IMLebanon

كلّه إلّا كسرى

 

 

محقٌ وزير الصحة حمد حسن عندما يكرر أن “لا داعي للهلع” جراء وصول الإصابة الأولى للكورونا الى الربوع اللبنانية.

 

معه ألف ألف حق، فما نحن فيه لا يترك لنا الوقت حتى للهلع. لنحضّر كماماتنا ونقف بالصف للحصول على ربطة خبز. وننتبه إذا ما لوّح أصحاب محطات الوقود بالاضراب، للمسارعة الى صف آخر. وبالطبع علينا ان نسأل عن فعالية الكمامة، وما إذا كان ينبغي استبدالها بأخرى لزوم التنقل بين غبار الطحين ورائحة البنزين.

 

وقبل هذا وذاك، صف ثالث علينا الالتحاق به للحصول على النذر الضئيل من أموالنا الضئيلة والمتآكلة قيمتها في المصارف. ونتحضر نفسياً لمتابعة أسعار الدولار، ليس لأننا نبتغيه زينة وخزينة، ولكن لأن ارتفاع سعر صرفه سينعكس فوراً على السلع التي نشتريها بنسبة 45% أغلى من السابق. وإذا نزل سعر الصرف، هي لا تنزل عن قيمتها المستجدة على جيوبنا.

 

ولا داعي للهلع، تجاوزناه وتجاوزنا ما بعده منذ زمن. ولم يعد لدينا إلا أن نراقب إغراقنا بالأزمات الطارئة أو المفتعلة وإلهاءنا بما يقصف أعمارنا، وبوتيرة مدروسة تعكس براعة مهندسي سياستنا في قتل مطالبنا وانتفاضتنا الداعية للانقلاب عليهم.

 

وفي الأثناء يفوض رئيس الحكومة المدير العام في القصر الجمهوري ببعض صلاحياته، وكأنه يسدد فاتورة تؤدي هدفاً من أهداف العهد القوي المستكمل عظمته على صخور نهر الكلب. وفشر أسرحدون ونبوخذ نصر وكسرى أنوشروان…

 

عفواً!! كله إلا كسرى. فهو كان يصيِّف في بلادنا عندما كانت أمبراطوريته تحتل أرضنا. وأعطى اسمه وبركته لكسروان… والعين لا تعلو على الحاجب.

 

لنبقَ في المحليات، فهي أكثر أماناً. ولننتظر أحدث الفذلكات الاقتصادية التي ستنسف كل نصائح البنك الدولي، وتُخْرِس من يتشدّق بانتقاد السرقات الموصوفة في ملف الكهرباء التي تستنزف آخر فلس أرملة في مالية الدولة. وتجعل لزوم ما لا يلزم الإنشغال بجدولة الدين العام أو تحرير سعر صرف الدولار بالنسبة الى الليرة. فنحن نملك مفاتيح خزنة التاريخ، لننكش ما فيها، بعد التنظيف الممنهج لخزنات أيامنا هذه، وبحمده تعالى.

 

لا لزوم للسخرية. فالحق سلطان. و”Fresh money” متوفر لأن “الأمير فخر الدين المعني، أودع في توسكانا مبلغاً من المال يوازي الـ 111 مليون دولار في حينه، أي حوالى 5 مليارات دولار الآن”.

 

الخير كثير، ولولا انه كثير لما كان هذا الاستشراس للمحافظة على الكراسي. ولما كان إصرار العهد القوي على حربه لإعادة الحق الى أصحابه.

 

وصدقوا وزير الصحة، الذي، ومنذ الإصابة الأولى بالكورونا، لم تغمض له عين ولم يغب عن الشاشات، ومن دون كمامات.

 

وصدقوا أيضا وزير الزراعة الذي طمأن اللبنانيين الى عدم اقتراب الجراد من لبنان بسبب موجة البرد واتجاه الريح. فهذه الحشرة تحب الحرارة والدفء.

 

على فكرة، فيروس الكورونا تقتله الحرارة، وتزدهر أحواله في الصقيع. هكذا قال أحد الخبراء.

 

ما يعني أن الشتاء نكبة والصيف نكبة. وإن لم تكن كورونا يكون الجراد، وان لم يكن هذا وذاك يكون العهد القوي ومن خلفه الأقوى الذي يسنده، فيستقوي أكثر فأكثر، ويهمس لمريديه السائرين على هدى الوفاء لكسرى وخليفته في كسروان وعلى صخور نهر الكلب…