IMLebanon

برّي يتمسّك بحكومة لا يُستثنى منها أحد من المكوّنات النيابية

التأليف قد يتأخّر إلى ما بعد عيد الإستقلال بسبب الشروط والشروط المضادة

برّي يتمسّك بحكومة لا يُستثنى منها أحد من المكوّنات النيابية

«العقبات التي تقف في طريق تأليف الحكومة والتوفيق بين المطالب والمطالب المضادة يمكن أن يحسمها رئيس الجمهورية الذي أصبح في موقع المسؤول»

مضى حتى اليوم قرابة الأسبوعين على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى التي من أولى مهماتها التحضير للإنتخابات النيابية التي يُفترض أن تحصل بعد سبعة أشهر من دون أن يرشح شيء لا عن شكلها ولا عن مستوى التمثيل فيها ما عدا تصريح للرئيس المكلّف يبشّر فيه بأنه سيسعى لتشكيل حكومة وفاق وطني من دون أن يشرح ماذا يقصد بحكومة الوفاق الوطني وما إذا كانت تمثّل مختلف مكوّنات المجلس النيابي أي حكومة وحدة وطنية لا تستثني أحداً من هذه المكوّنات بمن فيهم الكتل أو النواب الذين لم ينتخبوا الجنرال عون، أم يقصد الكتل الوازنة التي تمثل الطوائف الثلاث الكبرى أي المسيحيين والسنّة والشيعة، علماً بأن مثل هذا الإختيار إذا ما حصل يتنافى مع نظامنا البرلماني الديمقراطي الذي يفصل بين معارضة انتخاب الرئيس وبين الموقف من الحكومة وفق ما طرحه رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميّل في معرض ردّه على من يقترح أن يحصر التمثيل في حكومة الوفاق الوطني التي سمّاها الرئيس المكلّف بالكتل النيابية التي انتخبت الجنرال عون وإقصاء الكتل والنواب التي صوّتت بورقة بيضاء كالكتائب اللبنانية والمردة والبعث والقومي السوري والنواب المستقلين الذين وضعهم رئيس حزب القوات اللبنانية في خانة المحرومين الذين يحرص عليهم رئيس مجلس النواب نبيه برّي ويصرّ على عدم استبعادهم عن حكومة الوفاق الوطني التي تصبح غير وفاقية في حال لم تحتضن في تكوينها جميع المكوّنات اللبنانية، التي يمكن من خلالها تحقيق الميثاقية التي التزم بها سيّد القصر في خطاب القَسَم، وفي الخطاب الذي ألقاه بالجماهير المؤيّدة التي احتشدت في قصر الشعب يوم الأحد الماضي.

يُقال في الأوساط السياسية أن كل القوى ما عدا رئيس حزب القوات اللبنانية الذي يفضّل حصر التمثيل المسيحي بالقوات وبالتيار الوطن الحر أن كل من التقاهم الرئيس المكلّف وتحدث معهم في موضوع التشكيل أبدوا كل استعداد لتسهيل مهمته وتسريع تشكيل الحكومة بحيث تبصر النور قبل عيد الاستقلال أي بعد أقل من أسبوعين، والكل أيضاً أبدى مرونة في التعامل مع هذا الاستحقاق الحكومي على اعتبار أنها حكومة إنتخابات لا يتعدّى عمرها السبعة أشهر ولا يجوز وضع العصي في طريق تأليفها فضلاً عن أنها حكومة العهد الأولى التي تؤسس لانطلاقة قوية أو ضعيفة للعهد الذي تنتظره في الداخل ملفات كثيرة من ملف الكهرباء إلى ملف المياه والنفايات التي لا تحتمل الانتظار والتي تشكّل عنوان العهد وتحكم على مدى قدرته على نقل الدولة من دولة فاشلة بسبب طول الفراغ في رئاسة الجمهورية إلى دولة فاعلة وموثوق بها من المجتمع الدولي التي عبّر بشكل أو بآخر عن ارتياحه لملء الشغور في الرئاسة الأولى بانتخاب العماد عون الذي يحمل مشروعاً تجديدياً وحثّ كل الفرقاء على التعاون من أجل إنتاج حكومة فاعلة في أسرع وقت ممكن وعدم التلهي وتضييع الوقت بالتسابق على الحقائب السيادية والخدماتية التي لا معنى لها في القاموس الدولي.

وإذا ما صحّت المعلومات التي تتداولها الأوساط السياسية هذه الأيام، وإذا ما حدّد الرئيس المكلّف ما يقصده من حكومة الوفاق الوطني وهي أنها حكومة جامعة لا تستثني أحداً من الكتل النيابية على اختلاف توجهاتها فلا أحد يستبعد أن تبصر هذه الحكومة النور في الأيام القليلة المقبلة، أما إذا كانت عملية شد الحبال ستستمر حول الحصص والمحاصصة، كما يرشح من خلال المشاورات الجارية بين الرئيس المكلّف وبين هذه المكوّنات، فإنه من الصعوبة بمكان أن يشهد لبنان بزوغ شمس حكومة الوفاق الوطني قبل عيد الاستقلال، وهذا بحدّ ذاته يطرح الشكوك حول مدى قدرة العهد على الإيفاء بتعهداته في إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وعلى أساس قانون عصري عادل مبني على النسبية وفق ما حدده قائد المعارضة الرئيس نبيه برّي في لقاء الأربعاء النيابي، وفي لقاءاته القليلة مع الرئيس المكلّف، والذي يدلّ على أن الرئيس برّي المفوّض من اللاعب الأول على الساحة الداخلية أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله ما زال يرى أن الطريق أمام الحكومة ليست معبّدة وفقاً للتعبير الذي استخدمه ذات يوم رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط وأن على الرئيس المكلّف أن يتحلّى بالنفس الطويل لتصبح الطريق إلى السراي الحكومي آمنة وسالكة.

غير أن هذا الوضع الرمادي بالنسبة إلى عملية تأليف الحكومة الذي ساد الوسط السياسي في ظل التزام الرئيس المكلّف بالصمت، وعدم البوح حتى ببعض ما آلت إليه اتصالاته مع القوى السياسية لتذليل العقبات من طريق التأليف والتوفيق بين المطالب والمطالب المضادة يمكن أن يحسمه رئيس الجمهورية الذي أصبح الآن في موقع المسؤول عن الجميع، ولا يمثّل فريقاً واحداً أو جهة واحدة وذلك بالتزام تطبيق الميثاقية التي تحتم الإتيان بحكومة وحدة وطنية لا تستثني أحداً من المكونات داخل مجلس النواب وحتى خارجه من دون أن يشكّل ذلك تجاوزاً للرئيس المكلّف ذلك لأن دستور الطائف نص على أن تشكيل الحكومة يتم بالتشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف.