IMLebanon

كلام رئاسي لنصرالله اليوم… وإقلاع حكومي

في الوقت الذي أقلعَ مجلس الوزراء بإقرار التعيينات العسكرية بإجماع نغّصَه تحفّظ البعض، لفّت الواقعَ السياسي المشدود إلى ترشيحَي رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية حالٌ من الانتظار لمواقف سيعلِنها الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله في شأن الانتخابات الرئاسية، من شأنها أن تميط اللثامَ عن صمت الحزب على هذه الانتخابات منذ تبنّي رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ترشيح عون.

فيما لم يشهد الملف الرئاسي أيّ معطيات جديدة، وبعد تساؤلات البعض المتكررة عن سرّ صمت «حزب الله» المطبق إزاء تبنّي جعجع ترشيحَ عون، وبعد كلام فرنجية الذي سأل فيه كيف سينسحب مَن لديه 70 صوتاً لمصلحة مَن لديه 40 صوتاً؟ يَحسم السيّد نصرالله موقفَ الحزب من الملف الرئاسي في إطلالة متلفَزة الثامنة والنصف مساء اليوم.

وإذ قالت مصادر مواكبة للاستحقاق الرئاسي لـ»الجمهورية»: «إنّ جميع القوى السياسية ستَبني على مواقف السيّد نصر الله لتحدّد خياراتها وسبلَ تعاطيها مع الاستحقاق الدستوري في قابل الأيام والأسابيع».

لاحَظ مراقبون أنّ التنافس السائد بين «الترشيحين القويَين» لم يستدرج بعد أي مبادرة داخلية للتقريب بينهما وتحويل التنافس توافقاً بحيث ينسحب أحدهما للآخر، ما يؤكّد أنّ أيّ فريق لا يمكنه «المَونة» على الفريق الآخر، لأنّه، كما يقول أحد الراسخين في «علم الاستحقاق»، إنّ «في الانتخابات الرئاسية لا يَستطيع أيّ فريق أن يمونَ على الآخر».

وفي الوقت الذي يبرّر البعض لفرنجية تمسّكه بترشيحه، لاعتقاده بأنّ حظوظ عون ليست في مستوى حظوظه، فإنّ بعضاً آخر يأخذ على عون أنّه لم يردّ لفرنجية مبادراته وواجباته تجاهه، ففرنجية عندما عاد من لقائه الأوّل مع الرئيس سعد الحريري في باريس التقى وزير الخارجية جبران باسيل في البترون ثمّ قدّم التعازي لعون بشقيقه ثمّ زارَه في منزله لاحقاً، لكنّ عون لم يردّ على هذه المبادرات بمِثلها حتى الآن.

ويرى المراقبون أنّ المعطيات السائدة تَشي بأنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي ما زال متأخّراً، لكنّهم لاحظوا أنّ «شيئاً ما بدأ يتحرّك خارجياً» في هذا الاتّجاه، من دون أن يكشفوا طبيعتَه.

في غضون ذلك لم يصدر أيّ موقف مباشر حول الاستحقاق الرئاسي عن محادثات القمّة الفرنسية ـ الايرانية في الاليزيه بين الرئيسين فرنسوا هولاند وحسن روحاني، لكنّ الوضع في لبنان لم يغِب عن هذه المحادثات، إذ دعا هولاند في ختامها إيران الى «تفادي أيّ انفجار للوضع في لبنان المهدّد مباشرةً بتداعيات الأزمة السورية».

وقال: «في لبنان الهدوء هشٌّ والوضع متوتّر (…) علينا أن نَبذل ما في وسعنا لضمان وحدة لبنان والسَهر على عدم استمرار الفراغ المؤسساتي»، في إشارةٍ منه إلى عجز القادة السياسيين اللبنانيين عن التفاهم على اسم الرئيس المقبل.

جعجع

وعشيّة إطلالة السيّد نصرالله، ردّ جعجع على بعض من انتقدَ مصالحة معراب «لأسباب شخصية وحسابات ضيّقة»، فأكد أنّ «ما أردناه هو أن نَجمع وليس أن نفرّق». وأدرجَ جعجع خطوةَ ترشيح عون «في سياق الخروج من الفراغ الرئاسي الذي طالَ كثيراً، فضلاً عن الانتهاء من الوضعية التي كنّا فيها مع «التيار الوطني الحر» طوال 30 عاماً».

واستغرَب «مَن ينتقد هذه المصالحة التي تمَّت، بينما كان هؤلاء المنتقِدون في الأمس القريب هم أنفسُهم يطالبوننا بوجوب المصالحة، وعندما تصالحنا تصاعدَت بعض الأبواق المتضرّرة من هذه المصالحة واتّهمَتنا بأنّنا نريد إقفالَ البيوت السياسية وإلغاءَ الآخرين وبأنّ هذا تكتّل طائفي، وسواها من الاتهامات»، وسأل جعجع: «أين لمسوا الطائفية في النقاط العشر التي وردت في إعلان الترشيح؟»

الحريري

في هذا الوقت، قال الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري إننا « لم نقِف مكتوفي الأيدي بل دفَعنا مِن رصيدنا السياسي والشعبي وما زلنا نحاول قدرَ الإمكان تأمينَ الحلول لكلّ الأزمات، لكنّ البعض آثرَ تأزيمَ الأزمات والهروبَ من أزمة إلى أزمة من دون أن يفكّر للحظة بحياة اللبنانيين وبمصالحهم أو بلقمة عيشِهم في الداخل والخارج.

ونحن على ثقة بأنّ اللبنانيين قادرون على الخروج من هذا النفق المظلم إذا ما اجتمعت كلّ الجهود الصادقة على إنقاذ لبنان وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بالاحتكام إلى اللعبة الديموقراطية في مجلس النواب. من هنا نقول إنّ الطريق الحقيقية إلى رئاسة الجمهورية تمرّ في مجلس النواب تحت سقف الدستور واتّفاق الطائف «.

مجلس الوزراء

مِن جهة ثانية، نقلَ زوّار رئيس مجلس النواب نبيه بري عنه ارتياحَه الى التئام مجلس الوزراء أمس بكلّ مكوّناته وإقرارِ التعيينات العسكرية، وتوقّع أن ينتظم المجلس في جلساته بعد اليوم وفقَ آليّة العمل الحكومي المتّفَق عليها سابقاً قبل حصول التعطيل والمقاطعة.

وكان المجلس أقرّ خلال جلسته أمس التعيينات في المجلس العسكري وشَملت: العميد الركن سمير الحاج عن المقعد الأرثوذكسي، العميد الركن جورج شريم عن المقعد الكاثوليكي، والعميد محسن فنيش عن المقعد الشيعي.

وفقَ معلومات «الجمهورية» فإنّ الجلسة بدأت بكلمة للرئيس تمّام سلام أكّد فيها ضرورة تفعيل عمل مجلس الوزراء، داعياً جميعَ الكتل السياسية إلى تفهّم «التفاهم» السياسي كمخرج لعودة الحكومة.

ثمّ قدّم وزير الدفاع سمير مقبل الأسماء المقترحة لتعيينات المقاعد الثلاثة في المجلس العسكري

ـ المقعد الأرثوذكسي: 4 أسماء، هم: العمداء فؤاد القسيس، خير فريجي، سمير العسيلي وسمير الحاج، مُتبنّياً فريجي.

المقعد الكاثوليكي: 3 أسماء، هم العمداء: غابي الحمصي، جورج شريم وغسان شاهين، مُتبنّياً شريم.

المقعد الشيعي: 3 أسماء، هم العمداء: محمد جانبين، خليل ابراهيم، محسن فنيش، مزكّياً فنيش.

وتمّ التوافق مباشرةً على شريم وفنَيش. ودار نقاش طويل حول المقعد الأرثوذكسي تخَلّلته مداخلات انقسَمت بين مشدّد على التفاهم السياسي وبين معترض على إدخال المؤسّسات العسكرية ضمنَ البازار السياسي، فما كان من سلام إلّا أن حسَم النقاش بضرورة العودة إلى التفاهم كونه بنداً خلافياً.

وإلى مُقبل اعترضَ على اسم العميد سمير الحاج كلٌّ من وزيرَي الكتائب سجعان قزي وألان حكيم، إضافةً إلى الوزير بطرس حرب، معتبرين أنّ تعيينَه لا يُراعي معيارَ الأقدمية، وتحفّظَ كلّ مِن الوزيرين عبد المطلب حناوي وميشال فرعون الذي عاد عن تحفّظه بعد تلقّيه وعداً بطرح ملف أمن الدولة.

وبعد الكلمة الفصل لسلام، تراجَع المعترضون باستثناء حرب الذي رفضَ إدخال المؤسسة العسكرية في الحسابات السياسية، كذلك عاد المتحفّظون عن تحفّظِهم وتمنّى الجميع للعمداء الثلاثة التوفيق في مهمّاتهم العسكرية. وكان لافتاً صمتُ وزراء «المستقبل» خلال النقاشات.

المشنوق

وقال وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ«الجمهورية»: «كان النقاش هادئاً وفي العمق، وهناك مشكلات تحتاج إلى نقاش من دون انفعال، وبَعد الاتفاق على التعيينات العسكرية انتقلَ الخلاف الآن إلى البنود الأخرى». وكشف أنّه سيدرج على جلسة مجلس الوزراء الثلثاء المقبل البند المتعلق بالتعيينات الأمنية في قيادة قوى الأمن الداخلي بالإضافة إلى بند تحويل فرع المعلومات شعبة».

أبو فاعور

وقال الوزير وائل ابو فاعور لـ«الجمهورية»: «ما حصَل اليوم (أمس) هو ولادة جديدة للحكومة، وقد أثبتنا أنّ التفاهم السياسي أقوى من المراكز، لأنّ التفاهم السياسي الذي حصَل حول التعيينات أدّى إلى إتمامِها وأخرجَ الحكومة من عنق الزجاجة».

خليل

وبدورِه الوزير علي حسن خليل قال لـ»الجمهورية»: «النقاشات التي اعتمدناها أنتجَت هذا التفاهم الذي أعاد لمَّ شملِ الحكومة، والآن تكريس التفاهم إلزامي بين القوى لإخراج البلد من عُقَد التعطيل، ولا بدّ لهذا التفاهم من أن ينسحب على إعادة تفعيل عمل المجلس النيابي».

عريجي لـ«الجمهورية»

ووصَف وزير الثقافة روني عريجي لـ«الجمهورية» جلسة الأمس بأنّها «عودة جيّدة لمجلس الوزراء»، آملاً في «أن يستمرّ الحفاظ على عمل المؤسسات ومصالح المواطنين الذين يَدفعون ثمنَ التعطيل من دون أن يكون لهم أيّ ذنب في ذلك، ومن المفترض أن تعود الجلسات إلى مجاريها، وأن نتجاوز العقبات والملفّات الخلافية التي قد تطرأ على قاعدة التعاون الإيجابي».

مصدر عسكري

وفي سياقٍ متّصل، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «قيادة الجيش تتعامل مع التعيينات العسكرية بشقّها العسكري المهني الصرف، من دون الدخول في الزواريب السياسيّة، لأنّ القيادة تعزل الجيش عن الانقسامات السياسية والمذهبية».

«النصرة» و«داعش»

أمنياً، وفيما استمرّت الاشتباكات بين «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» في جرود عرسال والقلمون، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ»الجمهورية» أن «لا تأثير لهذه الاشتباكات على الوضع الأمني في عرسال والبقاع، بل على العكس، فإنّ هذه الاشتباكات تخدم الجيشَ اللبناني، لأنّ التنظيمين يواجهان بعضهما بعضاً ويَدخلان في حرب استنزاف، ما يُفقدهما جزءاً من قوّتهما».

ولفت المصدر إلى أنّ «جبهة عرسال متماسكة والتفوّق العسكري واضح لمصلحة الجيش اللبناني الذي يَنشر ما يزيد عن 4 آلاف جندي على تلال البلدة ويَستخدم الصواريخ والأسلحة المتطوّرة لاستهداف المسلّحين، إضافةً إلى أجهزة الرصد والمراقبة»، مشيراً إلى «وجود تضخيم لِما يحصل في الجرود».