IMLebanon

بن سلمان والحريري… أي دلالات طارئة؟ 

 

خطف المشهد السعودي – اللبناني الذي برز عصر أمس في منتدى الاستثمار في الرياض الانظار عن تعقيدات تأليف الحكومة والمواعيد المحتملة لانجاز اعلان الولادة الموعودة ليرسم معالم سياسية وديبلوماسية ورمزية يصعب تجاهلها. ذلك انه قبل نحو عشرة أيام من مرور سنة على ازمة استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض في الرابع من تشرين الثاني من العام الماضي، اكتسب مشهد حضور الرئيس المكلف سعد الحريري متوسطاً ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وولي عهد البحرين الامير سلمان بن محمد في حلقة حوارية حول “مستقبل الاقتصاد العربي”، ضمن فاعليات “منتدى مستقبل الاستثمار” المنعقد في الرياض بالمملكة العربية السعودية أبعاداً بارزة وطارئة، خصوصاً ان الحفاوة السعودية بالحريري جاءت في لحظة استثنائية تمثلت في تسليط الاضواء الاعلامية والديبلوماسية على هذه الحلقة الحوارية التي خرج فيها الامير محمد بن سلمان للمرة الاولى عن صمته في شأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، كما ان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز كان استقبل الحريري قبل الحلقة.

ولم تقتصر دلالات الاحاطة السعودية بالحريري على الشكليات فحسب، بل ان بن سلمان تعمد اعلان الدعم السعودي لجهوده، ذاهباً الى حد الممازحة علناً أمام المنتدى الاستثماري في موضوع “خطف” الرئيس الحريري. قال ولي العهد السعودي: “دولة الرئيس سعد جالس يومين في السعودية فارجو ما تطلع اشاعات انه مخطوف”. وعلى وقع ضحك المشاركين قال الحريري: “بكامل حريتي” وتصافحا. وكان ولي العهد أكد في كلمته ان”لبنان سيتقدم بجهود الرئيس سعد الحريري”. واذا كان من المبكر الحكم على ما اذا كانت لمحطة الدعم السعودي المباشر للحريري تأثيرات غير مباشرة في استعجال الولادة الحكومية، فان الواضح ان الرئيس المكلف كان يضمر حتى قبل سفره الى الرياض معطيات متفائلة بانجاز تأليف الحكومة في الايام القريبة وتحديداً قبل حلول الذكرى الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في 31 تشرين الاول. وهو عاد وكرر من الرياض أمس تفاؤله بتأليف الحكومة عبر المداخلة التي القاها وقال “لا شك ان لبنان يواجه تحديات كبيرة، وهذه الحكومة التي نشكلها اليوم هي حكومة وفاق وطني. ونحن في الحكومة السابقة والتي كانت أيضاً حكومة وفاق وطني، تمكنا من إقامة مؤتمرات عدة ونجحنا بها، إن كان مؤتمر “سيدر” أو “روما” أو “بروكسيل”، وكل ذلك لمصلحة الجمهورية اللبنانية. والأهم في مؤتمر “سيدر” هو تلك الإصلاحات التي يجب أن ننجزها في لبنان. والتأخير الحاصل اليوم في تشكيل الحكومة ليس إلا لإنجاز حكومة تلامس تمنيات المواطن اللبناني.هذه الحكومة التي سنشكلها ستنفذ كل مقتضيات “سيدر” لكي نتمكن من الخروج من المأزق الاقتصادي الذي نعيشه وتحسين النمو الذي وصل إلى 1.5%. من هنا أنا متفائل بأن الحكومة اللبنانية المقبلة ستكون حكومة عمل واستعادة لثقة المواطن بدولته”.

وأضاف: “هذه الحكومة تأتي أيضا بعد انتخاب الرئيس ميشال عون وبعد الانتخابات النيابية التي لم يتوقع كثر أن نجريها، ولكن الحمد لله أنجزناها. وهي حكومة ستكون صورة عن المجلس النيابي الجديد، والذي أقر بدوره كل الإصلاحات التي وردت في مؤتمر “سيدر” بباريس. والأهم بالنسبة إلي في هذه الحكومة أن يكون الوزراء من الشباب والنساء، لأنه يجب علينا أن نعطي المرأة دورها أيضا في العمل الحكومي بلبنان. وعليه، فإن الحكومة المقبلة ستكون إن شاء الله بمستوى الكوادر التي ستتألف منها، وهي ستضم تكنوقراط أيضا، وستنفذ ما اتفقنا عليه في “سيدر”، وكل ذلك سيندرج في بيانها الوزاري إن شاء الله. في لبنان، الحكومات تحتاج دائما إلى وقت لتتألف، ونأمل أن نشكل هذه الحكومة خلال الأيام المقبلة”.

أما عن الإصلاحات التي وردت في مقررات مؤتمر “سيدر”، فقال: “سيكون الأساس لأي فريق سيدخل إلى الحكومة أن يكون موافقاً على كل هذه إصلاحات. فلبنان لن يتمكن من مواجهة كل هذه التحديات من دون إصلاحات. كما أن لبنان يعاني الهدر والفساد، وعلينا جميعاً أن نتعاون على محاربة هذه الآفة، وهذا جزء أيضا من “سيدر”. من هنا، أشكر كل الدول التي ساهمت في إنجاح هذا المؤتمر، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي ساهمت بشكل كبير جداً، وأنا كنت على تواصل دائم مع سمو ولي العهد في ما يخص ما ستقدمه المملكة، وكان له دور كبير جداً أيضاً في التحدث مع الدول الأخرى لتشجيعها على الاستثمار في لبنان”.

 

في بيروت

لكن الاجواء في بيروت لم تبد أمس مشجعة على توقع انفراج وشيك في تعقيدات ملف تمثيل “القوات اللبنانية ” ونواب سنّة 8 آذار، علماً ان ملامح التوتر بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية ” عادت تتصاعد في الساعات الاخيرة بما قد يزيد الارباكات في طريق الرئيس المكلف. وفي انتظار عودة الرئيس الحريري الى بيروت وما يمكن ان يعقبها من تحركاته أفادت المعلومات ان بعبدا كانت أمس على موعد مرتقب مع الرئيس الحريري، وخصوصاً بعد اللقاء الذي كان عقده مع الوزير جبران باسيل قبل سفره الى المملكة العربية السعودية، بحيث علم انه اتفق والوزير باسيل خلال لقائهما مساء أول من أمس على زيارة يقوم بها لرئيس الجمهورية لاطلاعه على نتائج اتصالاته الاخيرة والمقترحات المقدمة من “القوات اللبنانية” بدلاً من حقيبة العدل التي يتمسك بها رئيس الجمهورية.

وأوضحت هذه المعلومات ان “القوات اللبنانية” قدمت مقترحات بديلة من حقيبة العدل وان الحريري يدرسها، على ان تعطى “القوات” حقيبة بديلة من الحقائب الوازنة والتي بات من الصعب إيجادها بعدما تم توزيعها.

وعلم انه عرض على “القوات” حقائب الشؤون الاجتماعية والثقافة والعمل، لكن “القوات” رفضت العمل، وطالبت بواحدة من الحقائب الوازنة الطاقة أو الاشغال أو الاتصالات أو استعادة وزارة الصحة، طالما لم تتم المداورة بالحقائب السيادية ولا حتى بالحقائب الأساسية فكانت مطالبتها باعادة التوزيع كما كان.

كما علم ان هذه العقدة لم تكن قد حلت، وان “القوات” مصرة على عدم القبول بالمشاركة الا بحصة وازنة، وان الرئيس الحريري ليس في وارد السير بحكومة لا تشارك فيها “القوات”، وهذا ما يجعل عملية التأليف امام حائط مسدود اذا لم يعط الحريري هو من حصته بعدما توزعت كل الكتل الحقائب الموجودة.

وكانت مصادر مطلعة على موقف بعبدا اشارت الى ان هذه العقدة كما عقدة تمثيل السنة من خارج “تيارالمستقبل” هي لدى الرئيس المكلف وهو من يشكل وهو من رفض توزير سني عن المستقلين من خارج “المستقبل”، مؤكدة ان المعالجة لكلا العقدتين ليست عند رئيس الجمهورية بعدما اعطى كل ما يمكنه إعطاؤه. وأضافت المصادر ان المطالبة بتوزير النواب السنة المستقلين لم تكن لتشكل عقدة امام ولادة الحكومة، لولا ان “حزب الله” والرئيس بري يطالبان بتمثيلهم، والرئيس الحريري يرفض. أما في شأن ما تردد عن اسباب الغاء القصر الجمهوري للموعد الذي كان محددا لوزير الاعلام ملحم الرياشي مع الرئيس عون، فقالت أوساط قريبة من بعبدا إنه أرجئ بسبب موعد طارئ لدى رئيس الجمهورية، علما ان الموعد كان مخصصاً وفق مصادر “القوات” للتشاور مع الرئيس عون في اقتراح القانون المقترح في شأن دعم الصحافة المطبوعة بشكل خاص، ومن الطبيعي انه كان سيتم التطرق الى ملف التأليف الحكومي. لكن معلومات اخرى تحدثت عن الغاء الموعد اثر تسريبة صحافية عن لقاء الوزيرين باسيل والرياشي في حضور النائب ابرهيم كنعان نسب فيها كلام اتهامي لـ”التيار الوطني الحر” على لسان الرياشي الامر الذي اثار استياء القصر و”التيار”. وتولى النائب كنعان اصدار رد نفى فيه ما سرّب عن ذاك اللقاء.