IMLebanon

مانشيت:الملفات الخلافية على طاولة مجلس الوزراء اليوم.. وكسرُ جليد بين عون وفرنجية

 

مع مغادرة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبنانَ أمس منهياً زيارته كما بدأها، بالتشديد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، رامياً الكرة الرئاسية في ملعب النواب، يُستأنف الخلاف في جلسة مجلس الوزراء الرابعة بعد ظهر اليوم حول ملفّ المديرية العامة لأمن الدولة، والتي سيَسبقها تكريس جديد للشغور الرئاسي في جلسة انتخاب الرئيس الثامنة والثلاثين قبل الظهر، بفِعل عدم اكتمال النصاب النيابي، حسب ما دلّت المؤشّرات ومواقف الأطراف السياسية كافة. وفي هذه الأثناء ستعود فضيحة الإنترنت غير الشرعي إلى طاولة لجنة الاتصالات النيابية في اجتماعها غداً، على أن تنعقد طاولة الحوار بين قادة الكتل النيابية بعد غدٍ الأربعاء في عين التينة، وعلى جدول أعمالها تفعيل عمل المجلس النيابي وتقرير اللجنة النيابية الفرعية في شأن قانون الانتخاب العتيد.

غادر الرئيس الفرنسي بيروت عصر أمس إلى القاهرة مختتماً زيارةً للبنان بدأها بعد ظهر السبت، والتقى خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري في المجلس، ورئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي الكبير.

وأقام استقبالاً في قصر الصنوبر، ومأدبة عشاء تخلّلتها لقاءات له مع عدد من الشخصيات السياسية، وأبرزهم: الرئيسان السابقان أمين الجميّل وميشال سليمان، الرئيس سعد الحريري، النائب وليد جنبلاط وعقيلته نورا ونجله تيمور، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وزير الخارجية جبران باسيل. كذلك التقى رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية وزار مخيّماً للنازحين السوريين في بلدة الدلهمية البقاعية.

وخلال هذا العشاء الرئاسي الفرنسي التقى رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية اللذين كانا مدعوّين إليه، فتبادلا القبَل والتحيات وبدت الابتسامات على محيَّيهما، علماً أنّ لقاءً كان عقِد بين هولاند وفرنجية.

وكان هولاند كشفَ عن العمل لـ«تقديم مساعدات فورية لتعزيز القدرات العسكرية اللبنانية لمواجهة الارهاب»، كذلك وعد بالاستمرار في المطالبة بأن يدخل الاتفاق بين فرنسا والسعودية لمساعدة الجيش حيّز التنفيذ. وأعلن انّ المساعدة الفرنسية للّاجئين في لبنان ستصل إلى خمسين مليون يورو هذه السَنة ومئة مليون يورو في السنوات الثلاث المقبلة.

ولم يحمل هولاند أيّ مبادرة رئاسية، لكنّه شدد على انّ انتخابَ رئيس الجمهورية هو في يد النوّاب الذين عليهم حلّ هذه الأزمة، مشيراً إلى أنّه عبّر لمن التقاهم عن أملِه في «ان يجد اللبنانيون الحلّ وأن يتمكّنوا من انتخاب رئيس في أسرع وقت، ووضع قانون انتخابي يمكنهم من الانتخاب»، مؤكداً «أنّ لفرنسا مرشّحاً واحداً هو لبنان الذي يجب أن يكون المستفيد الوحيد من الحل اللبناني، ويجب تلافي التدخّلات الخارجية، ومِن المهم للبنان والمنطقة ان ينتخب رئيس جمهورية، والميثاق الوطني يقضي بأن يكون الرئيس مسيحياً، ما هو مهمّ للشرق الاوسط». وأمل في أن يكون هناك رئيس للجمهورية في زيارته المقبلة للبنان.

برّي

وفي هذا الإطار قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنّ زيارة هولاند للبنان «كانت زيارة واقعية لم تتجاوز السقف الذي رسَمه الفرنسيون أصلاً لها، وعبّرَ عنه سفيرهم في بيروت، بحيث إنّ الرئيس الفرنسي لم يطرح مبادرة في شأن الاستحقاق الرئاسي، واكتفى بحضّ اللبنانيين على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وأكّد مساعدة لبنان في ملف اللاجئين السوريين».

واستغربَ بري الملاحظات التي طرَحها البعض حول طريقة استقباله الضيف الفرنسي وأكّد أنّه طبّق الاصول البروتوكولية لا أكثر ولا أقلّ.

وإذ أكّد بري أنّه قال للرئيس الفرنسي خلال الخلوة التي عقداها إنّه كان يأمل ان يتمّ استقباله في القصر الجمهوري، تساءل من جهة أخرى: «هل كان المطلوب ان نتعاطى مع الرئيس الفرنسي على طريقة استقبال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في المطار».

ومن جهة ثانية قال برّي «إنّ البند الاوّل والاساسي على جدول اعمال هيئة الحوار الوطني في جلستها المقبلة هو تفعيل عمل مجلس النواب»

وردّاً على سؤال عن ملفّات الفساد المفتوحة، قال برّي: «المعركة ضد الفساد في قضية الانترنت وقوى الامن الداخلي ستستمرّ حتى النهاية ولا غطاء لأحد سواءٌ كان مدنياً أم عسكرياً، وكلّ من يتعرّض للضغط سواء من القضاة أو غيرهم فليُعلمني ويترك الباقي عليّ».

إستياء ماروني

وفي هذه الأجواء، برز استياء ماروني عارم من عدم زيارة هولاند مقرَّ البطريركيّة المارونية في بكركي، كما درجَ العرف التاريخي بين رؤساء فرنسا وبكركي، واكتفائه بلقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قصر الصنوبر، خصوصاً في ظلّ غياب رئيس الجمهورية الماروني.

صيّاح لـ«الجمهورية»

وفي هذا السياق، أكّد النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ«الجمهورية» أنّ «الإستياء الماروني الذي تُرجم بردّات فعل عفويّة لا يمكن إخفاؤه، فالعلاقات تاريخيّة بين الموارنة وفرنسا، لكن يبدو أنّ كلّ شيء تغيّر، وفرنسا لم تعُد مهتمّة كما في السابق، ولا يمكننا إلّا أنّ نتفهّم ردّات الفعل المارونية التي حصلت».

ولفتَ صيّاح الى أنّ «البطريرك فضّلَ لقاء الرئيس هولاند في قصر الصنوبر على أن لا يلتقيَه نهائياً، ردّاً على عدم زيارته بكركي»، موضحاً أنّ «اللقاء دامَ نحو 45 دقيقة تقريباً سَلّم الراعي خلاله مذكّرة تضمّنَت الهواجس اللبنانية من قضية النازحين السوريين وإمكانية توطينهم في لبنان، إضافةً الى الاوضاع المحيطة بالاستحقاق الرئاسي حيث أكّد هولاند أنّه مستمرّ في سعيه لانتخاب رئيس للجمهورية، كذلك وضع المسيحيين في لبنان والشرق والمخاطر التي يتعرّضون لها، وطلبَ مساعدة فرنسا للبنان وجيشه».

الراعي

وكان الراعي أوضَح أنّه سلّم الى هولاند مذكّرة خطّية حول الشأن الوطني والإقليمي، ودعا السياسيين الى «الإفادة من هذا الكمّ من الزيارات الرسمية التي يقوم بها في هذه الأيام مسؤولون من مختلف الدول الصديقة، وكلّهم حريصون على خير لبنان، دولةً وكيانًا، شعبًا وقيمة ورسالة».

وأكّد أنّه «آنَ الأوان للخروج من التصلّب في المواقف وحالة اللاثقة ورهن البلاد للمصالح الشخصية والفئوية». وكرّر دعوتَه النواب الى «القيام بواجبهم الدستوري الأساسي والأول لانتخاب رئيس للجمهورية، لكي تعود الحياة إلى المؤسسات العامة وتدخل الدولة في خطّ النهوض من معاناتها».

عريجي

وقال وزير الثقافة روني عريجي لـ«الجمهورية»: «كما جميع اللبنانيين، كنّا نتمنى ان يكون للبنان رئيس جمهورية يستقبل الرئيس الفرنسي الذي أكّد خلال كلّ محادثاته الدعمَ الفرنسي، لا سيّما على صعيد دعم الجيش ومؤازرته في التصدّي للارهاب، في ظلّ وجود هاجس مشترك بين لبنان والدول الاوروبية، إضافةً الى دعم لبنان في تحمّل أعباء اللاجئين. وقد ترجَم هولاند هذه النيّات إلى أفعال محدودة أعلنَ عنها شخصياً.

المحادثات كانت جيّدة ومعمّقة وأثبَتت مرّةً جديدة عمقَ العلاقة اللبنانية ـ الفرنسية، وزيارتُه حملت عنوان «أمن وثقافة»، لأنه وإلى جانب أولوية الأمن، تُولي فرنسا تقليدياً أهمّية خاصة للثقافة ولترويج الثقافة الفرنسية واللغة، ومِن هنا كان اصطحابه وزيرةَ الثقافة الفرنسية التي اتفقتُ معها على تفعيل الاتفاق القائم مع المركز الوطني للسينما الفرنسية ووزارة الثقافة، لأنّ التركيز الأكبر خلال المحادثات كان على دعم قطاع الإنتاج السينمائي».

سعَيد

وفي المواقف، قال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ«الجمهورية»: «إنّ الايجابية في زيارة الرئيس الفرنسي للبنان هي حصولها، فزيارةُ رئيس دولة للبنان كيفما كانت هي زيارة لتأكيد شرعية هذا البلد على رغمِ غياب رئيس الجمهورية، والخطأ في الزيارة لم ينجم من الرئيس هولاند، بل هو خطأ لبناني، بمعنى انّ اللبنانيين يستقبلون الرئيس الفرنسي وهم مقطوعو الرأس».

وأضاف: «لقد تأكّد أنّ هدف الزيارة النازح السوري، بدليل التقديمات المالية التي وعد بها الرئيس هولاند وجاءت في سياق الاحداث التي تشهدها اوروبا وجزء من معالجة هذه الأحداث وضبط النزوح السوري وإبقاء النازحين حيث هم، وطبعاً في لبنان في هذه المرحلة».

وعن عدم انعقاد أيّ لقاء بين الرئيس هولاند و»حزب الله»، قال سعَيد: «خلافاً لِما يُحكى، نؤكّد أنّه كان هناك لقاء بين الطرَفين، لكنّه تَعدّلَ لاحقاً لأسباب نَجهلها، لكن من المؤكّد أنّ الإشارات التي يرسلها «حزب الله»هي إشارات غير مشجّعة له، فالحزب أصبح في دائرة الاختناق الكامل، بدليل أنّ إيران تنفتح على فرنسا وتشتري منها 118 طائرة ركّاب من شركة «إيرباص»، بينما الحزب يلغي موعدَه مع رئيسها».

«8 آذار»

وقال مصدر قيادي بارز في قوى 8 آذار لـ«الجمهورية»: «كنّا ندرك في الأساس أنّ هدفَ زيارة هولاند الاوّل هو النازحون السوريون، بدليل إعلانه أنّ بلاده «ستدعم لبنان بـ 50 مليون يورو لمساعدة اللاجئين»، وذلك في محاولة لتوطينهم فيه.

أمّا رئاسياً فلا جديد حَمله ولم نكن نتوقّع أصلاً أن تحمل الزيارة أيّ شيء على مستوى الرئاسة، ففي الماضي حاولَ الفرنسيون فتحَ ثغرة في هذا الملف من خلال اتصالاتهم مع إيران لكنّ جوابها لهم كان وما زال أنّه عليكم مراجعة اللبنانيين، فانتخابات الرئاسة في لبنان شأن لبناني، وإيران لن تتدخّل فيه».

«أمن الدولة»

ومع انتهاء زيارة هولاند تعود الملفّات الخلافية الداخلية الى الواجهة. ويستأنف مجلس الوزراء البحثَ في ملف المديرية العامة لأمن الدولة بنداً أوّلاً على جدول اعماله، بعدما تمّ التفاهم في الجلسة السابقة على إعطائه الأولوية على بقيّة بنود جدول الأعمال.

وأكّدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّ أيّ جديد لم يطرأ في ملف مديرية أمن الدولة وأنّ الأمور تُراوح مكانَها. وكشفَت أنّه على رغم كلّ الكلام الكثير الذي دار في مقاربة إشكالية هذه المديرية لن تكون هناك تسوية ولا حلول على الطريقة اللبنانية إلّا بالقانون». وعليه، توقّعت المصادر أن تبقى الأمور معلّقة وعلى حالها إلى حين اقتناع الجميع بضرورة تطبيق ما ينصّ عليه القانون والمراسيم المتعلقة بإنشاء مديرية أمن الدولة».

وأوضَحت أنّ اللقاء الوحيد الذي حصل عشية الجلسة في هذه الشأن، كان بين رئيس الحكومة تمّام سلام والوزير ميشال فرعون مساء السبت ولم يفضِ إلى تفاهم.

وفي الوقت نفسه، استبعدت المصادر أن يؤدي هذا الخلاف إلى قلب الطاولة، خصوصاً أنّ المعنيين بالملف مباشرةً وصَلوا إلى نقطة لم يريدوها، ولسوء الحظ استُثمرت، كلّ بحسَب مصلحته، وعليه فإنّ الأمور متروكة لجلسة مجلس الوزراء وطريقة إدارة سلام للجلسة وتعاطيه مع هذا البند الذي تعهّد أن يكون في أولوية جدول الأعمال».

توازياً، قال أحد الوزراء لـ«الجمهورية» إنّ «من المبكر الحديث عن حلّ لملفّ أمن الدولة، فحركة الاتّصالات الجارية ولم تنتهِ بعد إلى أيّ صيغة توافقية تشكّل مخرجاً ممكناً للمشكلة القائمة والتي تفاقمت في الفترة الأخيرة ووضَعت رئيسَ الحكومة ووزير المال علي حسن خليل في مواجهة وزراء حزب الكتائب و»التيار الوطني الحر» وفرعون.

وأكّد أحد المعنيين بالملف لـ«الجمهورية» أنّ «استمرار الخلاف لن يؤدي إلى تعطيل أعمال مجلس الوزراء، فالوزراء سيتجاوزون الملفّ بتأجيل البحث فيه الى مرحلة لاحقة، بحيث سيَنتقل البحث إلى العناوين الأخرى ومنها موضوعا: قطعُ البثّ عن قناة «المنار» عبر القمر الصناعي المصري «نايل سات» الذي يتابعه وزير الإعلام رمزي جريج ويسعى الى حلّه، وملفّ الإنترنت غير الشرعي، حيث من المتوقع أن يُطلع وزير الاتصالات بطرس حرب مجلس الوزراء على ما آلت إليه التحقيقات الجارية وأعمال اللجان المتخصّصة التي تبحث في كواليس القضية عن الحقائق المفقودة التي أضاعت ملايين الدولارات على خزينة الدولة».

إلى ذلك أمام مجلس الوزراء أكثر من 80 بنداً متبقّياً من جدول أعمال الجلسة السابقة، إضافةَ إلى محتوى ملحق جديد بالجدول يتضمّن 50 بنداً.

باسيل في معراب

وعلى الصعيد السياسي، استقبلَ جعجع في معراب بعد ظهر أمس رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، وأمين سرّ تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب إيراهيم كنعان وعضو الهيئة التأسيسية في «التيار الوطني الحر» الدكتور ناجي حايك، بحضور مدير مكتب جعجع إيلي براغيد ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم الرياشي.

وعقبَ اللقاء الذي استغرقَ ثلاث ساعات، اكتفى باسيل بالقول، ردّاً على أسئلة الصحافيين: «الاجتماع طال لأنّ اجتماعاتنا هي للعمل والإنتاج، وكان اللقاء مثمراً».

بدوره، أثنى جعجع على اللقاء قائلاً: «هذا هو الوضع الطبيعي للعمل السياسي، فالمرحلة السابقة كانت شاذّة».