بعد مرور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بمصاعب حربه مع القيادات الدرزية الاخرى، كالنائب طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب، مع ما ترافق من تداعيات لحادثة قبرشمون على العلاقة الدرزية – الدرزية بصورة خاصة، وعلى الوضع اللبناني بصورة عامة. وابرز تلك التداعيات وقف العمل الحكومي واجتماعاته في الظروف الدقيقة، ما انتج ما يشبه بحرب إلغاء للزعيم الاشتراكي بحسب ما ردّد نوابه ومناصروه، فما كان من جنبلاط إلا الانطلاق كالعادة نحو الخارج لإعادته سالماً الى منصبه، كناطق اول باسم الدروز خصوصاً ان خطاياه مغفورة دائماً بالنسبة لهم، فكانت المحطة الابرز الانفتاح نحو حزب الله فحصلت المصالحة وإن لم تصل بعد الى مبتغاها الآمن، فضلاً عن زيارة الى موسكو كان سيقوم بها بنفسه، إلا انه ارسل قبل ايام نجله النائب تيمور رئيس «اللقاء الديموقراطي» الى هناك، حيث التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وافريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف لمدة ساعة ونصف الساعة، اختصر خلالها سنوات العلاقة المميزة، فكان تأكيد من بوغدانوف بمكانة جنبلاط المهمة لدى الجانب الروسي، واصفاً اياه بصديق روسيا وحليفها التاريخي منذ أيام كمال جنبلاط ولغاية اليوم، غامزاً من قناة استهداف جنبلاط بعد حادثة قبرشمون، للتأكيد على ضرورة دعمه ضمن مقولة: «حماية التوازنات الداخلية اللبنانية».

وكان سبق هذه الزيارة دعم خارجي اميركي – سعودي ، لكن زيارة موسكو كانت مطلوبة بشدة خصوصاً في الظروف الحساسة جداً ، تحت عنوان تلقي الدعم الروسي والحماية السياسية لزعيم المختارة من ابرز دولة راعية لمحور الممانعة،على الرغم من ان علاقة موسكو بجنبلاط لم تخلُ ضمن فترات معيّنة من الفتور السياسي، خصوصاً حين وجّه الاخير انتقاداته للقيادة الروسية خلال تدخلها في الازمة السورية، لكن ما جرى قبل ايام في موسكو أعاد زعيم المختارة مجدّداً الى الحضن الروسي.

الى ذلك، كان لمصر ام الدنيا في كل المجالات، والتي زارها جنبلاط قبل فترة وجيزة جداً، دور كبير بفتح الابواب السياسية امامه في اتجاه السعودية، وبالتالي لتذكير المسؤولين المصريّين مجدداً بالعلاقة التاريخية بين الراحلين جمال عبد الناصر وكمال جنبلاط، لان تلك العلاقة تمتد الى عقود قائمة على اسس متينة بحسب ما تشير مصادر الحزب الاشتراكي التي نقلت الاهتمام الاعلامي المصري بصورة كبيرة بالزيارة الجنبلاطية، واللقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري، تحت عنوان موقف مصر الثابت الى جانب المختارة واحتضانها لجنبلاط، والسعي لخروجه من ازمة قبرشمون منتصراً، او على الاقل بعيداً عن أي خسارة تنتقص من زعامته الدرزية.

في غضون ذلك، وفي ظل هذه الزيارات المكوكية الجنبلاطية، تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن جنبلاط منفتح على الجميع، وقريباً ستشكل اللقاءات التي سيقوم بها مفاجآت للعديد من السياسيّين، ورأت أن مسعى القاهرة وموسكو أبعد الكأس المرّة عن زعيم المختارة، خصوصاً موسكو التي ساهمت الى حدّ كبير با جتماع المصالحة مع حزب الله، الذي كان رافضاً في السابق اللقاء مع جنبلاط، بعد ان حصل نوع من عدم الثقة به من قبل الحزب.

وختمت هذه المصادر:» من المتوقع ان يزور الزعيم الاشتراكي العاصمة الاميركية أواخر تشرين الاول المقبل، للمشاركة في حفل تكريم السفير الاميركي السابق في بيروت جيفري فيلتمان، على ان تؤدي هذه الزيارة ومن ضمن لقاءات مع عدد من المسؤولين هناك، الى إنقاذ جنبلاط نهائياً من محاولات إلغائه من حلفاء وخصوم الداخل.