IMLebanon

سلام يعود بدعم مصري ويستأنف إتصالاته وجنبلاط في الأردن والراعي إلى أربيل غداً

تعطيلُ العمل الحكومي سيُفاقِم في لبنان الأزمات التي لن تبقى من طبيعة سياسية، بل ستشمل كلّ جوانب الملفات الحياتية، هذه الملفّات التي ستبدأ تباعاً بالظهور بفعل التغييب المستمر لمجلس الوزراء، وقد تكون هذه السياسة المتّبَعة مقصودةً في سياق الضغط المبرمَج من أجل تحقيق الأهداف المرسومة، ولكنّ كلّ المؤشّرات تؤكّد أنّ أحداً ليس بِوارِد التراجُع عن مواقفِه المُعلنة من الملفات الخلافية المطروحة، خصوصاً أنّ «التيار الوطني الحر» يتوَعّد بالتصعيد، فيما «المستقبل» يؤكّد أنّه لم يتعهّد في أيّ موضوع، ويَرفض البحثَ في التعيينات العسكرية قبل أوانِها، وبالتالي هذا الانسداد السياسي لا بدّ من أن يدفع بالجميع للبحث عن الحلول التي تحفَظ المواقفَ المبدئية للأطراف مع تحييدِ مصالح الناس عن الاشتباك السياسي. ومع عودة رئيس الحكومة تمّام سلام من زيارته لمصر سيواصِل اتصالاته ولقاءاته في محاولةٍ لكسرِ الجمود الحكومي، ومن المتوقع أن يلتقيَ رئيسَ مجلس النواب نبيه برّي من أجل البحث عن المخارج الممكنة على هذا المستوى.

تعطيل السلطة التنفيذية بعد التشريعية والرئاسة الأولى ستكون عواقبه وخيمة على لبنان في حال لم يُصَر إلى تنظيم الخلاف إذا كان حلّ هذا الخلاف مستحيلاً، لأنّ تداخُلَ الأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية والحياتية سيؤدّي إلى انفجار البلاد، فيما الانفجار يشَكّل خطّاً أحمر على المستوى الدولي والإقليمي.

وفي المعلومات أنّ سفَراء دوَل غربية وإقليمية دخلوا على خط المساعي، وقد أوصلوا رسائل واضحة إلى كلّ الجهات السياسية بضرورة الحفاظ على الاستقرار السياسي والحؤول دون تعطيل عمل الدولة، لأنّ نتائجَ ذلك ستكون كارثيّةً على الجميع.

برّي

ومِن عين التينة، جَدّد رئيس مجلس النواب تحذيرَه من استمرار سياسة التعطيل، وقال إنّه لا يجوز أن نبقى على مِثل هذه الحال في ظلّ هذه الظروف الصعبة التي نواجهها على كلّ الصُعد، وإنّ المطلوب العودة لتفعيل المؤسسات بَدءاً بمجلس النواب والحكومة.

سلام

ويُنتَظر أن يستأنفَ رئيس الحكومة حركة اتصالاته ومشاوراته بعدما عاد إلى بيروت بدعمٍ مصريّ للبنان والجيش في حربِه ضدّ الإرهاب، حيثُ سَمع في مصر تشديداً على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقتٍ لتحقيق الاستقرار، خصوصاً من الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي. وأكّد سلام من جهته أهمّية أن تدركَ كلّ الأطراف «أنّ البلد بلا رأس لا يستمرّ، فهناك حكومة ائتلافية تحاول مَلءَ الفراغ موَقّتاً، ولكنّنا نُصِرّ دائماً على الدعوة إلى انتخاب رئيس لاكتمال مناعة لبنان وقوَّتِه».

«التيّار الوطني الحر»

وأكّدَت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» أنّ التيار لن يتراجعَ عن موقفه، ووصَفَت ما يحصل اليوم بأنّه معركة كسرِ عظم بين فئتين: فئة تريد الحفاظ على القوانين والدستور وما تبَقّى من هيبة الدولة، وفئة امتهنَت منذ العام 2005 إلى اليوم إطلاقَ شعارات فارغة وزائفة مع التلاعب بالقانون والدستور والموازنة والمال العام».

وسألت المصادر: «هل يَحمل لبنان تمديداً جديداً بعد، نعَم أم لا؟ ثمّ لماذا يتهرّبون مِن طرح بند التعيينات؟

ورَدّت المصادر على الداعين إلى عدم إثارة هذه الاستحقاقات إلّا في مواعيدها بالقول: «لن نفعلَ ذلك بعد اليوم وننتظر مواعيدها للحديث عنها والمطالبة ببَتّها، هم يقولون ذلك حتى لا يطرحوها عندما يَحين وقتُها، كلُّ وعودهم في السابق كانت وعوداً كاذبة، ما وَعدوا مرّةً ووفوا بوعودهم، والبرهان على ذلك وعدُهم بقانون انتخابات جديد وبعدمِ التمديد النيابي مجَدّداً في التمديد الأوّل، ووعودهم في التعيينات السابقة والحاليّة، كلّ ذلك خلقَ حالةَ انعدامِ ثقةٍ وتشكيكاً فيهم، فنحن لم نعُد نثِق بالوعود، حتى إنّهم لا يحترمون المواعيد الدستورية والقانونية».

وأكّدَت المصادر أن «لا أحد يتطاول على صلاحيات رئيس الحكومة أو يمسّ بها، فهي مصانة، إنّما ما هي علّة وجود الحكومة بكلّ مكوّناتها بمن فيها رئيسها، إذا كانت لا تحترم القانون»؟ وقالت: «هذه هي الإشكالية الكبيرة معهم».

ورفضَت المصادر تحميلَ «التيار» وِزرَ تَداعيات التعطيل، وقالت: «إنّ مَن يعَطّل هو مَن يرفض أن تكون الحكومة حكومةً منتِجة، إنّما يحَوّلها حكومة تصريف أعمال».

«المستقبل»

في الموازاة، أكّدت مصادر بارزة في تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية»: «أنّ موقفنا واضح بعدم جواز تغيير قائد الجيش الآن، وهذا الموقف ينسحب على قوى سياسية عدّة ابرزها برّي والكتائب والاشتراكي، والموضوع يطرَح في حينِه على مجلس الوزراء، وإذا وصلنا إلى اتّفاق فليَكُن».

وقالت المصادر: «نحن لم نقدّم وعوداً لأحد، لدينا 3 وزراء ولا نملك مجموع الثلثَين الذي يقرّر في مجلس الوزراء، لكن للأسف هناك فريق سياسي امتهنَ التعطيل ويتّهم الآخرين، يعَطّل مجلس الوزراء والدليل أنّه رفضَ طرحَ وزير الداخلية نهاد المشنوق تعيينَ مدير عام للأمن الداخلي الذي كان يحاول بطرحِه أن يكون المجلس فعّالاً ويكرّس مبدأ التعيين، إلّا أنّهم اعتقدوا أنّ كلّ شيء يحصل بالمساومة السياسية، كذلك فعَلوا في مجلس النواب وقالوا إمّا ننتخب العماد عون وإمّا سنعَطّل مع «حزب الله»، إلى حدّ قال معه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: إمّا أن تنتخبوا عون وإمّا التعطيل مفتوح، وهذا تهديدٌ وابتزاز في الوقت نفسه».

ولفتَت المصادر إلى أنّ الرئيس سعد الحريري لم يَعِد عون بشيء، بل أبدى رغبتَه في التعرّف إلى العميد شامل روكز، وقال إنّ الموضوع قابل للنقاش، وبالتالي ليس هناك أيّ تعَهّد من هذا القبيل، عِلماً أنّ «المستقبل» في المقابل لا يضع فيتو على روكز أو على أيّ اسم آخر، ولكنّ الأمر يستلزم توافقاً سياسياً عندما لا يعود قائد الجيش في موقعِه، أمّا أن نأتيَ اليوم ونقيله في وقتٍ يخوض الجيش معركة ضدّ الإرهاب فكأنّنا بذلك نقول له أنتَ أخطأتَ، في حين أنّنا نرى أنّه يقوم بعمل ناجح جداً في المرحلة الحاليّة.

4 أسماء مكان فاضل

وفي مجال التعيينات الأمنية، وفيما تنتهي ولاية مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد إدمون فاضل في شهر أيلول المقبل، علمت «الجمهورية» أنّ أربعة أسماء مرشّحة لتوَلّي هذا المنصب، وهي: العميد كميل ضاهر، العميد ريشار حلو، والعميد فادي داوود، والعميد وديع الغفري. على أن يختار وزير الدفاع اسماً من بينها.

وفي السياق العسكري الميداني أقامَ الجيش اللبناني حواجز ثابتة في كلّ الشوارع الداخلية في بلدة عرسال، مدَعّماً بالدبّابات، وهو يقوم بتفتيش السيارات والمارّة، وذلك تأكيداً على إمساكه بكلّ المفاصل في عرسال.

جنبلاط في عمان

وفي هذه الأجواء، بقيَت أزمة المناطق الدرزية السورية محَطّ اهتمام القيادات الدرزية اللبنانية، وقالت مصادر الحزب التقدّمي الاشتراكي إنّ حركة الوزير وائل ابو فاعور في تركيا والسعودية، فرضَت على رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط ملاقاة نتائجِها عبر زيارة العاصمة الأردنية عمان يرافقُه نَجله تيمور، حيث التقى الملك عبدالله الثاني في قصر الحسينية وجَرى التأكيد على «عمق العلاقة التاريخية التي تجمَع الأردن والطائفة الدرزيّة، وبحَث العلاقات الأردنية ـ اللبنانية وسبلَ تعزيزها، إضافةً إلى تناوُل مختلف التحدّيات في المنطقة، والجهود المبذولة للتصَدّي لخطر الإرهاب».

كذلك يلتقي جنبلاط مسؤولين في الائتلاف السوري المعارض. وكشفَت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» أنّ جنبلاط سيلتقي عدداً من قيادات التحالف الدولي ضد «داعش» الذين يشاركون في غرفة عمليات مركزية تقود العمليات في سوريا والعراق من عمان للوقوف على الإجراءات الواجب اتّخاذها لحماية المناطق الدرزية في أجواء ضاغطة نتيجة انفجار الوضع الأمني في بلدة الخضر الدرزية التي تقع على تخوم المنطقة الدرزية إلى الجانب السوري من جبل الشيخ في مثلث قريب من الأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا ولبنان والتي شهدَت معاركَ ضارية بين وحدات من «جيش حرمون» الذي أُنشِىء حديثاً وضَمَّ عشرة فصائل أبرزُها قوات «جبهة النصرة» التي تحاصِر المدينة التي يقاتل أهلها إلى جانب حاميةٍ من الجيش السوري النظامي الذي ما زال يحتفظ بمواقع محاصرة في المنطقة.

وقالت المصادر إنّ ابو فاعور الذي انضَمّ أمس إلى جنبلاط ونجلِه عائداً من جدّة في جَمعِ معطيات جديدة قادت إلى حماية دروز الشمال بضمانات تركية، ينتظر ضمانات خليجية ومن الحلف الدولي أيضاً لدروز الجنوب السوري.

الراعي وسكولا إلى أربيل

وعلى صعيد آخر، يتوَجّه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى أربيل غداً على رأس وفدٍ مِن مجلس المطارنة يرافقه رئيس أساقفة «ميلانو» الكاردينال أنجلو سكولا الذي وصَل إلى لبنان مساء أمس الأوّل، وشاركَ صباح أمس إلى جانب الراعي في سينودس المطارنة من أجل مواكبة أوضاع المسيحيين العراقيين الذين هجَروا بلادهم في العراق إلى المنطقة هرَباً من «داعش» التي طردتهم من منازلهم في الموصل وبعض قرى سهل نينوى قبل عام تقريباً.

وقالت مصادر كنَسية لـ»الجمهورية» إنّ الراعي لمّا أَبلغَ الفاتيكان بهذه الجولة الرعائية على المسيحيين في أربيل أوفَد الكاردينال سكولا، وهو المكلّف تنظيمَ العلاقات المسيحية – الإسلامية في حاضرة الفاتيكان، ليكونَ إلى جانبه في هذه الزيارة، ليؤكّد لمسيحيّي المنطقة والعالم حجمَ اهتمامه بما آلت إليه أوضاعهم، وليكوّن فكرةً عمّا يمكن القيام به استعداداً لمبادرةٍ ما يمكن أن يطلقَها الفاتيكان لدى عواصم الدوَل الكبرى، ولا سيّما دوَل التحالف الدولي المشارك في الحرب على داعش.

وذكرَت المصادر أنّ الراعي وسكولا سيلتقيان كبارَ المسؤولين في أربيل ورؤساء الكنائس المسيحية وممثّليهم في المنطقة للتشاور في التطوّرات الأخيرة. وأوضحَت أنّ الزيارة ستَستغرق يوماً واحداً يعود بعدها الوفد إلى لبنان قبل أن يغادر سكولا السبت عائداً إلى الفاتيكان.