IMLebanon

مانشيت:حديث عن مسوَّدة قانون قيد البحث.. والحريري: الحلّ قاب قوسين

فيما تتقاذف الاستحقاقَ النيابي موجاتٌ من التفاؤل بحلٍّ بات قاب قوسين أو أدنى، مثلما أكّد رئيس الحكومة سعد الحريري، يُفترض أن يتوافر قبل انتهاء الولاية النيابية، وتُقابلها موجاتُ تشاؤمٍ تبعَث على الخوف من الدخول في الفراغ، رشَح من أجواء مجلس الوزراء أنّ ثمّة مسوّدةَ مشروع قانون انتخابي تقوم على النسبية الكاملة والدوائر المتوسطة يَجري إعدادها في الكواليس. لكن ما استوقف المراقبين أمس كان دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الوزراءَ إلى التفكير في «أيّ مِن الخيارين أفضل» التصويت على مشروع قانون الانتخاب أم الفراغ؟ ما اعتُبر ابتعاداً عن منطق التوافق وردّاً على دعوات البعض إلى أن يكون قانون الانتخاب قانونَ تسوية بعد فشلِ كلِّ المحاولات وسقوطِ كلّ الصيغ التي طرِحت لهذا القانون.

لم يتحوّل مجلس الوزراء العائد من توقّف قسري لثلاثة أسابيع في جلسته أمس ساحةً لنقلِ التوتر الذي طبَع المناخات السياسية في الأيام الماضية، بل على العكس، فقد ابتعد بالجلسة عن الاضطراب في الخطاب والسجال في المناقشات حول قانون الانتخاب، وساعد على إرساء هذه الأجواء ثلاثة أمور، بحسب ما قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»:

الأول: توصّلَ المتفاوضون الى ما يشبه صورة اوّلية تخضع حالياً للتشاور في شأنها مع الاطراف السياسية.

ثانياً: كلام رئيس الجمهورية الذي اكّد فيه أنّ قانون الانتخاب لن يأخذ من طائفة على حساب طائفة أخرى، ولا يجب ان يُقارَب من منظار طائفي. وكذلك كلام رئيس الحكومة الذي كشف فيه انّ «الحلّ الشامل بات قاب قوسين أو أدنى».

ثالثاً: تدوين موافقة جميع الوزراء الممثلين لمختلف القوى السياسية على رفض التمديد في محضر الجلسة.

وعلمت «الجمهورية» انّ مسوّدة قانون الانتخاب التي يُعمَل عليها بعيداً من الاضواء ستخضع للتشاور الكثيف خلال الساعات المقبلة وتَعتمد النسبية الكاملة مع تقسيم لبنان الى دوائر متوسطة وهي ليست نهائية ولا يمكن الاعتداد بها قبل موافقة الجميع عليها.

التوافق أم التصويت

كذلك علمت «الجمهورية» أنّ مبدأ التصويت اثارَه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الجلسة مِن باب «الخيار الأصعب»، وقال للوزراء إنّ المادة 65 من الدستور واضحة، إمّا التوافق، وإذا تعذّرَ -لا سمح الله- (وكرّرها 3 مرّات) فالتصويت، وإنّ الذهاب الى التصويت هو خيار دستوري، وأنا اقسمتُ اليمين على الدستور وملتزم بتطبيقه. فأيُّهما افضل التصويت ام الفراغ، فكِّروا في الموضوع».

وأضاف: «نحن نظامنا طائفي، ولكن هذا لا يعني أن تتناحر الطوائف في ما بينها. صحيح أنّ كلّ طرف منّا يسعى الى المحافظة على حقوق طائفته، لكن لا أحد يريد منّا أن يأخذ من الآخر، وإلّا فلماذا نضع قانوناً انتخابياً يؤمّن عدالة التمثيل ضمن الطوائف.

وطلب وزراء «القوات اللبنانية» الكلام بعد كلمتَي عون ورئيس الحكومة سعد الحريري وطالبوا باعتماد التصويت بديلاً من الفراغ إذا وقعَ الخيار، الامر الذي رفضَه بعض الوزراء وكان منهم الوزير مروان حمادة الذي قال: «إنّ هذا القانون تأسيسي ويجب ان يحظى بموافقة كلّ المكوّنات السياسية. صحيح أنّ الدستور ينص على التصويت ولكنّ العرفَ في لبنان، وخصوصاً في المسائل الكبرى، هو التوافق».

وقد انتهى النقاش في موضوع قانون الانتخاب عند هذا الحد مع طرحِ معادلةٍ جديدة هي التصويت ام الفراغ وتركِ الباب مفتوحاً امام احتمالين: إحياء اللجنة الوزارية او العودة الى مجلس الوزراء عند حدوث ايّ جديد. ولوحِظ تبدُّل الانطباعات عند معظم الوزراء من انّ الامور لن تصل الى حائط مسدود لأنّ هناك ليونةً في المواقف.

قانون لا يستفزّ

وعلمت «الجمهورية» من مصادر قريبة من رئيس الحكومة انّ ملف قانون الانتخاب حضَر في مشاورات ودردشات جانبية بين رئيس الحكومة وبعض الوزراء على هامش جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، وأنّ ما هو منتظر في الأيام المقبلة سيُلقي الضوء على ما تَحقّق.

وحول تفاؤلِ رئيس الحكومة بإمكان الوصول الى قانون جديد، قالت المصادر لـ«الجمهورية» إنّ اليومين المقبلين سيشهدان مزيداً من اللقاءات المعلنة لتعزيز ما تمَّ التفاهم في شأنه من عناوين يمكن التأسيس عليها. وفيما لم تشَأ الكشفَ عن عناوين القانون الجديد وشكلِه، قالت المصادر إنّ ما تمّ التفاهم عليه «يعزّز الجوّ الإيجابي ويؤسس لقانون لا يستفزّ أحداً»

خليل

وقال الوزير علي حسن خليل في دردشة بعد الجلسة تعليقاً على موضوع التصويت في شأن قانون الانتخاب: «هم الذين كرّسوا وتمسّكوا بالتوافق في السابق، وأدّى موقفُهم الى تعطيل المجلس والحكومة لأكثر من سنتين ونصف سنة، ها هم اليوم ينقلبون على موقفهم السابق ويطالبون بالتصويت، مع العِلم انّ الوضع اليوم بالنسبة الى قانون الانتخاب يفرض التوافقَ ولا غير ذلك. وإذا كانت المادة 65 من الدستور تنصّ على التصويت فهناك ما هو أقوى منها في الدستور لجهةِ ما ورد في مقدّمته التي تُشدّد على العيش المشترك.

فنيش

قال الوزير محمد فنيش لـ«الجمهورية»: «أكّدتُ خلال الجلسة على كلام السيّد حسن نصرالله الأخير، لجهة عدمِ القبول بالفراغ أو التمديد، كما أنّ قانون «الستين» لا يمكن السير به، وبالتالي من المتعيّن أن نذهب الى قانون انتخاب جديد. وقانون الانتخاب يحتاج الى تفاهم بعيداً من أجواء التحدي، وحانَ الأوان للخروج من هذه الدوّامة، ونحن لسنا مع التصويت بل مع التفاهم».

وأضاف: «واضحٌ أنّ هناك روحية عمل جديدة بين رئيسَي الجمهورية والحكومة يجب البناء عليها، وتجسّدَت اليوم (أمس) بخطوة رئيس الجمهورية الملفِتة عندما طلب من الحريري ترؤسَ الجلسة من دون رفعِها».

ودعا فنيش إلى «التفكير في فرَص الإصلاح، وإنّ طرح النسبيةِ الكاملة مع مجلس الشيوخ يجب التعاطي معه بإيجابية والوصول الى تفاهم في شأنه. الوقت أصبح ضاغطاً ولم يعد هناك هامش للمناورة، الجميع بدأ يشعر بأنّ مصير البلد في خطر، ونحن لم نقترب فقط من حافة الهاوية بل نتدلّى منها».

إشتباك كهربائي

ومن جهةٍ ثانية علمت «الجمهورية» انّ خطة الكهرباء أثيرَت في جلسة مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، وذلك عندما سأل الحريري: أين أصبحَت مناقصة البواخر؟ فتدخّلَ وزراء «القوات اللبنانية» عارضين ملاحظاتهم وطلبوا العودةَ الى مجلس الوزراء في تنفيذ كلّ المراحل واعتماد الشفافية في المناقصة وعرضِ نتائجِها على مجلس الوزراء وأن لا يكون خيار البواخر هو الخيار الوحيد المتّخَذ.

وتدخَّلَ وزير المال علي حسن خليل في النقاش فأيَّد موقف «القوات» ورَفض الموافقة على إعطاء اعتماد إضافي للكهرباء. واعتبَر «أنّ المناقصات الحاصلة في الكهرباء تَفتقد إلى الشفافية».

فردَّ وزير الطاقة سيزار أبي خليل مشيراً إلى أنه تمّ تشكيل لجنة في مؤسسة كهرباء لبنان لفضِّ العروض والعودة إلى مجلس الوزراء. وأوضَح «أنّ طلب اعتمادٍ إضافي هو أمرٌ طبيعي إذا أردنا زيادةَ التغذية». وذكّرَ بأنّ المادة 66 من الدستور «تعطي الوزير صلاحية التصرّف في كثير من الأمور». وخلص النقاش الى العودة لمجلس الوزراء في هذا الملف وفق القرار المتّخَذ في شأن خطة الكهرباء.

وفي هذا السياق قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «اشتباكاً حصل في مجلس الوزراء بين وزراء «القوات» ووزراء عون والحريري لرفضِ ثنائي عون ـ الحريري إدخال أي تعديلات على دفتر الشروط المتعلق بخطة الكهرباء، والهدف من هذه التعديلات التي كانت تطلبها القوات إفساح مجال المنافسة امام حلول أخرى أقلّ كلفة، الأمر الذي وُوجِه بصرامة وتمسّك بدفتر الشروط على ما هو عليه، ما دفعَ الوزير غسان حاصباني الى التذكير بأنّ رفض تعديلِ دفتر الشروط يشكّل مخالفةً لقرار مجلس الوزراء وأنّ على وزارة الطاقة أن تعود في كلّ مرحلة من المراحل الى مجلس الوزراء.

الأمر الذي دفعَ عون الى التدخّل والقول: أين صلاحيات الوزير؟ الوزير سيّد على وزارته ولا يجوز أن يعود الى مجلس الوزراء». وأضافت المصادر: «تدخّلَ الوزير علي حسن خليل فقال إنّ المادة 66 من الدستور تقول إنه عندما تكون هناك اعتمادات إضافية يجب العودة الى مجلس الوزراء.

فرفضَ عون والحريري وأبي خليل هذا المنطق وأصرّوا على دفتر الشروط كما هو، وهذا إن دلَّ على شيء فيدلّ إلى أنّ دفتر الشروط الموضوع هو على قياس البواخر التركية من دون أيّ مراعاة للمواصفات الفنّية والبيئية والمالية المتماشية مع أولويات الدولة. الأمر الذي قطع الطريق أمام خطة إصلاحية كانت ستوفّر على الدولة 35 في المئة، أي ما يوازي المليار دولار».

وأشارت مصادر «القوات» إلى أنه «نتيجةً لموقفِ القوات الرافض «الطبخة الواضحة» و«الصفقة الواضحة» في موضوع الكهرباء عاقبَ عون والحريري وزراء «القوات» بعرقلةِ البنود المتصلة بوزاراتهم، ومنها بندان لوزير الصحة تمَّ إسقاطهما من جدول الأعمال، فضلاً عن بندين أحدهما لوزير الإعلام والآخر لوزير الشؤون الاجتماعية، حيث تعرّضَ وزراء «القوات» لهجوم شنَّه الوزيران يعقوب الصرّاف وسليم جريصاتي، ولولا تدخُّل وزيري «حزب الله» لَما تمّ إقرار البندين المتعلّقين بوزارتي الشؤون والإعلام».

المرامل والكسّارات

وأثيرَ في الجلسة موضوع المرامل والكسارات، وأبدى البعض استياءً من خطوة وزير الداخلية نهاد المشنوق لجهة «تفرّدِه» بقرار وقفِها، علماً انّ اكثر من وزارة معنية بها. وإذ بدا وزير البيئة «آخذاً على خاطره»، تقرّرَ تأليف لجنة وزارية برئاسة الحريري وعضوية وزراء الداخلية والبيئة والصناعة والأشغال ستجتمع اليوم في السراي الحكومي، وسط توجّهٍ الى إعادة فتحِ المرامل والكسارات المرخّص لها.

وعند الوصول الى البند 27 والذي يعرض فيه وزير الصحة نظام القواعد والشروط التي يمكن الدولة بمقتضاها المساهمة في معالجة اللبنانيين في الخارج وفي الحالات التي تتعذّر معالجتها في لبنان، تمّ تأجيل البتّ به، ما اعتبرَته «القوات» ردّاً على إثارتها ملفَّ الكهرباء، خصوصاً أنّ وزير الطاقة أتى على ذِكر هذا البند في «تغريدة» له قبل أيام.

ووافقَ مجلس الوزراء على إعطاء «داتا» الاتصالات للاجهزة الامنية بدءاً من الاول من ايار ولمدة 6 أشهر بدلاً من سنة. وقد اعترَض وزيرا «حزب الله» حسين الحاج حسن ومحمد فنيش والوزير جبران باسيل على هذا القرار، واعتبروه مخالفاً للقانون ولا يجوز اعتماده «دوكما» من دون تحديد الزمان والمكان.

سابقة تُحدث سجالاً

وسجَّل مجلس الوزراء أمس سابقةً هي الأولى من نوعها، فلدى مغادرةِ رئيس الجمهورية الجلسة لرعاية احتفال الجامعة اللبنانية بالذكرى الـ 66 لتأسيسها طلبَ من رئيس الحكومة الجلوسَ مكانه وترؤسَ الجلسة من دون ان يرفعَها، فتأثّرَ الحريري بهذه الخطوة، وقال إنّه يَشعر بـ«هيبة المقعد» وشكرَ للرئيس «ثقتَه».

وقد أحدثَت هذه السابقة سجالاً «تويترياً» بين الحريري والرئيس نجيب ميقاتي امتدَّ من لحظة انتهاء جلسة مجلس الوزراء وحتى المساء.

فقد «غرّد ميقاتي مستغرباً ومستهجناً لِما أدلى به وزير الإعلام بالوكالة بيار بو عاصي في ختام جلسة مجلس الوزراء، وفيه ما حرفيتُه: «في ختام جلسة مجلس الوزراء نوَّه رئيس الحكومة بفخامة رئيس الجمهورية الذي اضطرّ لمغادرة الجلسة طالباً من دولة رئيس مجلس الوزراء ترؤسَ الجلسة. واعتبَر رئيس الحكومة ثقة الرئيس به دليلاً على ثقةِ رئيس البلاد بالحكومة وبالمؤسسات الدستورية، ما يشكّل سابقةً إيجابية ودليلَ خير».

وأضاف ميقاتي: «أمام هذا الكلام على لسان وزير الإعلام بالوكالة شعرتُ بالاستفزاز لأمرَين: أوّلهما، عدم الاطّلاع الكافي على الدستور، وثانيهما ما يصيب مقامَ رئيس مجلس الوزراء. ولذلك أتوجّه الى دولة رئيس مجلس الوزراء بكلّ محبّة واحترام وأقول له «كفى يا سعد».

مسلسل ردود

ولاحقاً ردَّ الحريري على ميقاتي، وقال في تغريدةٍ له عبر «تويتر»: «يبدو أنّ الرئيس ميقاتي لم يفهم حجم الرسالة التي حصلت في بعبدا تجاه رئاسة مجلس الوزراء، فليت النجيب من الإشارة يفهم».

ثمّ غرَّد ميقاتي ردّاً على الحريري، فقال: «يا دولة الرئيس، بكلّ احترام لا النجيب ولا اللبيب يفهمان الاغتباط بخطوةٍ دستورية طبيعية».

وردّ الحريري مجدّداً على ميقاتي، قائلاً: «عجيب هذا الزمن ومؤسف… الله يعين»

مصادر وزارية

وفي تعليقها على موقف الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي ممّا شهدته جلسة مجلس الوزراء عندما غادرَ رئيس الجمهورية الجلسة للمشاركة في حفل الذكرى السادسة الـ 66 للجامعة اللبنانية تاركاً رئاستها للحريري استغربَت مصادر وزارية عبر «الجمهورية» ما ذهبَ اليه ميقاتي في ملاحظته وقالت: «إنّ رئيس الجمهورية وعندما اضطرّ الى مغادرة الجلسة للمشاركة في الذكرى الـ 66 لتأسيس الجامعة اللبنانية لم يرغب برفعِ الجلسة ولم ينتهِ بعد الوزراء من البتّ بكاملِ جدول الأعمال، فطلبَ الى رئيس الحكومة ترؤسَ الجلسة ضماناً لاستمرار العمل الحكومي واستكمال البحث في جدول الأعمال الى نهايته». وقالت «إنّها المرّة الأولى التي يضطر فيها رئيس الجمهورية الى مغادرة الجلسة ليزورَ الجامعة اللبنانية التي لم يزُرها رئيس مِن قبل.

كما أنّ رئيساً للحكومة لم يرأس قبل الأمس جلسةً لمجلس الوزراء في قصر بعبدا، ولذلك فإنّ الملاحظة التي وجَّهها ميقاتي ليست في موقعها السياسي ولا الدستوري ولا في الشكل ولا في المضمون، لأنّ ما جرى بَراء من الاتّهامات بالخروج على الدستور والصلاحيات».

وخَتمت المصادر: «إنّ صلاحيات رئيس الحكومة لا تقف عند ما حصَل أمس بمقدار ما أظهرَ ما جرى من تعاونٍ قائم بين رئيسَي الجمهورية والحكومة وتُرجم في اكثر من مناسبة ومحطة حكومية، وكلّ ذلك في سبيل ضمان العمل الحكومي ونجاحه».