IMLebanon

 المراوحة عنوان المرحلة… ولا مبادرات دولية لحلّ الأزمة الرئاسية

في وقتٍ تواصل تركيا إرسالَ تعزيزات عسكرية إلى حدودها مع سوريا، ظلّ الانهماك الدولي والإقليمي منصبّاً على معالجة أزمات المنطقة، وفي مقدّمها الأزمة السورية. وترافقَ ذلك مع تأكيد أممي على استمرار المشاورات الديبلوماسية والعسكرية بين الولايات المتحدة وروسيا وعلى مستوى رفيع، بغية التوصّل إلى وقفٍ «صلب ومتماسك» لإطلاق النار في سوريا، وإعلان روسي بلسان نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، عن لقاء سيَجمع بعض العسكريين الروس والأميركيين قريباً وخلال الساعات المقبلة لإنهاء الاتفاق حول تسوية الوضع الخاص لمدينة حلب، مؤكّداً أنّ موسكو وواشنطن حقّقتا تقدّماً بشأن مسألة فصلِ الإرهابيين عن المعارضة المعتدلة في سوريا.

في غمرةِ هذا الانشغال، تأكّد غياب أيّ مبادرة دولية لحلّ أزمة الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، وأعاد الجميع رميَ الكرة في ملعب اللبنانيين، الذين تقع على عاتقهم وحدهم معالجة مشكلاتهم.

والكلام السياسي الذي يعبّر عن واقع هذه الحال، صدرَ عن وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية توماس شانون، وأكد فيه أنّ الولايات المتحدة الاميركية والمجتمع الدولي سيواصلان تقديم الدعم الثابت للبنان، إلّا أنّه لا يمكنهم «تقديم حلول للقضايا اللبنانية الداخلية مِثل الفراغ الرئاسي»، مشدّداً على أنّ هذه الحلول «يجب أن تأتي من المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني».

الحوار الوطني

ومع اقتراب الخامس من أيلول موعد جلسة الحوار الوطني في عين التينة، لا تحمل المؤشرات أيّ تبدّلات في مواقف القوى السياسية، والوضع على حالِه من التباعد والانقسام.

وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ينتظر أن يتلقّى من المتحاورين تسمية ممثّليهم الى لجنة إنشاء مجلس الشيوخ، فإنّ الأجواء السياسية السائدة عشية الجولة الحوارية تشي بأنّ غالبية القوى السياسي تقارب هذا الموضوع بوصفِه مادةً لا تتّسم بالضرورة الملحّة في هذه المرحلة.

وعليه، فقد يَغلب التوجّه نحو التركيز في جلسة 5 أيلول على البند الرئاسي الذي يُعتبر بإجماع القوى السياسية اكثرَ البنود حرارةً وضرورة، الى جانب الملف الاكثر تعقيداً والمتعلق بالقانون الانتخابي الذي ما زال مستعصياً على الحلول.

واللافت للانتباه انّ غالبية القوى السياسية المشاركة في الحوار، باتت تعبّر عن الملل ممّا يوصَف بالدوران حول الذات على طاولة الحوار، ومن عدمِ تمكّن المتحاورين من تحقيق خرقٍ ولو طفيف، يفتح بعضَ الآفاق نحو حلول ولو متواضعة، حتى إنّ بعض هؤلاء صار يقارب الحوار من أساسه كمناسبة لا تقدّم ولا تؤخّر.

إلّا أنّ برّي الذي يبدو أكثرَ المتحمسين لبَلورة حلول على الطاولة، يصِرّ على اعتبار الحوار حاجةً حتى ولو كان لمجرّد الحوار؛ «تصوّروا لو أنّ البلد بلا حوار، فهل يستطيع أحد أن يتوقع ما قد يحصل». وأكثر من ذلك، هذا الحوار، إن قرّر الجميع النزول كلٌّ عن شجرته ومقاربة الملفات بكلّ مسؤولية، يمكن ان يكون مفتاح الحلول لكلّ المشاكل التي نعانيها.

وخلافاً للاعتقاد السائد بعدم جدوى الحوار القائم، فإنّ بري يؤكد أنّ في إمكان القوى السياسية ان تثبت أنّها قادرة على ابتداع الحلول وتجاوزِ كلّ التعقيدات، خصوصاً انّنا دخلنا في لعبة الوقت الصعبة، وأمامنا فرصة للربح، وعلينا مسؤولية مشتركة بالبحث عن المخارج والحلول ورسم التفاهمات وأن نخرجَ بنتائج سريعة، سواء في ما خصّ القانون الانتخابي الذي يشكّل مفتاح الحل لكلّ ما نعانيه، أو لرئاسة الجمهورية، قلتُ وما زلت أؤكّد أنّ الحلّ الإنقاذي للبنان يَكمن في التوافق على السلة الرئاسية والحكومية، وفي ما خصّ قانون الانتخاب، لقد آنَ الأوان أن نصل الى التفاهم والتوافق، فالوقت يداهمنا والبلد لم يعُد يحتمل تضييعَ مزيد من الوقت.

ونُقل عن بري أمام زوّاره استغرابه الاتّهامات التي تضعه في خانة الخصام الشديد مع بعض الاطراف السياسية، مذكّراً مطلقي هذه الاتهامات: «أنا راعي الحوار، سواء بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، أو الحوار الوطني منذ العام 2006، لم أسعَ يوماً لأكون في موقع التناقض مع أحد، أياً كان هذا الأحد، وأكثر من ذلك فإنّ همّي الدائم البحث عمّا يَجمع الجميع ويقرّب المسافات في ما بين كلّ المكوّنات، وإزالة الأسباب التي تفرّق أو تباعد في ما بينهم».

الأزمة الحكومية

وفي موازاة ذلك، ظلّت الأزمة الحكومية تراوح مكانَها. وقالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» أن لا جديد على خط هذه الأزمة، مؤكّدةً توقّفَ كلّ الاتصالات وغياب مبادرات الحلّ، بانتظار عودة رئيس الحكومة تمام سلام من السفر.

وأضافت المصادر – وهي على اطّلاع على ما يدور من اتصالات بين الرابية و»بيت الوسط»- أنّ كلّ الامور مجمّدة منذ اللقاء الأخير بين رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ونادر الحريري قبلَ سفره، واستبعَدت حصول تطوّرات قبل عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت والمرتقبة بعد أيام، بحسب ما أكّد مسؤول كبير لـ»الجمهورية».

الرابية

وفي هذا السياق، علمت «الجمهورية» أنّ الرابية لا تزال تعوّل على خطوة مرتقبة من الحريري في شأن محاولة الاتفاق على التسوية الرئاسية.

وقالت مصادرها لـ«الجمهورية» تعليقاً على دعوة بري إلى «وقف الدلع السياسي»: نحن نحب أن نتدلّع، ويحقّ لنا ذلك لأنّنا محرومون، فنحن محرومون من التعيينات ومن الرئاسة، ومن الحصَص محرومون، فالمسيحيون محرومون من كلّ شيء».

وأكّدت المصادر مشاركة «التيار الوطني الحر» في جلسة الحوار الاثنين، وقالت: «سنذهب الى الجلسة لكي نَسمع تفسيراتهم عن الميثاقية والتعايش والحصَص حسب اتفاق الطائف، فليفسّروا لنا ذلك لأنّنا لا نفهم عليهم، ولتتوحّد مفاهيم الميثاقية وقواعد تطبيقِها، وفي ضوء نتائج هذه الجلسة سيكون لكلّ حادث حديث، إذ لا قرار بعد بمقاطعة الحوار، فعندما نصل إليها نصلّي عليها».

ولم ترَ المصادر أيّ بوادر حلّ حتى الآن، وقالت: سنذهب معهم حتى النهاية، ونبيّن لهم أين يخطئون. ونحن متمسّكون بالدستور والقانون والميثاق، أمّا إذا رفضوا فهذا موضوع آخر.

وأشارت المصادر، من جهة ثانية، إلى أنّ اللجنة التي تضمّ قانونيين ودستوريين تعكف على إعداد الطعن بكلّ المراسيم الصادرة جرّاء قرارات الجلسة الحكومية الأخيرة، والتي تحتاج لتواقيع جميع الوزراء.

شروط العودة

وعلمت «الجمهورية» أنّ وزراء «التيار الوطني الحر» يشترطون من أجل العودة الى مجالس الوزراء، إبطالَ التمديد للأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، وتعيين ضابط جديد مكانه، وكذلك تعيين قائد جيش جديد، ما يعني أنّ طريق الحل مقفَل حتى الساعة.

يأتي ذلك في وقتٍ يسير المعنيون الرسميون بهذا الملف في اتّجاه آخر، حيث يُتوقع أن يصدر عن وزير الدفاع سمير مقبل في الأيام القليلة المقبلة قرار التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

«الحزب»

في هذا الوقت، اعتبَر «حزب الله» أنّ تيار «المستقبل» قد يكون الأكثر استفادةً مِن وصول رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى الرئاسة. وقال النائب علي فياض إنّ «استمرار الوضع السياسي في حالةِ مراوحةٍ وانتظار، وعدم القيام بخطوات إيجابية، يزيد الأمورَ تعقيداً وسلبية، وهذا ليس من مصلحة أحد، مُعتبراً أنّ الموافقة على عون رئيساً «ستفتح الباب على تدحرج إيجابي يساعد على حلحلة المشاكل الأخرى».

فتفت لـ«الجمهورية»

وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية»: إنّ طريقة «حزب الله» الجديدة، أي الترغيب بدل الترهيب، غير مفيدة. نحن نناقش بالموضوع السياسي. لا مصداقية ولا التزام بأيّ كلام يقولونه، وبالتالي نحن لا نعتبر أنّه لا يوجد ضمانات ولا أي مصداقية إلّا ضمن إطار العمل البرلماني، فليتفضّلوا إلى مجلس النواب إذا شاؤوا انتخاب رئيس، لكن ان ننتخب نحن العماد عون، فهم لن يغيّروا قناعتنا بعون.

من جهة أخرى، اعتبَر فتفت أنّ بري» يحاول تقريب الأمور، لكن من الواضح أنّه يسير بالمسار الذي يسير «حزب الله» فيه من حيث السلة المتكاملة. لكن هذه السلة تعني محاولة ردِّنا إلى «دوحة « التي سبقَ أن جرّبناها ولم تؤدِّ إلى أيّ نتيجة.

لم يلتزموا بشيء. قانون الانتخابات الذي فرضوه تراجعوا عنه عندما فشلوا في الانتخابات، وأسقطوا الحكومة، فعن أيّ التزامات يتحدثون؟ المصداقية الوحيدة بالنسبة لنا هي العمل البرلماني وضمانات المؤسسات، ولا نريد أيّ ضمانة أخرى، لا من الحزب ولا من أيّ أحد، ولا الرئيس الحريري مستعجل لكي يكون رئيس حكومة برعاية «حزب الله».

فإذا وصَل ديموقراطياً ومعه تأييد أكثرية برلمانية أهلاً وسهلاً، وإذا كانت الأكثرية من رأي آخر نذهب الى الرأي الآخر، كما حصل قبل أيام الرئيس نجيب ميقاتي».

المشنوق

وكان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اعتبَر أنّ كلام المواجهة «يزيد الانقسام في البلد، والكلام السياسي يجب أن يكون جامعاً وقادراً على الاستيعاب ومنصِفاً لكلّ الناس»، مكرّراً القول إنه سيضع أسباب غيابه عن جلسة مجلس الوزراء الاخيرة بتصرّف رئيس الحكومة تمام سلام.

وجدّد المشنوق التأكيد على عدم جواز تعيين قائد الجيش أو المدير العام لقوى الامن الداخلي قبل انتخاب رئيس للجمهورية، مشدداً على أنّ الأولوية الآن هي لانتخاب رئيس الجمهورية، «لا للخلاف على أيّ موضوع آخر»، وأكّد أنه «إذا كان هناك من جهد يُبذل أو خلاف أو اتفاق، فتحت عنوان واحد، هو انتخاب رئيس جمهورية».

مشاعات العاقورة

من جهة، ثانية، أكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» أنّ «أزمة مشاعات العاقورة سَلكت طريقها نحو الحلّ، لأنه ينطبق عليها قانون نطاق جبل لبنان القديم»، مؤكّدةً أنّ «مشاعات العاقورة وتنّورين وسائر مناطق الجبل ستبقى ملكَ البلدة وعموم الأهالي».

وكانت الديمان قد شهدت حركة لافتة، حيث تابَع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس قضيّة العاقورة، واستقبلَ منسّق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» فارس سعيد، ووفدَ البلدية، وتمّ التشديد على أنّ الأهالي لن يَسمحوا بانتزاعات أملاك البلدة.

وقد اتّصل وزير الاتصالات بطرس حرب بوزير المال علي حسن خليل لبحثِ أزمة مشاعات العاقورة وتنّورين، وأكّد حسن خليل أنّ «المذكّرة التي أصدرَها هي تطبيق للقوانين التي تستثني العقارات الواقعة في منطقة جبل لبنان تاريخياً».

النفايات

إلى ذلك، انشغلَ اللبنانيون بأزمة النفايات القديمة ـ الجديدة التي تربَّعت في ساحل المتن وكسروان، وتكدّست في الشوارع وعلى الطرقات، وقرَّر وزير الداخلية، بعد اجتماعه بوزير الزراعة أكرم شهيّب، توجيه دعوة إلى اجتماع يُعقد مطلع الأسبوع المقبل في وزارة الداخلية ويخصَّص لدراسة حسنِ تطبيق خطة معالجة النفايات المنزلية الصلبة بناءً لطلب الأخير.

وستوجَّه الدعوة إلى رؤساء اتّحاد البلديات والبلديات المعنية بمشكلة النفايات في قضاءَي المتن وكسروان – الفتوح، في حضور شهيّب وفريق عمله، وكذلك أعضاء الفريق الفني المركزي الذي يرأسه المشنوق.

وكان وزير التربية الياس بو صعب قد جالَ ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في المطمر القديم ببرج حمود، وعايَنا المكبّ الذي يتمّ إنشاؤه. وأكّد بوصعب أنّ ما رآه كان متوقّعاً، وهو ما يؤكّد أنّ حركة الكتائب بمحلّها لأنّ تنفيذ ما يُعرَف بخطة الحكومة لم يحصل، فالعمل يتمّ من دون حسيب أو رقيب». وشدّد على أنّ الحلّ الوحيد هو باللامركزية الإدارية.