IMLebanon

برّي وسلام يلتقيان قريباً ولقاء عون ـ جعجع ليس بعيداً والراعي يتحرّك مُجدّداً

جملة ملفّات إقليمية تستأثر بالاهتمام، وفي مقدّمها ملف الحرب على الإرهاب وسط انشغال حثيث بالاستعدادات للمرحلة المقبلة من العمليات الحربية ضدّ «داعش» والتي كان آخر ضحاياها عاملة الإغاثة الأميركية كايلا مولر، وحديث عن سعي الإدارة الأميركية إلى تفويض رسمي يُجيز لها استخدامَ القوّة العسكرية ضد هذا التنظيم. وإلى هذا الملف اهتمام بالملف النوَوي الإيراني وهل سيتصاعد الدخان الأبيض في 16 آذار المقبل، وهو الموعد المحتمل لإقرار اتّفاق بين إيران ومجموعة دوَل الـ 5+1، بعد إعلان الرئيس باراك أوباما أنّ المفاوضات النوَوية وصلت مرحلةً توجِب على إيران اتّخاذ قرار سياسي، ودعوة الرئيس حسن روحاني الدوَل الكبرى إلى «اقتناص فرصة» التوصّل إلى اتفاق نوَوي، مؤكّداً أنّ إيران اتّخذَت «الخطوات اللازمة» لذلك. وإلى هاتين المحطتين اللتين يقطعهما مشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يلقي خطابَه أمام الكونغرس الأميركي حول الملف النووي الإيراني، محطة أُخرى في 17 آذار أيضاً، موعد إجراء الانتخابات التشريعية الإسرائيلية المبكرة.

تترقّب الأوساط السياسية في لبنان محطتين بارزتين، الأولى في 14 شباط والمواقف التي سيعلنها الرئيس سعد الحريري في ذكرى استشهاد والده، في مهرجان يقيمه تيار «المستقبل» في مجمع «بيال» في وسط بيروت، والثانية في 16 شباط التي سيطلّ فيها الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله من مجمع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية للحديث عن آخر التطوّرات والعمل المقاوم في ذكرى الشهداء القادة السيّد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية. ويُتوقّع أن تعكس مواقف الحريري ونصرالله معالمَ المرحلة المقبلة على المستويَين الداخلي والإقليمي.

الاستحقاق الرئاسي

وفي هذه الأجواء، دخل لبنان في عين العاصفة الطبيعية «يوهان» التي هبَّت عليه بشدّة مساء أمس، ما سيزيد من حدّة الجمود السياسي وغياب أيّ حراك في شأن الاستحقاق الرئاسي الذي ما يزال أفقُه مسدوداً، في حين يستعدّ تيار «المستقبل» و«حزب الله» لجولةٍ حوارية سادسة بينهما لم يتحدّد موعدها بعد، في وقتٍ يواصل «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» استعداداتهما للّقاء المرتقب بين النائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع. وعلمَت «الجمهورية» أنّ التحضيرات لهذا اللقاء قد شارفَت على الانتهاء، وأنّ موعدَه لم يعُد بعيداً، إلّا أنّه لن يعلنَ عنه مسبَقاً لأسباب أمنية.

الراعي وجيرو

في غضون ذلك، تترقّب الأوساط السياسية عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من الفاتيكان لمعرفة نتائج لقائه مع مدير دائرة الشرق الأوسط وأفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، والذي شاركَ فيه وزير خارجية الفاتيكان ومسؤول العلاقات مع الدوَل المطران بول كالاغير والسفير الفرنسي لدى الكرسي الرسولي برونو جوبير، حيث تناولَ البحث سُبلَ إنهاء الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية اللبنانية، والتحرّك المطلوب لبنانياً والدور الذي يجب على الدوَل الصديقة وفي طليعتِها الكرسي الرسولي وفرنسا أن تؤدّيه في هذا الشأن.

وإذ لم تكشف دوائر بكركي عن نتائج هذا اللقاء، علمَت «الجمهورية» أنّه تخلّلته جوجلة لحصيلة الاجتماعات التي عقدَها جيرو في لبنان والمنطقة، وتبيّنَ بنتيجتها أنّ موضوع الرئاسة لا يزال يراوح مكانه، وأنّ جيرو يأخذ على اللبنانيين أنّهم فوَّتوا فرصةً كانت متاحةً لهم الشهرَ الماضي لانتخاب رئيس، ومن الصعب توافرُها مجدّداً قريباً.

في حين اعتبرَت مصادر معنية أنّ هذه الفرصة هي فرصة مجازية لا ترتكز على معطيات جديدة، وأنّ فرنسا كانت تعوّل على إمكانية إحداث خَرق استناداً إلى الأجواء التي كانت سائدة في الآونة الأخيرة.

إستراحة فرنسية

وعلمَت «الجمهورية» أنّ التحرّك الفرنسي سيأخذ استراحة في المرحلة المقبلة، في انتظار معرفة مدى نجاح المسعى الذي سيقوم به الراعي بعد عودته، إذ من المنتظَر أن يدعو القيادات المسيحية الى اجتماعات فردية أو ثنائية، وربّما رباعية، في حال لمسَ تجاوباً لديها.

شمعون

وفي المواقف من الاستحقاق، لم يتلمّس رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون أيّ معطى جديد يَشي باقتراب موعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وقال لـ«الجمهورية»: «لا أتوقّع حصول أيّ تقدّم إيجابي في شأن هذا الملف، وبالتالي فإنّ الوضع لا يزال على حاله، فالمشكلة كلّها عند «حزب الله» وميشال عون، والحزب يتمنّى أن لا تحصلَ الانتخابات لكي يطالب غداً بتعديل الدستور، وهذا هو مخطّطه».

وقيلَ لشمعون إنّ الحزب لطالما استعجلَ إنجاز هذا الاستحقاق وكرّر دعمَه ترشيحَ عون، وهو يمضي قدُماً في حواره مع تيار «المستقبل»؟ فرَدّ قائلاً: «لأنّه يدرك سَلفاً أنّ هذا الحوار ليس جدّياً، بدليل أنّ الوضع يراوح مكانه و»المستقبل» لن يقبلَ، وحتى إشعارٍ آخر، بميشال عون رئيساً، فيما الحزب يصرّح من على أبواب الرابية أنّ مرشّحه هو عون و»ما بيَقبَل بدالو»، فماذا نكون فعَلنا إذاً؟».

وأكّد شمعون أنّه لا يتوقع انتخاب الرئيس العتيد في الوقت الحاضر «إلّا إذا اقتنعَ رئيس مجلس النوّاب والنوّاب بالعودة إلى نصاب النصف زائداً واحداً».

وعن اقتراح رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بإعادة الاعتبار للبُعد الوطني في انتخاب رئيس الجمهورية بدلَ حصرِه بالمسيحيين، سألَ شمعون: «لماذا رشّحَ جنبلاط إذاً النائب الماروني هنري حلو؟» وأضاف: «لو كنّا في ظرف طبيعي وأوضاع هادئة لكان يمكن السَماح ربّما بإمرار بعض التعديلات، لكن في وضعنا الراهن والموارنة على محَكّ الامتحان فأنا لا أشاركه رأيَه، لكن ربّما أنّ هناك أمراً إيجابيا في اقتراحه وهو توفير البَهدلة علينا، وبذلك نكون سقطنا في الامتحان بطريقةٍ أخرى وليس على يدنا».

آليّة العمل تنتظر

وعشيّة جلسة مجلس الوزراء التي تُعقَد غداً الخميس للبحث في جدول أعمال عادي، واصلَ رئيس الحكومة تمّام سلام استمزاجَ آراء الوزراء في الآليّة الجديدة التي ينوي مناقشتَها في مجلس الوزراء للابتعاد عن منطق «الفيتو» الذي يحظى به أيّ وزير بمفردِه، ساعياً إلى اعتماد تصنيف للقضايا والبنود المدرَجة على جدول الأعمال من خلال الفصل بين القضايا الأربع عشرة التي تحتاج إلى إجماع حكوميّ كما لو أنّ رئيس الجمهورية موجود، على أن يكون مجلس الوزراء قادراً على بتّ القضايا العادية والروتينية بالأكثرية التي يحتاجها.

ولهذه الغاية واصلَ سلام لقاءاته مع الوزراء، فالتقى أمس وزير المال علي حسن خليل ووزير الصحة وائل ابو فاعور، وناقشَ معهما شؤونَ وزارتيهما والمشروع الذي يفكّر في طرحه حول آليّة التصويت في مجلس الوزراء.

برّي يلتقي سلام

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره مساء أمس إنّه سيلتقي رئيس الحكومة قريباً، وسيكون موضوع آليّة اتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء البندَ الأساسيّ في البحث، فضلاً عن موضوع فتح دورة استثنائية لمجلس النوّاب، عِلماً أنّ العقد التشريعي العادي الأوّل للمجلس هذه السنة يبدأ في أوّل ثلثاء بعد 15 آذار المقبل.

وأشار برّي إلى أنّ نصوص الدستور واضحة لجهة آليّة اتّخاذ القرار في مجلس الوزراء، في غياب رئيس الجمهورية أو في حضوره، وأنّ الحلّ هو التزام هذه النصوص.

ومن جهة أخرى استبعدَ برّي انعقادَ جلسة حوارية جديدة بين «المستقبل» والحزب هذا الأسبوع، مشيراً إلى أنّ الجلسة المقبلة قد تتناول موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية في حال ارتأى المتحاورون ذلك، خصوصاً أنّ الموضوع الأمني قطعَ أشواطاً كبيرة.

وأكّد برّي أنّ المتحاورين لن يبحثوا في أسماء المرشحين بل في الموضوع الرئاسي من زاوية التلاقي مع الآخرين في هذا البحث، وسيكون التركيز في الحوار على المواصفات المطلوب توافرُها في الرئيس العتيد من دون الخوض في الأسماء التي تترَك للاتّفاق في شأنها مع الأفرقاء الآخرين.

مصادر وزارية

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ بعض الوزراء نبَّه سَلفاً من خطورة العودة إلى الآلية العادية المقترَحة لاتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء، واعتبار رئيس الجمهورية كأنّه موجود على رأس السلطة التنفيذية، ولمّحَت إلى ردّات الفعل السلبية التي تركَتها المبادرة منذ أن أطلِقَت قبل شهر تقريباً واعتبرَ الأقطاب المسيحيون بأنّها «لعِبٌ بالنار»، حسبَ ما وصفَها رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميّل في حينه، فيما عارضَها وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» عندما طرِحَت لدى إقرارالبيان الوزاري وسقَطت في حينه، واعتُبِر تعهّد سلام يومَها بالسعي إلى الإجماع نهجاً لا عودة عنه»

وحذّرت المصادر الوزارية من أنّ السعي إلى هذه الآليّة اليوم قد يكون هدفه إمرار بعض المشاريع الكبرى التي لا يمكن إمرارها في وجود رئيس الجمهورية، وأنّ المراسيم الضرورية لا يمكن استصدارها في ظلّ الرفض الذي عبّرَت عنه مجموعة من الوزراء، ما يُبقي الإجماع مطلوباً.

واعتبرَت المصادر نفسُها «أنّ العبور بهذه الآليّة لإنتاج أمر واقع جديد قد ينعكس على عمل الحكومة، وهو سلاح ذو حدّين ويتّجه البعض إلى القبول به شرط أن لا يرفض رئيس الحكومة عرضَ أيّ ملف على جدول أعمال مجلس الوزراء، وأن لا يستخدم صلاحيات ليست له وحده في وجود رئيس الجمهورية الذي يمارس مجلس الوزراء مجتمعاً مهمّاته اليوم، وهو ما يفتح الباب أمام البَتّ بمشاريع وقرارات كبيرة ومهمّة تحظى بالأكثرية الوزارية ولا يريدها رئيس الحكومة، ولا يحتاج البَتّ بها وفقَ هذا المنطق سوى إدراجها على جدول الأعمال.

هيل عند سلام وقهوجي

على صعيد آخر، جال السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل أمس على سلام وقائد الجيش العماد جان قهوجي، يرافقه الملحق العسكري الأميركي في لبنان العقيد أنطونيو بانشيز، وتناوَل البحث خلال اللقاءَين برنامج المساعدات الأميركية المقرّرة للجيش اللبناني.