IMLebanon

أية مصلحة لـ«حزب الله» في توسيع دائرة خصوماته وتعزيزها؟!  

 

طبيعي ان تثير كلمة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، في اسبوع قياديين من «المقاومة» جملة ردود فعل داخلية وخارجية تتوزع بين الرفض المطلق، والتحفظ على العديد من النقاط التي تطرق اليها، وتحديداً على المستوى الاقليمي، والتأييد المطلق، لكل كلمة وردت في الخطاب.. خصوصاً وان السيد نصر الله، تطرق في كلمته مساء أول من أمس الى جملة بنود بالغة الأهمية وغير محصورة في الداخل اللبناني.. مركزاً على محاربة الارهاب وتحديداً «داعش» ومتهماً الولايات المتحدة الاميركية «بتأخير حسم المعركة ضد «داعش».. وتسعى لاطالة عمر «داعش»، متسائلاً «لماذا يرفض الاميركي اقتلاع «داعش»؟! ليجيب وبوضوح لا لبس فيه «لأن أميركا لا تريد سوى تدمير الشعوب..» ليربط ذلك بتشدد أميركا ضد ايران وبالعقوبات الاميركية على «حزب الله» ليخلص قائلاً «ان ذلك لن يؤثر في مسارنا، لا في موقفنا ضد إسرائيل» وضد التكفيريين وضد المشروع الاميركي في المنطقة..».

 

لا أحد ينكر ان الولايات المتحدة ذات تاريخ حافل بالعداء للقضايا العربية المركزية، كما لسائر قضايا الشعوب ولا يختلف اثنان على رفض هذه السياسة المعتمدة منذ قيام «إسرائيل» في العام 1948، وقد أعاد الرئيس الاميركي (الجديد) دونالد ترامب التوترات في سائر أنحاء العالم، فلا يترك شاردة او واردة من شؤون دول العالم، كبيرها وصغيرها، إلا ويعطي لنفسه حق التدخل في شؤونها، مستنسخاً تاريخ هذه الدولة العظمى التي تعبر المحيطات وتتوزع في سائر أنحاء العالم، متدخلة في كل صغيرة وكبيرة ولا تضع أي محرم على سلوكها وهي كانت الوحيدة في العالم التي استخدمت القنابل الذرية في هيروشيما ونكازاكي في اليابانيتين وأودت بملايين الابرياء..

تجعل الادارات الاميركية المتعاقبة من «الحبة قبة» لتبرير تدخلاتها، وتتستر باتهامات لا صحة لها.. على نحو ما حصل في العراق وتدميره وتدمير جيشه. وقد استنسخت «الامبراطورية الفارسية» (الجمهورية الاسلامية في ايران) منذ ما قبل عهد الخميني وما بعده هذه السيرة الاميركية، واعتمدت سياسة «تصدير الثورة» الى سائر دول الجوار الأمر الذي أدى الى تدهور العلاقات، خصوصاً مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الذي لا يترك السيد نصر الله مناسبة إلا ويصوب عليها، وهو يدرك ان ذلك لا يلقى قبولاً من العديد من الافرقاء اللبنانيين، بل يلقى رفضاً بالنظر لما يتركه ذلك من تداعيات سلبية على لبنان وعلى جميع المستويات..

عديدون نصحوا السيد نصر الله، مباشرة او بالواسطة، الكف عن التعرض للسعودية – وما تحمله هذه الدولة من رمزية روحية وقدرات اقتصادية ومالية وفاعلية.. وتخطى بتأييد واسع على مساحة العالمين العربي والاسلامي، خصوصاً وان المملكة وقفت في كل الظروف الصعبة الى جانب لبنان واسهمت في اعادة اعماره بعد الحروب المتلاحقة، وفتحت الأبواب أمام عشرات آلاف اللبنانيين وعائلاتهم العاملين في المملكة وهم ساهموا الى حد كبير في تعزيز الاقتصاد اللبناني وتوفير المليارات.. ناهيك بالاسهامات الفاعلة في إيقاف حروب الداخل، وصياغة الاتفاقات بين سائر مكونات الكيان اللبناني واعادة تعزيز قدرات الدولة، ولم تكن تنتظر «لا حمداً ولا شكوراً» كما أنها لم تكن تتوقع ان تتعرض الى حملات ظالمة في غالبيتها الساحقة، أدت الى جملة تدابير من بينها تجميد الهبات للجيش اللبناني..

على ما يظهر فإن السيد نصر الله لم يأبه لنصائح الذين فاتحوه بهذه المسألة ومضى في سياسته التي لم تلقَ استحساناً او استجابة او قبولاً لدى غالبية الافرقاء، ومن بين هؤلاء حلفاء لـ»حزب الله».. خصوصاً وان لبنان والمنطقة يمران في ظروف دقيقة للغاية.. ولا أحد ينكر دور المملكة في ضبط الأمور وعدم نجاحها في العديد منها بسبب الاندفاعة الايرانية باتجاه سائر دول الجوار، على خلفية «تصدير الثورة» التي كان أطلقها الامام الخميني، ولم يكن لها من نتائج سوى اشعال الحروب مع العراق وتمددت باتجاه دول أخرى، ماتزال تعيش في حروب داخلية وأخرى تتعرض لاهتزازات.

كانت المملكة، ولاتزال راغبة في تعزيز العلاقات مع ايران، وهي أبدت أكثر من مرة استعدادها للتنسيق لتوفير الأمن والاستقرار والازدهار والتعاون الايجابي، لكن ايران لم تكن وفيّة لالتزاماتها ومضت في سياسة التدخل والعبث في الشؤون الداخلية لسائر دول المحيط..

لم تلجأ السعودية الى سياسة المعاملة بالمثل.. وهي لم تترك وسيلة لاعادة القيادات الايرانية الى رشدها، لكن النتيجة كانت «فالصو».. ومع هذا لم تقطع الرياض الأمل، وقد أظهرت في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز انفتاحاً دولياً لافتا، وهي تواجه مجموعة تحديات مباشرة وفي محيطها الاقليمي، وتعرضت كما العديد من الدول الى اعتداءات إرهابية بالغة الخطورة.. وقد أدرك الملك سلمان في زيارته الاخيرة الى روسيا ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، عظم التحديات مطالباً المجتمع الدولي «بتكثيف الجهود لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.. معتبراً ان أمن منطقة الخليج ضرورة قصوى لتحقيق الأمن والاستقرار العالمي، ما يستوجب التزام ايران الكف عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة وزعزعة الأمن والاستقرار فيها..» داعياً الى «ايجاد حل سياسي للأزمة السورية يضمن تحقيق الأمن والاستقرار ويحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها.. كما أكد على وحدة العراق وسلامة وسلامة أراضيه وتوحيد جبهته الداخلية لمحاربة الارهاب..».

لا أحد ينكر ان «حزب الله» وبالنظر لأمور عديدة، بات مستهدفاً وعلى كل المستويات، ولايزال محط متابعة أميركية – إسرائيلية وهو المتهم في مصرع مئات الاميركيين في لبنان (في ثكنة مشاة البحرية) وبمقتل مئات الاسرائيليين أيضاً بدعم من ايران… على ما يقول ريتشارد كلارك في كتابه «في مواجهة جميع الأعداء..» وهذا الاستهداف يفترض ان لا يوسع الحزب دائرة خصوماته الداخلية، وهو شريك في حكومة من أبرز بنود بيانها الوزاري النأي بالنفس والحياد عن صراعات المحيط الاقليمي.. خصوصاً أكثر ان لبنان على أبواب استحقاقات داهمة من أبرزها الانتخابات النيابية التي يشدد الحزب على وجوب اجرائها في موعدها وتصبح شبه مستحيلة اذا تعرض البلد لاهتزازات أمنية.. ما يستدعي من السيد نصر الله.. وسائر قيادات «حزب الله» مراجعة نقدية دقيقة تحفظ للحزب المقاوم مكانته لدى اللبنانيين، وتبعد شرارة الفتنة التي لا يستفيد منها سوى أعداء لبنان؟! وتعمل على «تحصين لبنان» الذي يجب ان يبقى أولوية فوق اي اعتبار «على ما خلص اليه» لقاء كليمنصو ليل أول من أمس..