IMLebanon

إنتقاد مسيحي لميقاتي بعد ردّه 3 قوانين واتهامه بالتعدّي على صلاحيّات الرئيس

دعوات الى التوافق المسيحي على الرئيس وإعادة دوره المستباح في الطائف

إستدرك رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، خلال انعقاد جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي ما سيفعله خلال الجلسة، وقبل ان يرد 3 قوانين الى المجلس النيابي تتعلق بالايجارات والمدارس، فإستهل قائلاً:” سمعنا انتقادات من قبل البعض بأننا نأخذ دور رئيس الجمهورية، وهذا الأمر غير صحيح، لأننا نعمل على تسيير أمور البلد في الوقت الحاضر وهذه الظروف الصعبة، ومن ينتقد عليه القيام بواجبه في إنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وهذه هي بداية الحل المطلوب”.

 

هذا الكلام لم يلق الايجابية لدى اغلبية الافرقاء المسيحيين، الذين سارعوا الى توجيه الانتقادات لميقاتي بعد قيامه برد تلك القوانين، معتبرين انه إستباح صلاحيات الرئيس، وبرز في طليعة الرافضين” التيار الوطني الحر”، بحيث اعتبر النائب آلان عون انّ ما قام به ميقاتي خطير، كما انّ الفراغ الرئاسي يشجّع على استباحة صلاحيات رئيس الجمهورية، وتحديداً صلاحية ردّ القوانين، واصفاً ذلك بالإنتهاك الدستوري الفاضح، معتبراً انها مخالفة فاضحة في العودة عن قرار بإصدار القوانين سبق أن اتُّخذ في مجلس الوزراء”.

 

كذلك انتقدت “القوات اللبنانية” هذا التصرف، ورأت بأنّ رد القوانين في ظل الشغور الرئاسي مخالف للدستور، وتعدٍّ على صلاحيات رئيس الجمهورية. كما سارع نواب مسيحيون آخرون وخبراء القانون والدستور الى انتقاد ذلك، اي بإختصار اللوم طوّق رئيس حكومة تصريف الاعمال، ويبدو الى تفاقم وكأنه سيتحوّل الى حملة واسعة.

 

الى ذلك، رأت مصادر مسيحية وسطية ” بأنّ كل ما يجري في هذا الاطار من خلافات واتهامات لا يفيد، لانّ الحل بالاسراع الى انتخاب رئيس للجمهورية على الفور، وبالتوافق المسيحي من قبل جميع الكتل والاحزاب والاطراف المسيحية، لتوحيد الكلمة والتوافق على الرئيس، وإلا سيبقى هذا الوضع مسيطراً وإستباحة صلاحيات الموقع الاول ستتواصل، لذا على منتقدي ميقاتي ان يتفقوا اولاً قبل إطلاق هذا الكلام”.

 

ورأت المصادر المذكورة بأنّ الافرقاء المسيحيين لا يهتمون سوى بهوية من سيجلس على الكرسي الرئاسي، لذا يتصارعون على هذا المنصب منذ عقود، وهذا هو السبب الاول الذي يحول دون اتفاقهم، وقالت:” يا ليتهم يطالبون بإعادة الصلاحيات الى الموقع المسيحي الاول، بدل ان يتناحروا على تلك الكرسي، اذ من المستغرب جداً بأن لا احد منهم يشير الى صلاحيات رئيس الجمهورية المسيحي، التي إستبيحت في الطائف وجعلت منه رئيساً لا يملك  أي رأي  بمفرده، أي مطوّق من كل حدب وصوب، ما يجعل الحديث الذي كان سائداً في فترة سابقة عن ضرورة تعديل اتفاق الطائف، من ناحية إعادة الصلاحيات الى المركز الاول منسياً اليوم، فيما المطلوب ان تكون الشرط الاساسي لاستعادة التوازن في لبنان واعادة الاستقرار الى السلطة، بعد ان انتجت محادثات النواب اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية في العام 1989 تسوية خارجية نتجت عنها وثيقة الوفاق الوطني، التي أدخلت جملة من الإصلاحات الدستورية والسياسية على النظام السياسي اللبناني، وعلى الرغم من السنوات التي مرّت لا تزال معظم بنود الطائف حبراً على ورق.

 

وتابعت المصادر:” قبل سنوات كانت تتجدّد الدعوة بين الحين والآخر، الى محاولة إصلاح الثغرات الدستورية، لتمكين السلطات بما فيها رئاسة الجمهورية من ممارسة دورها بصورة فاعلة، ولطالما وُجهّت الانتقادات والشكاوى من قبل بعض الاطراف ، خصوصاً المسيحييّن منهم ضد اتفاق الطائف، او الدستور الذي وُضع للبنان نتيجة تسويات وظروف معيّنة حينها، والذي ادى الى إضعاف صلاحيات الموقع الاول خلال التوزيع الطائفي للرئاسات الثلاث، لكن اليوم فلا احد يشير الى هذا الموضوع ، خصوصاً المرشحين الذي من المفترض ان يعملوا على إعادة حقوق المسيحيين. لكن اياً منهم لا يتطرّق الى هذا الملف، خشية ان يخسر الاصوات النيابية المعارضة من الطوائف الاخرى، خصوصاً النواب السنّة، لكي يستعيد المركز الاول دوره بعد أن ثبُت فشل الحكم بثلاثة رؤوس، ما ادى الى إنتاج أزمات متعددة واستدعاء التدخلات الخارجية كالعادة لإعادة الوفاق بين أركان الحكم.

 

وأشارت المصادر المذكورة الى ان الطائف أقام شللاً في المؤسسات الدستورية في لبنان، سائلة: “هل يُعقل أن يتأخر مثلاَ انتخاب رئيس الجمهورية كل هذه المدة وتحديداً منذ الاول من تشرين الثاني 2022 ؟ والامر سيطول بالتأكيد الى ما شاء الله، من دون أن تكون هنالك آلية لتفادي هذه الازمة؟.

 

وذكّرت المصادر بأنه لا توجد مسؤوليات من دون صلاحيات، ورأت بأنه لا يجوز طرح موضوع الصلاحيات من زاوية عدائية لموقع رئاسة الحكومة، لكن من  الضروري ان يقوم الرئيس بدوره ومهامه على اكمل وجه وبشكل فعال.

 

وتابعت المصادر: ” اذا أردنا فعلا أن يكون رئيس الجمهورية حَكماً، فيجب أن يتمتع بالقرار والحسم، وإلا فسنبقى في الخلافات والمنازعات في كل مسألة مطروحة في لبنان، اذ لا بدّ ان تؤدي الى ازمة طائفية، لان احدى الطوائف ستعتبر بأنها المعنية، لان تعديلات الطائف نقلت السلطة من رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء ورئيسه، وألغت معها دور الرئيس في حسم الخلافات إذا وقعت في المجلس، خاصة أن دستور الطائف اشترط أكثرية الثلثين لاتخاذ قرارات تعتبر مصيرية، متمنية لو يجهد المسيحيون اليوم من اجل هذا الهدف، قبل ان يتباروا بالترشح الى هذا المركز ويستمروا في تناحرهم الذي لا فائدة منه سوى إضعافهم وبالتالي إضعاف المسيحيين ككل.