IMLebanon

التصويب على التوافق: 6 وزراء يتحكّمون بـ18 وزيراً!

التصويب على التوافق: 6 وزراء يتحكّمون بـ18 وزيراً!

سلام مع الصلاحيات وليس مع الصدام.. والسيارات الـ«أورانج» تُطلق صفارة التعطيل

عشية مجلس الوزراء اليوم، ارتسمت خارطة وزارية تختصر الموقف باتجاهين:

الأول يتعلق بإدارة مصالح البلاد والعباد، وعدم تعطيل جلسات مجلس الوزراء، وعدم التفريط بحكومة «المصلحة الوطنية»، وهذا الاتجاه عبّر عن نفسه عبر اللقاءات التي عُقدت في السراي الكبير، بين الرئيس تمام سلام ووزراء حزب الكتائب برئاسة رئيس الحزب سامي الجميّل، و«اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب وليد جنبلاط، والاتصالات التي تلقاها من وزراء اللقاء التشاوري ووزراء الرئيس نبيه برّي.

أما الإتجاه الثاني، فعبّر عن نفسه في الاجتماع الذي عُقد في وزارة الخارجية والمغتربين، بين وزراء «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«الطاشناق» و«المردة» وعددهم ستة وزراء، وهؤلاء لا يشكلون ثلثاً معطلاً، بل أقلية وزارية استفادت من آلية التوافق التي طرحها الرئيس سلام في مطلع عهد حكومته لتسيير أمور الدولة بأقل خسائر ممكنة، وعلى خلفية أن الحكومة تقوم مقام رئيس الجمهورية، في مهلة زمنية كان من غير المفترض أن تتجاوز هذا الوقت الطويل الذي ناهز السنة والشهرين.

ضمن هذه اللوحة بين أكثرية قوامها 18 وزيراً وأقلية قوامها ستة وزراء، يرتسم أيضاً مشهد سياسي جديد من شأنه أن يضع البلاد أمام منعطف من المتغيّرات ذات التأثير على وحدة الحكومة ووحدة مؤسسات الدولة وإنتاجية القرارات مع تزاحم الاستحقاقات سواء الأمنية أو الاقتصادية أو النفطية، أو حتى التعيينات في الإدارة والأجهزة العسكرية، فضلاً عن التشريع، سواء كان ضرورة أم عادي، وهو في الوقت نفسه غير منفصل عن مسار مفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني.

ومما أضفى على المشهد مسحة تشاؤم، أن الرئيس برّي نأى بنفسه عن المبادرات، كاظماً غيظه من ردّ النائب ميشال عون عليه باعتباره إبن النظام، وهو كان يقصد أن «الجنرال» يدفع البلاد الى الزاوية، فيما أبلغ النائب وليد جنبلاط أنه على خطى حليفه لا يحمل أية مبادرة ولا يرغب بأي دور وساطة، مع الإشارة إلى أن النائب سليمان فرنجية، على الرغم من مشاركة وزيره روني عريجي في اجتماع وزراء 8 آذار، لا يرى مبرراً للحركة الاستعراضية في الشارع، ولا يرى أن التوقيت مناسب لممارسة أية ضغوطات من هذا النوع، في حين يمضي العماد عون في ضغوطه التصاعدية على الحكومة والرئيس سلام، من خلال إطلاق حركاته الاحتجاجية الاعتراضية والاستعراضية، مستفيداً من دعم «حزب الله» له غير المحدود.

جلسة حامية ولا مبادرات

وفي هذا السياق، توقعت مصادر حكومية أن تكون جلسة مجلس الوزراء حامية، تبعاً للتصريحات التي أطلقها وزراء فريق 8 آذار ذات السقوف العالية، مشيرة إلى أن هؤلاء سيدخلون الجلسة ضمن أجواء متشنجة، لكن الرئيس سلام سيُدير الجلسة بكل روية وهدوء وحكمة ضمن روحية عدم القبول بتعطيل عمل الحكومة.

وقالت إن إمكانية الدخول في جدول الأعمال يتوقف على مسار الجلسة وطروحات الوزراء، مشيرة إلى أن هذه المسألة بالذات هي نقطة الكباش وعليها قد يتوقف مصير الجلسة وربما استمرار الوزراء الستة في الحكومة أو خروجهم منها.

ونفت المصادر الحكومية أن يكون الرئيس سلام تبلّغ بأي مبادرة من أي طرف، مشيرة إلى أن تصريحات رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في السراي مع الوفد الوزاري الكتائبي، كانت واضحة لجهة أنه لا يفهم هذا الاستعجال في طرح المواضيع، وهذا التوتّر، في وقت يفترض أن يكون كل شيء في أوانه صحيح وجيّد، وكذلك الأمر بالنسبة لزيارة النائب جنبلاط والتي كانت زيارة دعم وتفهّم لموقف الرئيس سلام، نافية أن يكون قد حمل أفكاراً أو مبادرات.

وبدا دعم جنبلاط واضحاً، من خلال تأكيده أن لا مبرر لتعطيل جلسات مجلس الوزراء والتي تُدار بحكمة الرئيس سلام، مشيراً إلى أن هناك ملفات لا بدّ من إنجازها، كي نؤخر ونتفادى الحريق الآتي، بعدما صارت النار على الأبواب.

ومع ذلك، فإن مصادر وزارية كتائبية رغبت في أن تضع زيارة الجميّل الإبن في خانة ما وصفته بشبه المبادرة، والتي تركزت على شقّين:

الأول: مقاربة جديدة لموضوع تعيين قائد جديد للجيش، والثاني مقاربة واضحة لمنهجية العمل الحكومي المعروفة بالآلية.

بالنسبة للمقاربة الأولى، أوضحت المصادر لـ«اللواء» أن الجميّل طرح حلاً دستورياً وقانونياً يقضي بأن يكون تعيين قائد الجيش قبل أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر من نهاية خدمة القائد الحالي للجيش، من دون حصر اقتراح التعيين بإسم واحد، ومن دون أن يستبق أي وزير لوزير الدفاع المعني الأول في طرح الأسماء، وأن لا يكون هناك «فيتو» على المرشحين الذين يتم التداول بأسمائهم.

أما بالنسبة لمقاربة منهجية عمل الحكومة، فتقضي أن الموافقة أو رفض بنود على جدول الأعمال أو من خارجه يجب أن يتم بالتوافق، على أن لا يعني التوافق تعطيلاً للعمل الحكومي، وفي المقابل، إذا كان الرفض التوافقي أتى من مكوّن أساسي في الحكومة ولأسباب وجيهة مع تبريرات منطقية، فلا يجوز تجاوز هذا المكوّن، أما الرفض للرفض بقصد العرقلة فلا مجال للقبول به.

وأشارت المصادر إلى أن رئيس الكتائب طرح إنعاش روح المشاركة والشراكة في الحكومة فلا يكون هناك وزراء بسمنة وآخرين بزيت، مضيفة بأن الرئيس سلام قدّر للجميّل طرحه وهو أبدى تجاوباً، شاكراً له دعمه للحكومة، مبدياً كل استعداد لدعم الرئيس الجديد للكتائب على رأس هذا الحزب العريق، وقال له: «منذ أن ولدت وأنا أسمع بالكتائب والشيخ بيار».

وحرصت المصادر على التأكيد بأن مجلس الوزراء سيبحث في جدول الأعمال المؤجل منذ قرابة الشهر، وسيحرص وزراء 14 آذار على أن لا يتحوّل النقاش إلى بحث في الآلية، مثلما يرغب وزراء 8 آذار، مشيرة إلى انه في حال طرحت مسألة التعيينات، فان الرئيس سلام سيرد بأنه سبق وطرح الأمر ولم يلق قبولاً، وفي حال خروج وزراء عون و«حزب الله» من القاعة، فان الجلسة ستستمر وستتابع مناقشة جدول الأعمال.

ووصفت المصادر الوضع بأنه غير مريح على المستوى السياسي غير انه ما زال تحت السيطرة.

ولفت وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم والذي كان ضمن وفد حزب الكتائب الذي زار السراي لـ «اللواء» إلى أن الحزب أبدى رفضه طرح أي بند من قبل أي وزير كان من خارج جدول الأعمال إذا لم يحظ بموافقة جميع مكونات الحكومة، مكرراً أن المبادرة تقوم في أساسها على العودة إلى مبدأ التفاهم وعدم تعطيل الحكومة. وقال: «نحن متفقون على رفض التعطيل والتوافق بين جميع مكونات الحكومة»، مذكراً بأن المبادرة تدعو صراحة إلى احترام هذه المكونات ضمن إطار التوافق.

تنسيق وزاري

اما الاجتماع الوزاري التشاوري الذي جمع وزراء «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«الطاشناق» و«المردة» في مكتب الوزير جبران باسيل في قصر بسترس، فلم يكن سوى لتنسيق المواقف في جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم، وتوزيع الأدوار لمواجهة ما يمكن أن يطرح في الجلسة.

وإذ أكّد الوزير محمّد فنيش (عن حزب الله) أن الجميع سيشارك في الجلسة اليوم وانهم يتمسكون بآلية الحكومة المتفق عليها، أوضح الوزير روني عريجي (المردة) أن تياره لن ينزل إلى الشارع، فيما قال الوزير باسيل «نحن وحزب الله نصف البلد، فكما أن لا بلد من دوننا فما من حكومة وقرارات حكومية من دوننا».

وحمل باسيل على الرئيس سلام من دون أن يسميه، معتبراً أن القضية وصلت إلى ان يكون شخص واحد رئيساً للجمهورية ورئيساً للحكومة، وقال «نحن امام عملية خطف لصلاحيات رئيس الجمهورية في غيابه»، واصفاً انعقاد الحكومة اليوم «باليوم المصيري والمفصلي».

وفي المقابل، شدّد الرئيس ميشال سليمان، خلال اجتماعه بكتلته الوزارية، على أن أي توقيع في الحكومة على فتح دورة استثنائية يجب أن ترافقه ضمانات لرد أي تشريع يتناقض مع الدستور ويضرب ميثاق العيش المشترك، في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية يمارس صلاحياته التي تخوله ردّ اي مشروع او الطعن به امام المجلس الدستوري. آسفاً أن تصل الأمور الى ما وصلت إليه من تهديدات بالنزول إلى الشارع على أبواب الموسم السياحي الذي يفترض ان ينعكس إيجاباً على اللبنانيين.

وأكدت الكتلة موقفها السابق من آلية عمل مجلس الوزراء، معتبرة أن «الخشية من اللجوء الى تشريعات غير مطابقة للدستور تحتاج إلى الحصول على ضمان عدم تمريرها، وبالتالي مراجعة المجلس الدستوري، بالإضافة إلى ضرورة توضيح برنامج الدورة وفقاً لما ورد في الدستور».

واستغربت «التوصيفات» التي لا تليق بالمؤسسة العسكرية ولا بقائد الجيش ولا بقيادته ولا بمن يطلقها، والتي لا تخدم الا أعداء لبنان، وسألت عن «المعنى السياسي» للاصرار على تعيين قائد الجيش قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة.

ورأت وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني لـ «اللواء» التي شاركت في الاجتماع مع الرئيس سليمان أن ما يحصل في مجلس الوزراء لا يتصل بآلية العمل الحكومي بل بمنهج التعطيل الذي يمارسه فريق معين، مشيرة إلى أن التكتل ليس مع فريق ضد فريق آخر، وإن ما يهمنا هو تجنّب التعطيل من خلال الإجماع داخل مجلس الوزراء.

عون يستعرض في الشارع

وبدءاً من السادسة من عصر أمس، أطلق «التيار الوطني الحر»، «بروفة» تحركاته الاحتجاجية في الشارع، ضد ما يوصف بـ «تهميش» التيار ودعماً لمطالب رئيسه العماد عون.

وانحصرت هذه «البروفة» بإطلاق مواكب سيّارة بدت متواضعة حملت اعلام التيار مطلقة العنان لأبواقها، جابت العديد من الاحياء والشوارع الرئيسة، وتركزت بصورة خاصة في مناطق كسروان والمتن وجبيل، وصولاً إلى الأشرفية في بيروت، والبترون والكورة وزحلة، وبعض قرى مرجعيون، من دون ان تصل إلى زغرتا التي احجمت عن المشاركة في هذه التحركات، والتي يفترض ان تكون «تعبوية»، تحضيراً للتحرك المزمع اطلاقه اليوم بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، من دون ان تتضح طبيعته.

وأوضحت قيادات شبابية في التيار أن هذه التحركات هي فقط للتعبئة وتأكيد الجهوزية لتلبية أي دعوة للتحرك في الشارع يطلقها عون اليوم، وتكتمت هذه القيادات على طبيعة الخطوة المرتقبة مشيرة إلى ان المسيرات السيّارة هي فقط «بروفة» صغيرة.