IMLebanon

هل يستمرّ تيار «المستقبل» في طاولــة الحوار؟

 

تضامنَ النظام مع نفسه في قضية النفايات، فنَجحت الحكومة في إقرار خطة وزير الزراعة أكرم شهيّب الانتقالية. وعادت طاولة الحوار في جلستها الثانية لتكون محورَ الانشغالات السياسية الحامية، على وقعِ الغضَب الشعبي ومطالبات الشباب في الشارع بالتغيير.

بيان كتلة «المستقبل» عقبَ اجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة كاد أن يطيحَ الجلسة الأولى مِن الحوار، وبالتالي عرقلة قدرة الحكومة على إيجاد حلّ مرحَلي لأزمة النفايات. «حزب الله» رأى في اللغة العنيفة للبيان، استهدافاً لطاولة الحوار من السنيورة، ومحاولةً لعرقلة جهود الرئيس نبيه برّي لإخراج الأزمة من الشارع ومن الحكومة، ووضعِها أمام المتحاورين ليتحَمّلوا مسؤولياتهم.

إمتنَع عن الردّ على الاتّهامات التي طاوَلته في البيان على رغم قسوتِها، مفسِحاً المجال أمام مبادرة برّي حتى تأخذ فرصتَها كاملةً لأن لا «بديل عنها الآن داخليّاً وخارجيّاً» بحسب ما تقول مصادر رفيعة في قوى «8 آذار».

وتَعتبر المصادر «أنّ لهجَة بيان «المستقبل» والهجوم العنيف على «حزب الله» والعماد ميشال عون، كلّ ذلك كان يعكس توَجّهاً حثيثاً لدى الرئيس السنيورة لتفجير الجلسة الأولى والإطاحة بها. وكان ينتظر ردّاً مِن الحزب يكون مبرّراً للانسحاب من الحوار وإطاحة الجهد السياسي الوحيد القائم والممكن في البلد انطلاقاً مِن كلّ الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية».

لم يعُد خافياً على المعنيين أنّ موقف السنيورة هو انعكاسٌ لموقف متشَدّد في الرياض. وهذا ما تؤكّده بعض التسريبات الإعلامية في الصحف السعودية أمس، والتي جاء فيها أنّ «الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة اتّفَقا على الانسحاب من الحوار إذا لم يجرِ الاتفاق على بند رئاسة الجمهورية في الجلسة المقبلة».

وهذا الجو بحدّ ذاته شَبيه بمواقف السنيورة وكلامِه في جلسة الحوار الأولى، حيث ركّزَ على انتخاب رئيس للجمهورية، ورفضَ البحث في أيّ موضوع قبل الانتهاء من هذا الملف.

تقول المصادر: «ربّما تكون هذه التسريبات نوعاً من الضغط أو التهويل على الحوار والقوى السياسية المشاركة. وستظهر في الأيام المقبلة صحّة أو خفّة هذه التسريبات، ولكن في الحالين، قوى «8 آذار» كانت واضحةً بكلّ مكوّناتها وطرحَت حلولاً في كلّ اتّجاه، وهي حلول «دستورية» كما طالبَ الرئيس فؤاد السنيورة».

العودة إلى الناس وإجراء الانتخابات النيابية هو المخرَج الدستوري والسياسي للأزمة. في كلّ بلاد العالم الديموقراطية، عندما تقفل «اللعبة السياسية» يتمّ اللجوء إلى الانتخابات والعودة إلى صوت الشعب. وفي لبنان صارَ واضحاً أنّ «استنقاذ» النظام السياسي ووضعَه على سكّة الإصلاح يبدأ بإجراء انتخابات وفقَ قانون عصري يعَبّر عن مقتضيات التطوّر السياسي والاجتماعي.

قوى «8 آذار» تطرَح لبنان دائرة واحدة مع النسبية. وربّما توافق على قانون مرَكّب نصف أكثري ونصف نسبي إذا وافقَت القوى السياسية على المبدأ. ومِن مصلحة فريق «المستقبل» ترميم النظام السياسي وتجديد حيويته حتى يستطيع مواكبة حاجات الشباب والأجيال التي نزلت إلى الشارع. وإلّا فإنّ الأزمة قد تطول وتطيح بالنظام، وعندها سيضطرّ الجميع إلى البحث عن صيغةٍ جديدة تنقِذ الوطن والكيان.

في وسعِ طاولة الحوار إنتاج تفاهم لبناني على خريطة طريق للحلّ السياسي تبدأ بإجراء الانتخابات، وتنتهي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي حال نالت قوى «14 آذار» الأكثرية النيابية، فلتنتخب الرئيس الذي تشاء.

وتَختم المصادر: «الرئيس برّي كان واضحاً في المطالبة بحلّ لبناني جذري بدلاً من انتظار الخارج والتبَلّغ منه بمحتويات الحلّ وتعليق لبنان على جدار أزمات المنطقة حتى يحين أوان أزمة جديدة.

الحفاظ على البلد يحتاج حلولاً جذرية لا ترقيعية. الإصرار على رفض الشراكة، والاستئثار، وعدم الاعتراف بالحوار مرجعيةً وطنية للتفاهم انتحار. أمّا الهروب إلى مقولة «إنزلوا إلى المجلس لننتخبَ الرئيس» فلم يعُد واقعياً وخرَج عن مقتضيات الواقع والوقائع».