IMLebanon

الجمهورية: ضياع سياسي حول التكليف.. وعون ينتظر إتّضاح الصورة

 

تبدلّت الأولويات من أولوية التأليف إلى أولوية التكليف، حيث تتركّز الأنظار على دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المنتظرة الى الإستشارات النيابية الملزمة، من أجل تكليف رئيس حكومة جديد بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، الذي يبدو أنّ اعتذاره شكّل مفاجأة للعهد الذي لم يكن يتوقعها، بدليل عدم جهوزيته لهذه الدعوة، وإطلاقه عملية البحث عن البديل التي لا تدلّ المؤشرات الى انّها ستكون سهلة او قريبة، فيما التكليف لا يعني أساساً التأليف بعد تجربتي الدكتور مصطفى أديب والحريري.

 

لن يدعو رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة قبل اتضاح الصورة، فتأتي ترجمة لعملية استمزاج الآراء التي يكون قد لجأ إليها واتفق بموجبها مع القوى المعنية بالتكليف فالتأليف، على تسمية شخصية معينة لرئاسة الحكومة، ولكن لا يبدو حتى اللحظة انّ هذا الاتفاق قد حصل، فيما تجري الاستشارات على وقع ضغط دولي من جهة، وضغط مالي من جهة أخرى مع استمرار التدهور على هذا المستوى. وقد تكون رحلة البحث عن رئيس مكلّف طويلة، بفعل خمسة عوامل أساسية لا بدّ من ان تأخذها اي شخصية طامحة لهذا الموقع في الاعتبار:

 

ـ العامل الأول من طبيعة مالية مع الانهيار الواسع وصعوبة الخروج منه، حيث لن يكون من السهل على اي كان نقل كرة النار إلى حضنه.

 

ـ العامل الثاني من طبيعة سنّية مع الموقف السنّي المتحفّظ عن التعامل مع رئيس الجمهورية، من نادي رؤساء الحكومات السابقين، إلى المرجعيات والقوى على اختلافها، وبالتالي لن يكون من السهل على شخصية طامحة للتكليف ان تدخل الى السرايا الحكومية من دون الغطاء السنّي.

 

ـ العامل الثالث من طبيعة سلطوية، مع عدم ثقة الرئيس المكلّف في انّ الفريق الحاكم سيتعاون تحقيقاً للإصلاحات، ويستند في ذلك إلى التجارب الممتدة منذ تكليف الرئيس حسان دياب إلى اليوم.

 

ـ العامل الرابع من طبيعة شعبية، مع ضيق صدر الناس بسبب تردّي الأوضاع وعدم منحهم فرصة سماح للحكومة.

 

ـ العامل الخامس من طبيعة دولية، حيث أثبتت التجربة منذ تفجير مرفأ بيروت أقلّه، والاستنفار الدولي حيال لبنان، انّ قدرة عواصم القرار الدولية على فرض الحلول محدودة.

 

وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية»، انّه لا يمكن لأي شخصية طامحة للتكليف إلّا ان تأخذ في الاعتبار العوامل أعلاه، حيث انّ أحداً لن يجازف بإحراق ورقته وصورته، لأنّ التكليف فالتأليف في ظلّ غياب الضمانات المطلوبة من السلطة من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى، ستكون مهمة أقل ما يُقال فيها إنّها انتحارية.

 

ضياع

 

الى ذلك، ابلغت اوساط مطلعة الى «الجمهورية»، انّ هناك نوعاً من الضياع على مستوى القيادات السياسية في شأن اسم الشخصية التي يمكن أن يناط بها تشكيل الحكومة. واشارت إلى أنّ أي جهة ليس لديها بعد تصور واضح إزاء الاسم الذي يمكن أن يشكّل قاسماً مشتركاً، أو يملك القدرة على تجميع اكثرية نيابية حوله.

 

ونبّهت الاوساط الى انّه اذا جرت الاستشارات النيابية الملزمة في ظل هذه الظروف، فإنّ كل الاحتمالات ستصبح واردة عندها، ولا يمكن مسبقاً ضبط النتيجة التي ستؤول اليها الاستشارات، علماً انّ الرئيس عون يستعجل الدعوة اليها، بمعزل عمّا اذا كان سيجري توافق او تكوين اكثرية حول خيار محدّد ام لا. ولفتت الى انّ اياً من الخيارات المتداولة حالياً لا يحظى حتى الآن بالعلامات الكافية للفوز بالتكليف.

 

الاستشارات تنتظر المشاورات

 

وفي جديد الملف الحكومي، انّ البلاد لم تخرج بعد من «صدمة» اعتذار الحريري، التي فرضت نوعاً من المراجعة للمرحلة السابقة، وما يمكن القيام به في المستقبل لمواجهة الشغور الحكومي.

 

وقالت مصادر مراقبة لـ «الجمهورية»، انّ الفريق الرئاسي لم يكن يتوقع هذا القرار في هذه السرعة، بعد التداول بسيناريوهات عدة تتحدث عن مراوغة تمتد طوال شهري تموز وآب، ليأتي الإعتذار في ايلول المقبل، عندما تدخل البلاد في مدار الانتخابات النيابية، بغية فرض اللجوء الى حكومة انتخابات.

 

وعليه، قالت المصادر، انّ الحديث المتمادي عن اتصالات بهذه الشخصية او تلك لم تخرج بعد من باب التكهنات. فبعض الأسماء المتداولة طُرحت في اوقات سابقة منذ استقالة حكومة الرئيس حسان دياب في 10 آب الماضي، وقبل ان تخوض السلطة تجربة تكليف السفير مصطفى أديب، وتلك التي رافقت تسمية الحريري للمهمّة نفسها. مع العلم انّه لم يتوافر اي إجماع على اي منها. ومردّ ذلك، انّ مواقف الأطراف المؤثرة في العملية السياسية ما زالت على حالها، باستثناء حرد البعض وتموضع آخرين مؤقتاً في هذه الجهة او تلك. وعليه، فإنّ الحديث عنها مجرد عملية لهو لا نتائج عملية لها.

 

الحريري عاد الى ابو ظبي

 

وشهد القصر الجمهوري في عطلة نهاية الأسبوع هدوءاً ملحوظاً. وفي غياب اي تنسيق او إتصال بين بعبدا وعين التينة، لم يُسجّل اي نشاط بارز يتصل بتحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة التي سيدعو اليها رئيس الجمهورية تمهيداً للتكليف والتأليف.

 

ولفتت مصادر قريبة من القصر الجمهوري عبر «الجمهورية»، الى انّ عون لم يحدّد هذا الموعد بعد لسبب وجيه، يتصل بانتظاره النتائج التي سيفضي اليها الجهد المبذول على مستوى بعض الموفدين القريبين لجوجلة بعض الأسماء المطروحة لتكليف واحد، من بينها تأليف الحكومة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد ومضمون المواقف الدولية التي واكبت العملية السابقة قبل انتهائها. ذلك انّ الضرورة تفرض التفاهم مسبقاً على الشخصية التي تحظى بالأكثرية النيابية الضرورية، من اجل تحديد الموعد اختصاراً لبازار يمكن اذا فُتِح من شأنه ان يقود البلاد الى حال من الفوضى ولا يوصل الى من يتوافر حوله اجماع وطني من مختلف الاطياف.

 

مواقف

 

وفي جديد المواقف السياسية من التطورات الجارية، طالب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد من الديمان أمس، «بإسم الشعب الفقير والمقهور والجائع والمشتت كخراف لا راعي لها، وبإسم وطننا لبنان الواقع في حال الانهيار»، القوى السياسية، كافة بـ»أن تتكاتف بحكم المسؤولية الوطنية، وتتشاور في ما بينها، وتسمّي في الاستشارات النيابية المقبلة شخصية سنّية لرئاسة مجلس الوزراء الجديد، تكون على مستوى التحدّيات الراهنة، وتتعاون للإسراع في التأليف». وقال: «إنّه وقت تحمّل المسؤوليات لا وقت الانكفاء. فالبلاد لا تواجه أزمة حكومية عادية، بل أزمة وطنية شاملة تستدعي تضافر الجهود من الجميع، وتواجه انقلاباً جارفاً على النظام والدستور والمؤسسات الشرعية، وتفككاً للقوى الوطنية التي من شأنها خلق واقع سياسي جديد يعيد التوازن ويلتقي مع مساعي الدول الصديقة. ينبغي بحكم المسؤولية الوطنية تجاوز الأنانيات والمصالح والحسابات الانتخابية الضيّقة التي تسيطر بكل أسف على عقول غالبية القوى السياسية، على حساب المصلحة الوطنية العليا». وإذ سأل الراعي: «كيف تسير الدولة من دون السلطة الإجرائية؟ فيها منوط إجراء الإصلاحات في البنى والقطاعات التي هي شرط للدعم الدولي المالي من أجل قيام الدولة وإنقاذها من حال الانهيار؟، اكّد «انّ ما جرى ويجري من إهمال وانتفاء للحوار والتعاون، يعزز فكرة عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، لإخراج لبنان واللبنانيين من ضيقتهم المتعددة الوجوه. فالجماعة السياسية تعطي كل يوم الدليل بعد الدليل على عجزها عن القيام بأبسط واجباتها تجاه الشعب والوطن، وعلى فشلها في الحفاظ على مؤسسات الدولة واستقلالية الشرعية الوطنية». واعتبر انّ «هذه الجماعة عاجزة عن حلّ للمسائل اليومية البسيطة كالنفايات والكهرباء والغذاء والدواء والمحروقات، وعاجزة عن مكافحة الفساد، وتسهيل عمل القضاء، وضبط ممارسة الوزارات والإدارات، وإغلاق معابر التهريب والهدر، وعاجزة عن تحصين نفسها بتأليف حكومة، وعاجزة عن معالجة القضايا المصيرية كإجراء إصلاحات وترسيم حدود وحسم خيارات الدولة، واعتماد الحياد».

 

عوده

 

من جهته متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، توجّه في قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.

 

الى المسؤولين قائلاً: «أيها المسؤولون، إن كنتم مسؤولين، اعملوا على إحقاق الحق ونبذ التجاذبات والحقد والمناكفات والخصومات والمماحكات، لأنّها لا تنفع أحداً». واضاف: «إنّ تغليب العواطف الشخصية السلبية لا يجدي ولا يبني بلداً، المطلوب من الجميع، بلا استثناء، التخلّي عن العناد، واعتماد الحوار والتواصل الإيجابي البنّاء، وتقديم التضحيات. الشعب جائع، الأطفال بلا حليب، المرضى بلا دواء، الظلام دامس، الحر حارق، الليرة في أدنى مستوياتها ولم نشهد تنازلاً لإنقاذ البلد من هذا الجحيم. لقد سرقتم حياة اللبنانيين وآمالهم، وقضيتم على طموحاتهم وأوصلتم البلد إلى أقصى الجحيم. ما هذا العبث الصبياني بمصير البلاد والعباد؟ ألا تعرفون الرحمة؟ والتوبة؟ والبكاء على الأخطاء؟ تذكّروا أنّ الله كما أنّه كثير الرحمة هكذا هو شديد العقاب، فيقضي على الرجل بحسب أعماله».

 

قبلان

 

ولاحظ المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، انّ لبنان تحول ساحة متاريس دولية، الى درجة أنّ السفيرة الأميركية سابقت الجميع بافتتاح السباق الانتخابي من المنصّة الغذائية التي نهشها الدولار الأميركي، وحوّل أكثرية هذا البلد جوعى معدمين، مع إصرار أميركي على منع أي إنقاذ دولي أو إقليمي إلّا عبر أجندة استسلام سياسي». واعتبر أنّ «الحل الملح الآن يمر بوقف إطلاق النار سياسياً، لأنّه لم يبق عندنا مقدس إلّا بقية هذا البلد، فإذا طار البلد طارت مقدساتنا وصرنا شعباً نازحاً في وطن ضيّعه أهله، والمطلوب كسر الجليد لأنّ البلد لا يقوم إلّا بتضامن قواه السياسية وتبديد القلق والإتفاق على المرحلة الجديدة، لأنّ الوضع السياسي وصل الى درجة يحتم علينا ضرورة الإتفاق على كل شيء قبل الموافقة على أي شيء، علّنا نخرج بحكومة غسيل قلوب تعيد الأمل بإطفاء نار هذا البلد المظلوم».

 

غجر وابراهيم الى بغداد

 

على صعيد ازمة الفيول التي تعاني مؤسسة كهرباء لبنان منها في ظل التهديد بالعتمة شبه الشاملة، كشفت مصادر نفطية مطلعة لـ»الجمهورية»، انّ وزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم سيتوجهان نهاية الأسبوع الجاري، وتحديداً بعد عطلة الأضحى المبارك، الى بغداد يرافقهما وفد كبير من مسؤولي الوزارة ومؤسسة كهرباء لبنان، من اجل وضع اللمسات الأخيرة على الإتفاق الذي تقرّر بموجبه رفع الهبة العراقية من النفط الخام الى لبنان مليون طن في اقرب وقت ممكن.

 

وتوقعت المصادر ان يستفيد لبنان من هذه الهبة ابتداء من مطلع آب المقبل، وستكون المواد الصالحة للاستهلاك في خزانات معامل الكهرباء قبل منتصف آب المقبل، وهي كميات كافية لضمان الإستقرار في انتاج الطاقة لمدة 7 اشهر على الأقل.

 

نقابة المهندسين

 

من جهة ثانية، فاز أمس المهندس عارف ياسين من لائحة «النقابة تنتفض» بمنصب نقيب المهندسين، حاصداً 5798 صوتاً في النتائج النهائية لإنتخابات نقابة المهندسين في بيروت، مقابل 1528 صوتاً لباسم العويني و1289 لعبدو سكرية. وبلغ العدد النهائي للمقترعين 8842. وحصدت «النقابة تنتفض» 72% من أصوات المقترعين مقابل 28% لأحزاب السلطة.

 

وقال ياسين بعد فوزه: «اليوم اتّسعت نقابة المهندسين لتصبح بحجم وطن»، لافتاً إلى أنّه «اليوم بدأت المعركة الحقيقية الكبرى لتحقيق كل ما تحدثنا عنه ووعدنا به». وأضاف: «منذ 17 تشرين إلى اليوم والنقابة تعاني، وهي في قلب العاصفة والبلد في قلب الكارثة، لذلك لم ننتظر أحداً أن يأتينا بحلول، فالذي أوصلنا إلى هذه الكارثة لا يمكن أن ينتج حلولاً»، لافتا إلى أنّه «على عاتقنا جميعاً ومسؤوليتنا أن نحمي نقابتنا ونحمي وطننا». وأكّد أنّ «برنامج النقابة تنتفض هو لكلّ المهندسين، ولتطوير النقابة وليس هناك من مستحيل، مهما بدت الأمور صعبة، فالآمال الكبيرة تبدأ بحلم ويحوّلها العمل إلى حقيقة». وختم: «بإسمي وبإسم ائتلاف النقابة تنتفض، ندعوكم بقلوب وعقول منفتحة للعمل سوياً لتحقيق برنامجنا. ونحن جاهزون للتعاون مع اي فكرة أو طرح فيه مصلحة للنقابة وللمهندسين».

 

وغرّدت صفحة «النقابة تنتفض» عبر «تويتر»: «اليوم النصر لروحية 17 تشرين، بفوز عارف ياسين مع 9 أعضاء في مجلس النقابة و4 في صندوق التقاعد بفارق اصوات تخطّى 3 اضعاف، معهم تحرّرت نقابة المهندسين من سيطرة احزاب السلطة وحققت النقابة تنتفض إنتصارها في مجلس النقابة بمرشحيها وبرنامجها».