IMLebanon

بشير على صواب… فمَن على خطأ ؟

 

الذي لم يعاين “هستيريا الفرحة” في الشارع التي أعقبت انتخاب قائد القوات اللبنانية الشيخ بشير الجميِّل رئيساً للجمهورية، لم يرَ شيئاً.

 

والذي لم يعاين “هستيريا الحزن” التي اعقبت اغتيال الرئيس المنتخب، لم يرَ شيئاً.

 

تسعة وثلاثون عاماً على هذه “الهستيريا المزدوجة”، كأنها اليوم، لكن الأسى لم يعد ينفع، بل القراءة المتأنية لاستخلاص العبر.

 

بشير الجميِّل انتقل من أن يكون “قائداً” إلى أن يتحوَّل “مشروعاً”… القائد يصعب استبداله لكن المشروع بالإمكان استكماله من خلال المحافظة على مقتضيات هذا المشروع ومستلزماته وحتى “عقوله” و”رجاله”.

 

بشير الذي نجح في ان يكون قائداً، هيّأ كل مستلزمات النجاح للمشروع: العقول، الخطط، الرجال، وكان ينتظر قَسَم اليمين ليُباشر العمل.

 

إلى هذا الحد، بقي كل شيء على صواب، إلى ان حصل الإغتيال، فبدأ الخطأ الذي تحوَّل تدريجاً إلى خطيئة.

 

غاب الشخص، كان يُفترَض أن يستمر المشروع، برجالاته وعقوله وخطته، وهذا ما لم يحصل، انتُخِب أمين الجميِّل فحلَّت “عدة شغلٍ” محل “عدة شغلٍ” أخرى.

 

غاب أو غُيِّب “رجال بشير” وحلَّ محلهم “رجال أمين”، هذا الواقع ليس افتئاتاً من أحد بل هو الواقع الذي لا يمكن محوه أو تغييره أو تعديله، الشيخ أمين لم يمشِ بمشروع بشير ولم يكن يملك مشروعاً بصفته رئيساً لأنه لم يتوقع لحظةً أنه سيكون رئيساً للجمهورية، فلماذا يكون له مشروع؟

 

غياب المشروع سبَّب اهتزازات وارتدادات في عهد الرئيس أمين الجميل: من حرب الجبل في أيلول 1983 إلى 6 شباط 1984 إلى اتفاق 17 ايار ثم إلغائه إلى مؤتمري جنيف ولوزان اللذين شاركت فيهما كل القوى السياسية والميليشيات العسكرية باستثناء القوات اللبنانية: شارك رئيس حركة أمل نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لكن قائد القوات اللبنانية فادي افرام لم يشارِك، لأن الرئيس الجميل لم يشأ للقوات اللبنانية أن تُشارِك.

 

للتاريخ أن يحكم على عهد الرئيس أمين الجميِّل، لكن الوقائع تسهِّل على التاريخ مهمته:

 

من وقائع التاريخ التي لا يمكن دحضها أن انتخابات رئاسية لمرتين تمتا عام 1982 على رغم دخول اسرائيل أول عاصمة عربية، فيما الرئيس أمين الجميِّل لم يستطع توفير الظروف لإجراء انتخابات رئاسية تَقي البلاد الفراغ الرئاسي.

 

ومن وقائع التاريخ ان الفراغ في سدة الرئاسة لم يحدث في تاريخ لبنان المعاصر إلا مع الرئيس أمين الجميِّل، فحتى في عز الحرب اللبنانية تمَّ انتخاب الرئيس الراحل الياس سركيس قبل ستة أشهر من موعد انتهاء ولاية الرئيس سليمان فرنجية.

 

الرئيس أمين الجميِّل لم يحمل ولم يتبنَّ مشروع الرئيس بشير الجميِّل، هل أخطأ أو أصاب؟

 

الحُكم للتاريخ لكن التاريخ لا يرحم.