IMLebanon

عون- جعجع: الإجتماع الأول قد يكون الأخير

لن يجتمع العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع إذا لم تنضج «ورقة التفاهم»، أو ما يشبهها. فـ«التيار» و«القوات» يدركان أنّ اللقاء الموعود بين الرجلين قد يكون خاتمة الحوار لا الفاتحة.

قبل نحو شهرين، عندما بدأت الوساطات بين الرابية ومعراب، عمَّمت مصادر الطرفين أجواءً من التفاؤل المقصود عن التقارب وتنفيس الإحتقان بينهما. وأكدت أنّ عون وجعجع سيلتقيان قبل نهاية 2014. ثم سرَّبت أنّ اللقاء سيُعقد في الأيام الأولى من العام الحالي. واليوم، ينقضي الأسبوع الأول من شباط من دون أن تظهر ملامح الموعد المنتظر.

المعنيون هنا وهناك يقولون: لا نريد أن يكون اللقاء شكلياً. فالخلاف بيننا ليس شخصياً، بل هو سياسي. والمطلوب أن نوحِّد الرؤية حول الملفات التي تَعني المسيحيين، ليكون اللقاء مدخلاً إلى الحوار حول نقاط الخلاف، وأبرزها رئاسة الجمهورية.

لكن ما يُدركه المطّلعون يختلف عن ذلك. فالهدف الأساسي من الحوار العوني- القواتي لم يكن التوافق على النقاط التي تهمُّ المسيحيين، بل إستباق الحوار السنّي- الشيعي الذي يمكن أن ينتهي بالتوافق على إختيار رئيس للجمهورية، لن يكون طبعاً لا عون ولا جعجع، ولا حتى وسطياً يرضى عنه الطرفان.

فقد يَجد المتحاوران السنّي والشيعي أنّ الإختلاف المسيحي- المسيحي يمنحهما فرصة لإختيار رئيس، ولو كانت ترفضه القوى المسيحية الكبرى. وما أن بدأ الحوار العوني- القواتي حتى أدرَك الطرفان إستحالة التوافق على رئيس للجمهورية. وربما كان عون يخدع نفسه بالإعتقاد أنّ جعجع قد يقبل به رئيساً للجمهورية، مقابل إغراءات معينة، لكنّ العكس مستحيل. فجعجع لا يمكن أن يتوقع قبول عون به كرئيس للجمهورية.

لذلك، أخذت الماكينة العونية تُسرِّب سيناريو خيالياً بهدف إحراج «القوات»، ومفاده أنّ جعجع يوافق على عون رئيساً، ضمن صفقة شاملة، وربما وفق طريقة المتنافسين على رئاسة البلدية أحياناً، أيْ قسمة الولاية بين عون وجعجع، ثلاث سنوات لكلٍّ منهما.

ولأنّ هذا السيناريو مجرَّد سراب، ولأنّ الطرفين يتهرّبان من المسؤولية عن إعلان الفشل في المفاوضات حول الرئاسة، فإنهما إخترعا مقولة التوافق على النقاط الأخرى التي تعني المسيحيين، كقانون الإنتخاب والمناصفة والخلل في السلطة وملفات التجنيس وبيع الأراضي وسواها.

ومع أنّ هذه النقاط تُوازي بأهميتها ملف الرئاسة أو تفوّقه، فإنّ الوقت ليس مناسباً لإثارتها اليوم. وقد كان مناسباً أن يتفاهم المسيحيون، جدّياً لا صوَرياً، على قانون الإنتخاب في وقته، أيْ قبل تطيير إنتخابات 2013. أما اليوم، فالوقت مناسب للإتفاق على رئاسة الجمهورية، بدل الإستمرار في المواعيد الفاشلة. والهرب من الإتفاق على الملف الرئاسي سيطيِّر الرئاسة، كما طارت الإنتخابات النيابية، إلى آجال غير محدَّدة.

وفيما أوعز الطرفان، كلٌّ إلى سياسييه وإعلامييه، بإلتزام الهدنة، وإلى حقوقيّيه بسحب الدعاوى القضائية، فإنّ الرغبة الهشّة بالتهدئة كاد أن يُطيحها شريط فيديو عن السيدة ستريدا جعجع في المجلس النيابي.

واليوم، تراجع الإندفاع نحو لقاء القمة بين الرابية ومعراب، على الأقل إعلامياً. وواضح أنّ المطلوب من الوسطاء إبقاء الطبخة على النار، لكنّ الجميع يُدرك أنها طبخة بحص. والأزمة التي يعيشها الطرفان تكمن في الآتي:

ما دامت المشاورات تمهيدية وعلى مستوى الوسطاء، فالأمل بالتوافق يبقى قائماً. وأما إذا إلتقى عون وجعجع، وظهرت التناقضات على حقيقتها أمام المناصرين والرأي العام، فإنّ الوضع سيظهر على فجاجته وتعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل شهرين. وفي عبارة أخرى، إنّ إجتماع عون- جعجع الأول مرشحاً ليكون الإجتماع الأخير أيضاً.

وإذا حصل ذلك، فلن يستطيع أيٌّ من الطرفين تبرير الفشل والظهور أمام الرأي العام المسيحي والقوى الأخرى بمظهر المتعنِّت والمسؤول عن إستمرار التدهور في الوضع المسيحي. لذلك، من مصلحة الطرفين تأخير الإجتماع إلى الحدّ الأقصى، وتمتيع الرأي العام المسيحي بـ»يومين متل الخلق»، ظاهرياً على الأقل. وبعد ذلك، سيكون لكلِّ حادث حديث.