IMLebanon

المسيحيّون قالوا كلمتهم… ماذا عن الآخرين؟

الحملة التي بدأت قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بهدف ضرب إسفين في تفاهم حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، عادت بقوّة في الأيام القليلة الماضية، لتحقيق ما فشلت فيه في معركتها الاولى، مستخدمة تعقيدات وصعوبات التوصّل الى اعتماد قانون جديد للانتخابات النيابية في بلد تعددي طائفياً ومذهبياً مثل لبنان، ليس بقصد المشاركة في التفتيش عن قانون يرضي الجميع، او على الأقل، أكثريتهم، من منطلق ان إرضاء الجميع هو ضرب من المحال، خصوصاً لدى بيوتات واحزاب ضربها الوهن والتراجع، وتقاتل للمحافظة على ما تبقّى، ولا ترى لها خصماً سوى تفاهم أكبر حزبين مسيحيين، نفضا عنهما عداء الماضي ونتائجه المدمّرة على المجتمع المسيحي، وتعاهدا على بناء مستقبل واعد لبيئتهما وللبنان ولصيغة العيش المشترك مع الشركاء في الوطن، وظهر من حملة هذه البيوتات والشخصيات، وكأنها لا تريد فصم التحالف بين القوات والتيار، فحسب، بل تذهب الى أبعد، الى دفع الحزبين الى إلغاء نفسيهما بحجّة انهما يسعيان الى إلغاء الاخرين، ولأنهما توافقا اولاً على انسحاب الدكتور سمير جعجع من سباق الرئاسة الاولى، وتزكية ترشّح العماد عون، وعندما نجح توافقهما وحقق نتيجته المرجوّة، تعاهدا على التحالف انتخابياً، وهذا أمر لا يمكن القبول به، لأنه وفق هؤلاء، سيكون سبباً في الغاء الآخرين، وكأن الاحزاب في نظر هؤلاء، جمعية خيرية، وليست احزاباً من واجبها ومن حقها ان تسعى الى الانتشار والانتصار وتكبير احجامها شعبياً ونيابياً طالما انها تنال تأييد المواطنين ورضاهم ومحبتهم ضمن أطر الدستور والقوانين المرعية الاجراء، وهذا حق من حقوقها، كما هو حق للآخرين ايضاً.

* * * *

لفتتني تصريحات لرئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، وللوزير اكرم شهيّب، بعد زيارة وفد الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديموقراطي الى بنشعي لشرح وجهة نظر رئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من مشاريع القوانين الانتخابية المطروحة للبحث حيث اعتبر فرنجية ان حقوق المسيحيين تكون، عندما يكون المسيحيون آمنين في البيئة الاكثر عدداً حيث يعيشون.

إن مضمون هذا الكلام يعني ان فرنجية يدعو المسيحيين حيث هم أقليّة الى عدم التفكير بالمساواة، بل يكفيهم ان يعيشوا حياة الذميّة التي تحقق لهم الأمان، لا اكثر ولا اقل، واذا انسحب قول فرنجية هذا على كل لبنان، نجد ان المسيحيين اصبحوا اقلّية، وحتى يكونوا آمنين على حياتهم وارزاقهم يجب الاّ يطالبوا بالمناصفة او «الشراكة».

امّا الوزير شهيّب، فقد دعا الى ايجاد توازن على كافة المستويات في اي بحث او في اي قانون للانتخابات، لأن هناك نظرة الغائية لفريق واسع من اللبنانيين.

جميل هذا القول وواقعي، وكان سبقه اليه جميع رفاقه الذين زاروا المرجعيات السياسية والمسؤولين الكبار، ولكن المشكلة مع الاخوان في الحزب واللقاء، انهم لا يطبّقون ما ينادون به ويدعون اليه، عنيت به «ايجاد توازن على كافة المستويات» يضاف الى ذلك انهم والعديد غيرهم ممن رفضوا ويرفضون جميع مشاريع القوانين المطروحة، لم يتقدموا بأي مشروع بديل لتتم مناقشته، بل يكتفون بالرفض والتنظير، ويدورون حول قانون الستّين، وفي ذاته الوقت يقولون انهم غير متمسّكين به.

اذا كان على الجميع ان يتفهموا هواجس بعضهم بعضاً، فان المسيحيين كشفوا مواقفهم بوضوح، فهم ضد قانون الستين، وضد التمديد للمجلس النيابي، وقد اتفق على هذا، بكركي والقوات والتيار والكتائب، بانتظار ان تكشفوا ما عندكم.