IMLebanon

نداء إلى الشباب المسلم: تجربة «تنظيم الدولة» تسقط فلا تسقطوا معها

    من واجب الدولة اللبنانية فتح الباب لإقفال ملف مؤلم ومتفجر

    عودوا إلى لبنان وغادروا  فكر العنف والتفجير

في ضوء التطوّرات المتسارعة في سوريا والعراق ولبنان والمنطقة العربية عموماً، ومع إنكشاف دور المنظّمات المتطرّفة وتحالفها الموضوعي مع النظام السوري والمحور الإيراني، وإستخدام سيطرة «تنظيم الدولة» على الحواضر السنيـّة الكبرى لتدميرها واحتلالها..

ومع سقوط أسطورة القوة التي بنى عليها «تنظيم الدولة» صورته، وتفكّك منظومته، وصولاً إلى لبنان حيث لا يمكن القبول بأي مسعى لضرب الأمن والإستقرار، وبدء تخلّي التنظيم عن أتباعه مع خسارته للمدن ومراكز السيطرة..

.. هذا نداءٌ ودعوة للشباب المسلم من أجل التبصّر ومراجعة المرحلة الماضية بما حملته من ثغرات وتداعيات هائلة، من الواجب العمل على معالجتها والتخفيف من أضرارها.

< «تنظيم الدولة»: أداة لتدمير الحواضر السنيّة

تحوّل «تنظيم الدولة» إلى أداة لتدمير الحواضر السنيّة الكبرى في سوريا والعراق، فكل مدينة سيطر عليها أصبحت أثراً بعد عين، وكان هذا جزء من الإسراتيجية الإيرانية. فقد كشف أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله» في كلمة له بتاريخ 12 أيار الماضي، عن أنّ إيران وأحزابها تتبع إستراتيجية واضحة تتمثل في السماح لتنظيم «داعش» بالدخول إلى المدن والبلدات (السنية) ثم يدخلون إليها ويدمرونها.. وهذا ما حصل من عين العرب وصولاً إلى الموصل التي تسقط وتباد وتـُضاف إلى سلسلة المدن المحتلة من إيران وميليشياتها.

< ما الجدوى؟

إنّ هذه التجارب الدامية تجعلنا نتساءل: إلى متى تسمين شبابنا للتضحية بهم على مذابح السياسات الإقليمية والدولية؟!

وإلى متى يبقى هناك مَنْ يقع في فخ رأى سواه يسقط فيه وهو مُصرّ على المضيّ في الطريق نفسه وإلى الفخّ نفسه؟!

ستسقط تجربة «تنظيم الدولة» تاركة وراءها آلاف الضحايا من الشباب المسلم.. وبعد أن ظن الكثيرون أنها أصبحت «دولة» وكياناً، لكنها لم تكن أكثر من مغامرة دموية وصلت إلى الحائط المسدود..

< نداء من القلب إلى شبابنا المسلم في لبنان

لقد إنخرطتم بدافع الحمية في نصرة الشعب السوري المظلوم، ومن الواضح أنّ مسار الحرب في سوريا إنحرف عن هدف إسقاط النظام المجرم، وبات خاضعاً لحسابات دولية تجعل مشاركة اللبنانيين فيها دون جدوى فعلية..

وأصبح من المؤكد أن كل المساعي لهزّ الأمن في لبنان لا مصلحة للمسلمين فيها، وهي قبل ذلك لن تؤتي نتيجة تؤثر في التوازنات، لا سياسياً ولا أمنياً.. لذلك يصبح الإستمرار في هذه المحاولات ضرباً من العبث والإنتحار وليس من الشرع ولا المنطق البقاء في هذه الدائرة المدمّرة..

إنّ طموحات الشباب المتحرّق لنصرة دينه وأمته، هي طموحاتنا جميعاً، ولكننا عايشنا سلسلة تجارب متعاقبة من أحداث الضنية مروراً بمعركة نهر البارد وليس إنتهاءً بالمواجهات الدائرة في سوريا، ووصلنا إلى خلاصة بأن عمل المنظّمات «الجهادية» مبني على منطلقات يسهل إختراقها وإعادة استخدامها في مسارات تختلف عن المنطلقات التي يراها الشباب مجسّدة لطموحاتهم في القوة والإنتصار على الظلم والقهر..

أتوجه بندائي هذا، بعدما أصبحت آلام أمهاتكم وآبائكم، وإخوتكم وأخواتكم أكبر من الإحتمال، وهم يخضعون لشتى أنواع الإبتزاز والإهمال.. لأناشدكم أن تختصروا طريقاً بات معروف النهاية، فلا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة..

نحن نعلم أن بعض الأجهزة الأمنية تمارس التمييز، وفي مراحل معينة كان أداؤها منتجاً للكثير من عوامل العنف المضاد، ونعلم أن العدالة في لبنان تعاني الكثير من العلل.. ولكن هذا يجب أن يدفعنا إلى المزيد من الوعي واليقظة، حتى لا نقع في تداعيات الصراع السياسي المحلي والإقليمي المرتبط بملفات ما يسمى الإرهاب..

أدعو الشباب المتأثّرين بفكر «تنظيم الدولة» إلى تأمّل ما يجري حولهم وإلى إستخلاص العبر، ولم يظهر منهم ما يكشف انتماءهم هذا أن يخرجوا منه مخرجاً هادئاً كريماً، فلا يشعر بهم أحد، ولا يضعوا أنفسهم قيد تجربة مريرة نريد لهم أن يتجنبوها..

وندعو الشباب الذين غادروا خارج لبنان إلى العودة لأهلهم وذويهم وإلى حياتهم الطبيعية، التي يسودها حسن الإلتزام بالدين والإبتعاد عن منزلقات الإندفاع نحو مشروع ليس لكم دور في بنائه ولا تأسيسه، بل يُراد لكم أن تكونوا مجرّد وقود في حرب ليست حربكم..

وأما الشباب الذين تورّطوا في أعمال أمنية أو هم في صدد التفكير بارتكاب تفجيرات أو اعتداءات، فأتوجه إليهم بصراحة ووضوح لأؤكد لهم أن التراجع واجب، والتخلّي عن ما أنتم فيه أولى وأنفع من الإستمرار في الإندفاع نحو الهاوية، والرجوع عن الخطأ فضيلة..

< واجب الدولة اللبنانية

في المقابل، أدعو البعض في الدولة اللبنانية والقوى السياسية إلى الكف عن المتاجرة بقضايا الإرهاب، والتوجه لإيجاد حل يسمح لكل الشباب الراغب بالعودة إلى لبنان، بأن يتمكن من عودة كريمة آمنة، وفق آليات تضمن الأمن وتستعيد مواطنين وقعوا ضحايا أداء أمني وإجتماعي غير منصف، ودعاية استقطاب سوداء حوّلتهم مطارَدين عبر الحدود.. وبأن تشجع من يرغب في التخلي عن دوره في ضرب الأمن للخروج نحو تسوية يرعاها قضاءٌ يجب أن يتمتع بالقدرة على مواكبة حاجات المجتمع في مواجهة تحديات إستثنائية.

* أمين عام التحالف المدني الإسلامي.