IMLebanon

تطبيق «الطائف» أو تعديله أو إسقاطه

تجاوَز النقاش مسألة الرئاسة والتعيينات. معركة تطبيق أو تعديل أو إسقاط النظام السياسي، إنطلقت أمس من محيط السراي الحكومي. الهدنة التي ستمتدّ الى ما بعد عيد الفطر، ستكون حافلة بالتحضير للمرحلة المقبلة. حيث سيفتتح العماد ميشال عون مرحلة جديدة من المطالبة بالحقوق والعمل داخل وخارج المؤسسات لتصحيح الخلل وإعادة التوازن والشراكة.

تقول مصادر مطلعة على موقف الرابية، إنّ الجنرال كان واضحاً أمس ورَسَم خريطة طريق للحلّ. لقد قفز فوق الرئاسة والتعيينات وألية عمل الحكومة، وطالب بوضوح بإقرار قانون جديد للإنتخابات النيابية. هذا المطلب قديم من عمر التمديد للمجلس النيابي. ولكنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح لم يكن يرغب بإثارته نظراً لظروف المنطقة والبلد.

والفكرة العونية في هذا الصدد واضحة: تبدأ بقانون انتخابي متوازن يؤمّن الشراكة والتمثيل، ومن ثمّ انتخابات نيابية مبكرة لتحديد الأحجام والأوزان تحديداً في الشارع المسيحي، وبناءً على النتائج التي تفرزها الانتخابات يتمّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة. خريطة الطريق هذه تحتاج لدعم الأفرقاء السياسيين، ومن شأنها معالجة الفراغات الحاصلة في الدولة، وترميم صورة النظام وإعطاؤه زخماً جديداً بات يحتاجه في ظلّ هذا التآكل والاهتراء.

إذا لم تتجاوب أطراف 14 أذار مع هذا الطرح. سيُمسك العماد عون بالمزيد من أوراق الضغط داخل وخارج الحكومة. وفي هذا السياق تكشف المصادر عن إحتمال تطور «الحركة العونية» في الشارع وصولاً الى العصيان المدني، والتوقف عن دفع الضرائب وربما «السيطرة على بعض مرافق الدولة والسرايات الحكومية في مناطق مختلفة، من جزين الى المتن الى كسروان وغيرها. وهذه الخطوة إذا وقعت ستكون بمثابة ضربة قاضية للنظام السياسي، يتحمّل مسؤوليتَها مَن يرفض الشراكة ويصرّ على منطق الاستفراد.

وصلت معلومات الى الرابية أخيراً تؤكد أنّ «تعنّتَ» تيار المستقبل وعدمَ إبداء أيّ رغبة بالتفاهم مع الجنرال يقوم على خلفية إقليمية. وبحسب ما عبّر بعض نواب «المستقبل» أنّ الزمن زمن «عاصفة الحزم»، والمواجهة مع إيران في كلّ المنطقة.

البلد صغير وكلُّ كلمة تُقال تصل الى صاحبها بعد دقائق. وعندما يسمع «التيار الوطني الحر» بهذا المنطق، يزداد تشدّداً وصلابة في مواقفه وشعوراً بأنّ المسيحيين مستهدفون بوجودهم وفاعليتهم. وهذا ما يجعله مستعداً لقلب الطاولة على الجميع طالما يصرّ «المستقبل» ورعاته الاقليميون على إحتكار السلطة ودمج صلاحيات رئاسة الجمهورية بصلاحيات رئاسة الحكومة وعدم تطبيق الدستور والقوانين.

وتشير المصادر الى إحتمال بروز حركة سياسية داخلية في الأيام المقبلة للبحث عن مخارج تمنع تفاقمَ المشكلة والانتقال من أزمة حكم الى أزمة نظام. وعلى هذا الأساس من المتوقع بحسب المصادر عينها قيام رئيس الحكومة تمام سلام بزيارة قبل العيد الى الرياض، للقاء الرئيس سعد الحريري والمسؤولين السعوديين، والبحث معهم في سبل التعامل مع مطالب العماد عون، وخصوصاً أنّ ما جرى في محيط مجلس الوزراء أمس أظهر جدية «التيار الحر» في المواجهة حتى النهاية.

تستبعد المصادر أن يعود رئيس الحكومة بقرار واضح بالتجاوب مع مطالب عون. كلام نواب ومسؤولي «المستقبل» عن «زمن عاصفة الحزم»، ليس سوى صدى لما يتردد في الرياض. وإذا جرى التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي، من المتوقع أن يزداد التشدّد السعودي في مختلف الملفات ومنها اللبناني، وذلك حتى تنجلي صورة ما بعد الاتفاق، وانعكاساته على الواقع الاقليمي والصراع على النفوذ في المنطقة.

وفي هذه الاثناء، سيستمرّ الصراع في لبنان بأشكال متعددة، وسيزداد الانقسام والاهتراء في جسد الدولة، وبعدها لن يجلس أحدٌ على الطاولة بمنطوق النظام الحالي و»إتفاق الطائف».