IMLebanon

الحوار الثنائي: لتفاهمات وتشريع.. والحكومة تتهرّب من حلّ أزمة «أمن الدولة»

تَوزّع المشهد السياسي أمس في الخارج، بين القاهرة واسطنبول. ففي القاهرة، توّجَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي زيارته لها بلقاء الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي متمنّياً عليه العمل لتوفير الدعم العسكري للجيش اللبناني، بما في ذلك السعي لإعادة العمل بالهبة العسكرية السعودية. فيما شدّد السيسي على «انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية مهما كلّفَ الأمر، لأنّ إنجاز هذا الاستحقاق أكثر من ضروري»، مبدياً ارتياحه إلى الحوار الوطني بين اللبنانيين، معتبراً أنّه «يشكّل حماية للبنان». وأمّا اسطنبول فيتوجّه إليها رئيس الحكومة تمّام سلام اليوم للمشاركة في قمّة منظمة التعاون الإسلامي، في ظلّ توجُّه لدى بعض الدول إلى إدراج فقرة في البيان الختامي تدين حزبَ الله. وفي لبنان، تقاسَم المشهد ملف المديرية العامة لأمن الدولة الذي أرجَأ مجلس الوزراء أمس البحث فيه إلى جلسة تُعقد الاثنين المقبل، على أن يكون البند الأوّل في جدول أعمالها. إضافةً إلى أمن المخيّمات الذي عاد إلى الواجهة بقوّة بعد اغتيال مسؤول حركة «فتح» فتحي زيدان في مخيّم الميّة وميّة، وذلك بتفجير سيارته في حيّ الأميركان في صيدا أثناء توجّهه إلى مخيّم عين الحلوة.

وفي تطور بارز، يلبّي سفراء دول مجلس التعاون الخليجي غداً دعوةَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى بكركي. وكشفَت مصادر البطريركية المارونية لـ«الجمهوريّة» أنّ «اللقاء يأتي في إطار اللقاءات الدوريّة التي ينظّمها الراعي مع سفراء الدول، فاللقاء السابق كان مع سفراء الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وقد ارتأت البطريركيّة أن تقسّم اللقاءات ليتسنّى طرح معظم القضايا ومناقشتها».

وأكّدت المصادر أنّ «هذا اللقاء مهمّ جدّاً لأنّه يأتي بعد التوتّر الذي طبَع العلاقات اللبنانية – الخليجية»، مشيرةً إلى أنّ «البطريرك الراعي سيطرح أمام السفراء أوضاع اللبنانيين الموجودين في دول الخليج العربي والذين يكنّون كلّ احترام لها، وسيسأل عن مصيرهم وإلى أين ستتّجه الأمور، حيث يجب حمايتهم، لأن ليس لهم علاقة بالتوتّر السياسي».

وشدّدت المصادر على أنّ «الراعي سيطرح أيضاً التشنّج الذي وصلت إليه العلاقات بين الخليج عموماً والسعوديّة خصوصاً وبين بعض المكوّنات اللبنانية وتأثيرها على علاقة الدولة اللبنانية بها»، لافتةً إلى أنّ «الراعي سيشكر الدول الخليجية على ما قدّمته للبنان، معتبراً أنّ التوتّر الحالي ليس إلّا غيمة صيف عابرة لأنّ العلاقات معها كانت دائماً مميّزة، لذلك يجب معالجة الخلل سريعاً».

وأوضحت المصادر أنّ «الراعي سيناقش عدداً من المواضيع، وأبرزُها أزمة رئاسة الجمهورية وما يمكن القيام به لحلّها بمساعدة الدول الخليجية».

قمّة اسطنبول

من جهة ثانية، كشفَت مصادر ديبلوماسية تواكب التحضيرات الجارية لقمّة منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول لـ«الجمهورية» أنّ مشكلة أخرى ستواجه الوفد اللبناني الى القمّة تضاف الى ملف التعاطي مع «حزب الله» على أنّه «منظمة إرهابية»، وهي تتمثّل باقتراح تقدّمت به جمهورية أذربيجان يتّصل بموضوع استعادة إقليم ناغورني كاراباخ الأرمني الى الجمهورية الأذرية، سعياً إلى إدراجه توصية في البيان الختامي للقمّة، الأمر الذي شهد سلسلة من الاتّصالات في بيروت بعيداً من الأضواء.

وفي معلومات وردَت من اسطنبول أنّ القيادة التركية التي تستضيف المؤتمر تؤيّد التوجّه الأذري في المواجهة التي فتِحت بعد الأحداث الأخيرة على الحدود الأذرية مع الإقليم المتنازع عليه على طول الجبهات التي تمتد لعشرات الكيلومترات. وقالت مصادر مطّلعة إنّ قياديين من حزب الطاشناق في بيروت أجروا اتصالات على أكثر من مستوى سياسي وديبلوماسي لتدارُك الموقف.

وكشفَت المصادر أنّ الامين العام للحزب النائب آغوب بقرادونيان الذي زار رئيس الحكومة أثارَ معه الملف، فتعهّد سلام إجراء الاتّصالات اللازمة على مستوى القيادات المشاركة في القمّة لمنعِ تمرير مثلِ هذه التوصية، خصوصاً أنّه سيكون للبنان مناصرون في هذا الموقف بين رؤساء

الدول الإسلامية الذين سيشاركون في القمّة.

وفي انتظار المناقشات التي ستدور حول التوصية الأذرية ستبقى الأمور مرهونة بما يمكن ان تحمله الساعات المقبلة من مواقف، وإنّ لبنان سيعترض على هذه التوصية وسيسجّل رفضَه رسمياً لها شكلاً ومضموناً، أيّاً كانت حصيلة الاتصالات ما لم تؤدِّ إلى سحبِها نهائياً.

مجلس وزراء

على صعيد آخر أبقى مجلس الوزراء هذه المرّة على جمرِه تحت رماده، في محاولة لإعادة لملمة ما فضَحته مداولات الجلسة السابقة والوجود الدائم لقلوب مليانة خلف كلّ رمّانة على صورة ملفّ. فحاولَت الحكومة رأبَ صدع ما خلّفته جلسة الخميس الفائت لإعطاء رئيسِها قوّة دفعٍ يحملها معه الى قمّة اسطنبول ومعه على الأقل ورقة يحسِّن فيها صورةَ لبنان من بوّابة مطاره.

سلام

وعلمت «الجمهورية» أنّ الجلسة بدأت بأجواء مكمّلة لِما انتهت عليه الجلسة السابقة عند مناقشة بند المديرية العامة لأمن الدولة، لكن بحدّة أخفّ وتحت سقف مضبوط نسبياً.

واستهلّ رئيس الحكومة الجلسة بكلام انتقد فيه ما آلت إليه النقاشات الأخيرة واللغة الطائفية التي سادت، وقال: «لا يجوز أن نعطي الأجهزة الأمنية هوية طائفية، فالموظف هو موظف عند الدولة وليس عند الطائفة. إنّ الصراخ والطريقة التي تمّت فيها مناقشة هذا الملف في الجلسة السابقة غير مسموحة، وقد أعطينا صورةً سيئة للّبنانيين كحكومة، وأنا آمل في أن لا يتكرّر هذا الأمر».

فرعون

وردَّ وزير السياحة ميشال فرعون على سلام، قائلاً: «نحن لسنا طائفيين، والصورة التي نُقلت عنّا غير صحيحة، إنّما نحن أردنا أن نحصل على إيضاحات لأسئلة عن أسباب شلل هذا الجهاز منذ ثمانية أشهر».

درباس

فتدخّلَ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس قائلاً: «نحن أيضاً لدينا أسئلة: لماذا أنتم الحريصون على المواضيع المسيحية لا تذهبون إلى مجلس النواب لانتخاب الرئيس وملءِ شغور الموقع المسيحي الأوّل؟».

عريجي

وهنا تدخّلَ وزير الثقافة روني عريجي، وقال: «في الجلسة السابقة لم أتدخّل في موضوع أمن الدولة لأنّ الملف أخذ منحى طائفياً، ولأنّ النهج السياسي والممارسة السياسية للتيار الذي أنتمي إليه لا يحدّد مقاربة المواضيع من ناحية طائفية، وإنّما من ناحية وطنية.

لكن بعد ما سمعناه من كلام عن خروج تيار «المردة» من رأي بعض القوى السياسية المسيحية في مجلس الوزراء، أريد أن أوضح أنّنا كتيار لا نَقبل الانتقاص من حقوق المسيحيين وكذلك من حقوق أيّ طائفة أخرى من منطلق المحافظة على الصيغة اللبنانية وليس على حقوق كلّ طائفة».

باسيل

ورفضَ وزير الخارجية جبران باسيل اتّهامه بإثارة اللغة الطائفية، مبرّراً ما حصل بأنّه «مطلب للتعاطي مع كلّ الأجهزة الأمنية بالتساوي»، وأصرّ على عدم تمرير أيّ بند يتعلق بتحويل أموال الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والأمن العام إلّا مع تمرير اعتمادات المديرية العامة لأمن الدولة وتسوية الخلاف.

دوفريج

وتدخّلَ وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دوفريج، فقال: «يا دولة الرئيس، عند شغور الرئاسة أمضَينا ثلاث جلسات لنتّفق فيها على آليّة عمل الحكومة، وقد ارتأيت أن ترسل قبل 72 ساعة جدول الأعمال الى الوزراء الذين تسلّموا مجتمعين صلاحيات رئيس الجمهورية، وقلتَ آنذاك إنك تفضّل هذا الأمر لإعطاء فرصة للوزراء لدرسِ البنود ونقاشِها كلٌّ داخلَ تياره، كذلك أعطيتهم الحقّ بأن يطلبوا منك تقديم بندٍ أو تأجيل ملف إذا اعتُبر خلافياً.

أنتم عندما أدرجتم بند جهاز أمن الدولة على جدول الأعمال حمل الرقم 65، ونحن لم نسمع من الوزراء المعترضين أنّهم يريدون

تقديمَ هذا البند على بنود أُخرى إلّا داخل الجلسة».

فقاطعَه باسيل قائلاً: «معك حقّ، ونحن سنحترم تسلسلَ البنود، لكنّنا نصرّ على تأجيل البنود الماليّة الأخرى المتعلقة بتحويل الأموال الى بقيّة الاجهزة ضمن حقّنا الذي أعطانا إياه رئيس الحكومة عندما التزمَ عدمَ السير في أيّ بند تعترض عليه مكوّنات أخرى».

وعليه، تابَع مجلس الوزراء نقاشه في جدول الأعمال في أجواء هادئة، حتى إنّ ملف تجهيزات المطار الفنّية والامنية مرّ بلا أيّ تشنّج وسادته نقاشات قانونية موضوعية أخذَت الحيّز الأكبر من مدة الجلسة. فتقرّر إعادة استدراج العروض مع تقصير المهَل إلى 15 يوماً وإحالتها إلى إدارة المناقصات وتأمين الاعتمادات اللازمة لها.

«التخريجة»

لكنّ مصادر وزارية قالت لـ«الجمهورية»: «نرى في هذه التخريجة خروجاً للشركات الاربعة الموقّعة عقودها سابقاً على اساس الهبة السعودية من الباب، وإعادة إدخالها من الشبّاك، فهذه المدّة القصيرة لن تتيح على الأرجح لشركات جديدة تجهيز أوراقها ودخولها المناقصة، بالإضافة الى أنّ دفتر الشروط لم يتغيّر وهو فُصِّل على قياس الشركات الأربع نفسها».

إلّا أنّ المصادر سلّمت في الوقت نفسه بما تمّ الاتفاق عليه «في اعتبار أنّه على شاكلة الحلول اللبنانية على قاعدة: «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، وخوفاً من حصول أيّ خضّة امنية في المطار تُربك الدولة وتُدخِلها في نفقِ تقاذفِ المسؤوليات والاتّهامات».

زعيتر لـ«الجمهورية»

وإذ أكّد وزيرالمال علي حسن خليل أنّه سيحوّل كلّ المبالغ المطلوبة «حسب القانون ووفقَ الأصول»، قال وزير الأشغال العامة غازي زعيتر لـ«الجمهورية»: «هناك عقدان يتعلّقان بسور المطار والجرارات ونظام الحقائب داخل المطار مُلزَّمان سابقاً في ادارة المناقصات، وكان ينقصهما اعتمادات بقيمة مليون و400 ألف دولار ومليونين و700 ألف دولار، بما يساوي 6 مليارات و600 مليون ليرة لبنانية تمّ تأمين اعتمادات لها بقرار مستقل.

أمّا التجهيزات الأخرى المقدّمة من الهبة السعودية ضمن العقود التي وقّعت معها فستذهب مجدّداً إلى إدارة المناقصات». وكشفَ أنّ العمل بسور المطار سيبدأ اليوم، خصوصاً بعدما اتّخذ مجلس الوزراء قراراً بتأمين الاعتمادات اللازمة له.

حكيم لـ «الجمهورية»

وقال وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«الجمهورية»: «حصل ما طالبنا به وتجمّدت البنود المالية لبقيّة الأجهزة الى حين البتّ بجهاز أمن الدولة، ونحن لمسنا تجاوباً من دولة الرئيس وسنتّفق الاثنين المقبل على فصلِ الاعتمادات المالية لجهاز أمن الدولة عن الخلاف داخل القيادة».

ومن جهته قال فرعون لـ«الجمهورية»: «منذ البداية قلت إنّ الحلّ ليس عندنا، ومَن أخَذنا إلى المشكلة يستطيع ان يعيدنا منها، وأتمنى ان تخرج الحلول قبل الجلسة المقبلة، والقول إنّ التعاطي مع هذا الملف هو على طريقة المزايدات الطائفية ليس صحيحاً، فهذه مشكلة سياسية امنية قانونية، وعندما نطّلع على القانون تتّضح لنا كل التفاصيل. هناك وضعٌ يحتاج الى حلّ، والمؤسسة يجب ان تسيّر، ولمسنا اليوم انّ هناك انفتاحاً أكبر على الحلول».

وقال باسيل لـ«الجمهورية»: «المهم أنّنا توصّلنا الى معادلة أنه إذا لم تكن هناك أموال لجهاز أمن الدولة، فلا أموال لأيّ جهاز أمني آخر، وإذا لم يكن هناك «داتا» اتصالات لجهاز أمن الدولة، فلا «داتا» اتصالات لأيّ جهاز أمني آخر، فالتعاطي مع كلّ الأجهزة الامنية يجب ان يكون سواسية».

الرئاسة

رئاسياً، وفي انتظار ما سيَحمله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمحادثات التي سيجريها السبت والأحد المقبلين مع المسؤولين في هذا الشأن، والتي تأتي قبل أيام على الجلسة الجديدة لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لم يخرج الملف الرئاسي بعد من دائرة التعقيد والمراوحة، فيما كان السفير الفرنسي ايمانويل بون يبحث مع سلام التحضيرات لزيارة هولاند، ويعرض مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الأوضاع السياسية العامة في لبنان والمنطقة.

وفي غضون ذلك جدّدت كتلة «المستقبل» أمس دعوتها «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» الى «فكّ أسرِ الجمهورية والطلب من نوّابهما التوجّه الى مجلس النواب لانتخاب الرئيس من بين المرشحين حسبما ينصّ عليه الدستور».

وأكّدت أهمّية «أن تتمكّن الحكومة من معالجة الأزمة التي تحيط بمؤسسة أمن الدولة وفق أسُس تحفَظ المؤسسة وتطلِقها للعمل بنحو يدعم ويتكامل مع عمل المؤسسات الأمنية الأخرى في البلاد، بعيداً من المزايدات الطائفية والمذهبية».

«التكتّل»

بدوره، أكّد تكتّل «الإصلاح والتغيير» أنّ «المطلوب هو أن نملأ الفراغ في رئاسة الجمهورية، ولا يجب أن يقفَ الميثاق عند أعتاب هذه الرئاسة صاغراً، ولن يكون هذا الاستحقاق إلّا بالتزام الميثاق، والتزام الميثاق يعني أن يكون الأقوى في مكوّنه في موقع السدّة الأولى لكي يستقيم الأمر، ويستقيم توزيع السلطات في الدولة اللبنانية».

الحوار الثنائي

إلى ذلك، وفيما عاد بري من القاهرة، شهدَ مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة مساء أمس جلسة الحوار الـ 27 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، وحضَرها المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضَر الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: «إستكملَ المجتمعون نقاش القضايا الوطنية وشدّدوا على تعزيز دور الدولة والأجهزة في متابعة ملفات الفساد ومكافحتها، وتمّ تأكيد أهمّية انعقاد الجلسات التشريعية تحقيقاً للمصلحة الوطنية وضرورة الوصول الى تفاهمات في جلسات الحوار الوطني».