IMLebanon

معطيات كسر الجمود والمحادل!

يمرّ لبنان في مرحلة إنتقالية، تقوده نحو بناء وطن حقيقي، تتفاعل فيه كلّ القوى السياسية والطائفية ضمن علاقة صحيحة، مبنيّة على الإحترام والتعاون. فعلى رغم الإختلاف في بعض القضايا، والتلاقي في قضايا أخرى، إلّا أنّ البلد بات على السكة الصحيحة، للعودة إلى دولة المؤسسات والقانون.

يؤكد بعض المطلعين أنه يكفي القول إنّ قانون الانتخاب «صُنع في لبنان»، لتبدأ بشائرُ الأمل في العهد الجديد تظهر. فمِن إنتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى إقرار قانون إنتخابي عصري في مجلس النواب وصفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنه «قانون لبناني، وتسوية لبنانية توافقية كاملة»، وصولاً إلى دور الجيش والقوى الأمنية في تفكيك الشبكات الإرهابية، ووجود معارضة مدنيّة يدعمها بعض الأحزاب والقوى السياسية. كلّ هذا مؤشر طبيعي الى أنّ البلد في عهده الجديد.

العهد الجديد لا يمكن أن يتلخّص بشخص، خصوصاً في لبنان بلد التفاهمات والحسابات، بل بتركيبة سياسية تتغيّر أمام كلّ استحقاق يطاول الحياة السياسية للبلد. لذلك، كان القانون يقَرّ بحسب الظروف التي يُراد منها، إيصال نواب ينسجمون مع المرحلة التي تغلب على لبنان.

ويلفت المراقبون الى أنّ ما حصل هو نصرٌ حقيقي كُتِب للبنانيين جميعاً، في إقرار قانون النسبية، لأنه سيكسر الجمودَ السياسي الذي هيمَن على اللبنانيين عبر طائفة من النواب الذين يُعاد انتخابُهم في كلّ مرّة. فهو قانون عصري وحديث، على رغم التحفّظات التي أبداها البعض عنه، في موضوع تقسيم الدوائر الإنتخابية، أو حتى في «الكوتا» النسائية.

ويشدّد هؤلاء على أنه قانون تبدو أهميّته ليس في نسبية التمثيل وحسب، ولا في فتح المجال أمام كلّ فئات المجتمع لكي تتمثّل وتشارك في العملية الإنتخابية، بل، في النقلة النوعية التي سيُحدِثها في ذهنية الناخب اللبناني، من خلال تطوير الوعي عنده، ودفعه نحو حرّية الخيار وإيصال مَن يريد تمثيله.

لقد اعتاد اللبناني المحادلَ الإنتخابية، تلك التي كانت تحسَم نتائجها قبل الإنتخابات، بسبب الدوائر الانتخابية المقسَّمة بحسب الثقل العددي – الطائفي للناخبين، وبسبب الاعتماد على قانون إنتخابي أكثري منذ عام 1926.

إنّ نتائج هذا القانون ستظهر بعد الإنتخابات وهي:

• كسر الذهنيّة اللبنانية المتأثرة في تركيبة طائفية، التي فرضت إنتاج طبقة سياسية ترتبط مباشرة بمطالب طائفتها، لتحلّ مكانها ذهنيّة وطنية تنتخب مَن تراه مناسباً، ضمن إنتخابٍ وفق القانون النسبي مع الصوت التفضيلي.

• إعطاء الناخب حقّ التمثيل الصحيح، فهو مَن يختار ومَن يقرّر، وإعفاء الأكثرية الساحقة من هذه المهمات التي أوكلتها إليها القوانين السابقة، وإعطاؤها للأكثرية النسبية في التصويت، ما سيدفع المرشح الى تقديم برامج إنتخابية تُقنع الصوتَ التفضيلي، الذي بات نجاحُه مرتبطاً به.

• إيصال وجوه جديدة إلى المجلس النيابي متحرّرة من الهيمنة الحزبية والطائفية، حيث ستعطي صورة جديدة وفعّالة في العمل البرلماني، وتحفّز الناخبين في المرة المقبلة على حسن الخيار والإختيار.

أخيراً، رغم أهمية القانون، والنقلة النوعية التي سيُحدثها في الحياة السياسية اللبنانية، إلّا أنّ الأهم يبقى في مدى التنسيق بين القوى السياسية، لبناء عهدٍ جديد. مع الإدراك والتيقّن، بأن لا يمكن لأيّ قانون إلغاء القوى التمثيلية للأحزاب اللبنانية التقليدية، وقد أثبتت هذا الطاولة التشاورية التي دعا إليها رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، لتكريس التوافق على الاستراتيجية المتعارَف عليها، في تسيير الأمور في البلد، إذ باتت واقعاً على الجميع التكيّف معه.