IMLebanon

آب اللهاب والحرب على الإرهاب..

بدأت ملامح شهر آب اللهاب تتضح، حيث يكثر الحديث عن تحالفات وجبهات وتسويات، وحروب كبرى وصغرى،وتفجيرات في كل العالم بدون استثناء، بعد ان أصبحت اوروبا تعيش تحت وطأة قوانين الطوارئ، واعادة النظر بكلّ الاطروحات التي سادت المجتمعات الغربية منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن، من الأمن والسلم الدوليين ومجلس الأمن والامم المتحدة التي فشلت على مدى سبعين عاماً عن حل اي نزاع وخصوصاً مع الدول التي ولدت من الجمعية العامة كإسرائيل وباكستان، وكذلك الامر بالنسبة لشرعة حقوق الانسان التي تحولت إلى لائحة اتهام  للصغار من قبل الكبار، من دون اي مراجعة من تلك الدول حول مدى التزامها بهذه الشرعة، والجدير بالذكر ان الافارقة الأميركيون كانوا في ستينيات القرن الماضي يحلمون ان يعاملوا بما هو دون الانسان.

مما لا شك فيه ان المنطقة قادمة على ما يشبه البركان، ستطال حممه القريب والبعيد على حد سواء، وكما نرى الآن اذ لا تكاد تمر ساعة ولا يحدث فيها تهديد او عمل ارهابي في هذا البلد او ذاك، وإن فوبيا الارهاب جعلت كل المجتمعات جاهزة للحروب الكبرى والتدابير الاستثنائية، هذا بالاضافة الى انعكاسات هذه العمليات على الاقتصادات في كل الدول، واعتقد بأن الأحداث التي تقع في اوروبا جعلتنا لا نعرف ما الذي يحدث في سوريا والعراق واليمن، لأنّ الاعلام لا يغطي حقيقة المجازر التي تحدث هناك ومعها مآسي النزوح الكبيرة التي تقع على مدار الساعة، مع الانتهاكات التي يتعرض لها النازحون داخل اوطانهم وخارجها.

النسيان كان نعمة على اللبنانيين بعد الحرب اذ انه ساعد على عملية التسامح الوطني التي جعلتنا نعيش سنوات من الأمل في قيامة لبنان، وكنا جميعا نعرف ان في ذاكرتنا ما يجب توثيقه كي  يكون عبرة للاجيال القادمة حتى لا نكرر الأخطاء عينها التي ارتكبناها ايام المِحنة الطويلة، وهذا ما يجعلنا الآن نخشى ان نكون قد نسينا آثارها المدمرة على الانسان والعمران، وخصوصا ونحن نشاهد دمار سوريا والعراق اللتين كانتا لعقود طويلة تتحكمان بمصير لبنان، اخشى ان نكون قد تجاوزنا حالة النسيان الى مرحلة فقدان الذاكرة  والى حد أن نكرر التجربة الحمقاء مع توقع نتائج مغايرة.

آب اللهاب لن يكون شهر بحر واصطياف على الشواطئ وفي الجبال ورغم إرادة الحياة القوية لدى معظم اللبنانيين، الا اننا لسنا أقوى من ألمانيا او فرنسا او أميركا او بلجيكا، ويجب ان يتواضع الجميع ويعترف بأن لبنان كسواه معرض للانهيارات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية البالغة الخطورة، وخصوصا اننا لا نزال حتى الآن نلملم آثار جريمة القاع الإرهابية، وعلينا ان  ندرك بعد عامين وثلاثة أشهر على الشغور الرئاسي بأن الطبقة السياسية أعجز من أن تنتج اي حلول وربما هي أعجز من ادارة اصغر الأزمات، لأنهم ادرى من غيرهم بمدى قدرتهم على التأثير في مجريات الأمور وفي مقدمتها عدم القدرة على حماية لبنان.

آب اللهاب قد يكون مثل أشهر كثيرة في تاريخنا القريب والبعيد والتي كان لها ما بعدها، وأن الواقع السياسي الحالي فاقد لكلّ أسباب الحياة بعد أن استنفد كل أشكال المخدرات والمهدئات التي تناولناها طيلة عقد من الزمان، مارسنا فيها كل المهارات والادعاءات والثنائيات والثلاثيات والرباعيات، والاعلانات والتفاهمات والانقلابات  والتسويات، اما وقد بدأت طبول الحروب على الارهاب تدق هنا وهناك،لا بدّ من أن نصحو من غفوتنا الطويلة، لنسأل أنفسنا: هل لبنان قادر على مواجهة تحديات آب اللهاب والحرب على الارهاب؟.