IMLebanon

٤ آب …وتغيير معنى القوة

 

انفجار ٤ آب صنف ثالث أكبر انفجار بتاريخ البشرية بعد التفجير الأول في ٦ آب ١٩٤٥ بضرب هيروشيما بأول قنبلة نووية بالتاريخ، والثاني في ٩ آب ١٩٤٥ بضرب نكازاكي بالضربة النووية الثانية، ومع هذين الانفجارين تغيير معنى القوة على مستوى العالم وأصبحت أميركا القوة الأعظم. أما انفجار ٤ آب فلقد اظهر مدى هشاشة أقوياء لبنان أمام هول الدمار السياسي والإنساني والعمراني والإغاثي والعجز السلطوي أمام هول الرعب الذي اجتاح كل مقومات الأمان الاجتماعي وشرد الآمنين وغيّر خلال ثوان معدودة كل أنماط الوجود والسكينة الاجتماعية.

 

منذ ٤ آب …والناس متروكة وحيدة في مواجهة مصيرها المجهول وتعيش حالة من الضياع نتيجة الاستهتار بمصير أطفالها وشبابها وشيوخها ومرضاها، وتتجرع مرارات الذل كل صباح وهي تبيع دولار مدخراتها ب ٣٧٠٠ ليرة لتشتري دولار السوق السوداء ب٩٠٠٠ ليرة من اجل ترميم ما أمكن من بيوتها المتداعية قبل حلول فصل الشتاء، بعد أن طال انتظارها لملهاة اللجان المتنوعة والمتعددة والتافهة المكلفة بحصر الأضرار وتقديم المساعدات المجهولة المصير حتى الآن باستثناء الاستعراضات الإعلامية والاتجار بأوجاع الناس بعيدا عن حقيقة الانفجار وأهواله وتحولاته في بديهيات الناس.

 

انفجار ٤ آب … اصبح اكبر من الرئاسات والبرلمانات والحكومات والمرجعيات السياسية والروحية واقوى من الطوائف والمذاهب والأحزاب والمقاومة والأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية، واصدق من القطاع الخاص وجمعية المصارف وشركات التأمين وحاكمية مصرف لبنان، ومصيري اكثر من المفاوضات الحدودية والمهرجانات الخطابية الدونكيشوتية والمؤتمرات الصحفية الفوفاشية والأحاديث الإعلامية والطروحات الفيدرالية والمركزية واللامركزية، انفجار ٤ آب هو أوضح صورة عن الانكشاف والضعف والتهور والجوع والفقر والمرض والعطالة والهجرة والادعاءات السلطوية.

 

تأثير ٤ آب في الواقع اللبناني أعمق من الثورات الوطنية والفلسطينية والثورات العربية والأممية والإسلامية والحرب الأهلية والوصاية السورية وقوات الردع العربية والاحتلالات الإسرائيلية والمقاومات الوطنية واللبنانية والإسلامية والقوات المتعددة الجنسية والطوارئ الدولية والاغتيالات والتفجيرات التاريخية وخطوط التماس والحروب الموسمية والاعتصامات والتجمعات الأذارية والغزوات المليشاوية والفتحاوية والداعشية، يوم ٤ آب اسقط هيبة عموم الأقوياء الكبار والصغار وجدد الرعب من القادم المجهول وكشف حقيقة الخواء الكبير والأكذوبة الإعلامية والخفة الثقافية والفكرية والتجمعات المدنية والمهنية و الفرادة الكذابية.

 

انفجار ٤ آب …اخطر من العقوبات المالية والشخصية واخطر من وباء كورونا وأعداده اليومية المتزايدة، و٤ آب حول مكونات السلطة اللبنانية الى مجموعات هزيلة وهزلية بعد أن قرروا الهروب من جديد نحو أوهام الماضي واستحضار الخلافات التمثيلية والاختباء خلف مهزلة الحقوق الطائفية والدستورية والميثاقية والرغبات السلطوية، ٤ آب يوم يصعب تجاوزه أو عدم تهيب ما بعده لان تجاوزه لن يكون ألا بحدث اكبر منه كما علمتنا حروبنا ونزاعاتنا العبثية والعدمية والمخيف هو مستوى الخفة اللبنانية بالتعامل مع انفجار ٤ آب ثالث اكبر انفجار بتاريخ البشرية.

 

يوم ٤ آب سيبقى الامتحان الوطني الأصعب بعد تغيير معنى القوة …طالما بقيت البيوت مدمرة والأهالي خارج بيوتهم وسكينتهم وعموم اللبنانيين يلهثون خلف أدويتهم في الأسواق السوداء والليرة اللبنانية الى مزيد من الانهيار والبطالة والعطالة تتحكم بمستقبل الأجيال، وطالما عبدة السلطة يقدمون مصالحهم الذاتية على حساب عموم الناس والعصابات الحكومية والمصرفية تتمتع بالمشروعية باغتصاب ودائع ومدخرات الناس.