IMLebanon

القوميّة اللبنانية في فكر الدكتور فيليب سالم

 

يعاني لبنان، منذ سنوات، من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متتالية، وقد حاول كثيرون التطرق اليها واقتراح الحلول لها، وقد كانت في معظمها حلولاً مرحلية أو جزئية، لا تتطرق الى الأسباب الفعلية لهذه الأزمات، بل تسعى الى معالجة مشكلة ما بمعزل عن درس معمّق للكيان اللبناني في حدّ ذاته، الذي تنبثق من جذوره معظم الأزمات. ولكن لفتني أخيراً كتاب أعدّه الإعلامي الأستاذ أسعد الخوري بعنوان «القومية اللبنانية في فكر فيليب سالم»، قدَّم له وجمع فيه كتابات ومقالات للدكتور البروفسور فيليب سالم وتعليقات شخصيات لبنانية على هذا الطرح، وقد قرأت هذا الكتاب بكثير من العناية والإهتمام، إذ يعود فيه الدكتور سالم إلى جذور القضايا التي يعاني منها لبنان، شارحاً أسباب أزماتنا المتتالية وعارضاً الحلول العملية المعقولة.

ربما خلفية الدكتور فيليب سالم الطبية، إذ هو اختصاصي في معالجة الأمراض السرطانية وله اكتشافات وأبحاث علمية طليعية كثيرة في هذا المجال، تعطيه القدرة التحليلية على درس الأوضاع السياسية في لبنان بدقة أكبر، وتصوّر العلاج المناسب، والكتابة عنها خلال سنوات طويلة من الزمن. القومية اللبنانية التي يدعو الدكتور سالم الى اعتناقها، هي في اختصار كلّي صيغة تضمّ اللبنانيين من مختلف الأديان والمذاهب والخلفيات في دولة مدنية عصرية، تتميز بإلغاء الطائفية السياسية وفصل الدين عن الدولة، والتركيز على الإنسان اللبناني وتنمية الروح الوطنية فيه، هذا بالإضافة الى تعزيز روح الحرية في الوطن عموماً والتشديد على أهمية الحوار والتبادل الثقافي، إذ أنّ لبنان كان وما زال بلد الحضارة المبنية على التعددية، وكل ذلك في إطار من الحياد الفاعل. معروف أنّ من أهم أسباب ما وصل اليه لبنان اليوم من انهيار اقتصادي وسياسي وحتى أخلاقي، وما أدّى الى هذه الدرجة غير المسبوقة من الفساد وقلة الولاء للوطن مع ولاء للطائفة وزعيمها، هو الفرز الطائفي في نظامنا السياسي الذي أصبح نمطاً عادياً في حياتنا الإجتماعية. فمجرد ذكرعبارة أحد عشر مليار دولار يُعتبر اعتداء على الطائفة السنّية، كما أنّ لفظ كلمة كبتاغون يعتبر تهجّماً على الطائفة الشيعية، والتلميح الى أي فساد في البنك المركزي يُفسّرعلى أنّه اعتداء مباشر على الطائفة المارونية. لذلك يصعب، إن لم يكن يستحيل، في ظروف كهذه معالجة مسألة الفساد المستشري، الذي ساهم مساهمة كبرى في تدني الوضع الإقتصادي وفي كثير من الأزمات الأخرى التي يعيش اللبنانيون في ظلّها الآن، دون إخراج النظام اللبناني من هذه المحاصصة الطائفية الهدّامة، ألا وهي المحاصصة في توزيع المكاسب والمحاصصة في تجنّب العواقب! هنا يأتي الدور المفصلي لمسألة القومية اللبنانية التي ينادي بها الدكتور فيليب سالم. لماذا ينقسم ولاء اللبنانيين بين ولاء لهذه الطائفة أو تلك، وولاء لهذه الدولة او تلك، بينما الولاء للبنان ليس فقط منقوصاً بل شبه معدوم؟ لذلك لا بدّ من حصول إنصهار بين اللبنانيين عموماً، حيث يتمّ فصل الدين عن الدولة، فتكون مهمة الدين تنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه، بينما تكون مهمة الدولة تنظيم العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان. ففصل الدين عن الدولة لا يعني بأي شكل من الأشكال الإلحاد ولا حتى الإبتعاد عن الدين، إذ أنّ التقيّد بالتعاليم الدينية من شأنه أن يقرّب الناس بعضهم الى بعض ولا أن يفرّقهم. ما يحصل في لبنان هو استغلال للدين للحصول على مناصب ومكاسب، واستعمال للدين للتهرّب من العقاب، في حين أنّ القوانين المدنية تؤمّن المساواة بين المواطنين وتساعد في الإنصهار في مجتمع لبناني يعرف كل مواطن فيه حقوقه وواجباته بالتساوي مع سائر المواطنين، في إطار من التعددية الدينية والمذهبية يحترم بموجبها كل فرد معتقدات وانتماءات الآخرين. والقومية اللبنانية من جهة ثانية، وانتماؤنا الى وطن اسمه لبنان، وولاؤنا التام له، لا تعني إطلاقاً ابتعادنا عن المجتمع العربي الذي نحن جزء لا يتجزأ منه. فلبنان، كما يقول الدكتور سالم، «عربي من رأسه الى أخمص قدميه»، وكما أنّ هنالك قومية سورية وقومية مصرية، فلا بدّ لنا أن يكون هنالك أيضاً قومية لبنانية تتفاعل مع سائر القوميات، ضمن إطار من التعاون البنّاء، للمساهمة في التقدّم والإنماء لجميع مكونات عالمنا العربي. الإنتقال من نظام المحاصصة الطائفية الى نظام يرتكز على الفصل بين الدين والدولة ويؤمّن الولاء التام للوطن، لا يتمّ بمجرد قرار يُتخذ على صعيد الحكومة أو بقانون يُصدره المجلس النيابي، لأنّ المشكلة ليست فقط في النصوص بل هي أيضاً في النفوس، ومعالجتها تتمّ بخطوات تبدأ بالتربية والتعليم وتنتهي بالوصول الى جيل من اللبنانيين يفخرون ببلدهم ويتعلقون به، بدل السعي المستميت الى الهجرة بحثاً عن أوطان بديلة. ومن أجل تعليم المواطن منذ الصغر ضرورة وأهمية التعلق بوطنه والولاء له، لا بدّ من اتخاذ خطوات أساسية، وتنفيذها على الأرض بجدّية وثبات بعد حصول توافق عليها من قِبل المعنيين بمقدرات البلد، ويمكن اختصار هذه الخطوات بالآتي: ـ أولاً، العمل بلا إبطاء على توحيد الكتاب اللبناني في مواد التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية، وهذا البند وارد في «اتفاق الطائف» الذي أصبح الدستور اللبناني المعمول به حالياً. ـ ثانياً، جعل مادة «التربية المدنية» مادة أساسية في البرامج الدراسية لكل المدارس الخاصة والعامة، واعتبارها ضرورية للترقية في المدرسة، وذلك طبعاً بعد إصدار كتاب عصري للتربية المدنية يركّز على الإنتماء للوطن، وكذلك الفصل التام في التدريس بين الأمور الدينية والأمور المدنية، مع التشديد على احترام جميع الأديان والطوائف، وترك الحرية للأهالي في تلقين أولادهم التعاليم الدينية التي يريدونها على أيدي رجال الدين، خارج إطار المدرسة. ـ ثالثاً، التركيز في التعليم منذ المرحلة الإبتدائية على الحضارة اللبنانية، ومساهمات وإنجازات اللبنانيين في شتى المجالات، وعلى موقع لبنان لجهة تلاقي الحضارات، وعلى دوره في الحوار بين الحضارات وفي التبادل الثقافي بين الأمم. إنّ الروح الوطنية لدى أي شعب هي كالغرسة الندية، تنمو بنجاح عندما نعتني بها ونغذيها ونشذبها عند الإقتضاء. ـ رابعاً، عقد ندوات ثقافية وتعليمية واجتماعية لتوعية الأجيال الناشئة على حسنات وفوائد فصل الدين عن الدولة، وإقامة دولة مدنية يتولّى فيها رجال الدين التعاليم والأمور الدينية، بينما يكون القانون المدني هو الأساس في تنظيم العلاقات بين المواطنين، وكذلك على أهمية العيش في جو من الحرية سواء بالنسبة الى المعتقدات الدينية أو التعبير عن الرأي السياسي، كون هذه الحرية جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان. لا شك في أنّ لبنان كما هو اليوم، غارق في الفساد والإنقسامات الطائفية والسياسية، لبنان الذي تمّ تفجير مرفأ عاصمته التي أصبح نصفها مدمّراً ومتروكاً لمصيره، في الوقت الذي يلهو حكامه ومسؤولوه في متاهات تشكيل حكومة طوال أشهر من الوقت الضائع، لبنان الذي لا يستطيع سياسيوه الإتفاق على برنامج يضع حداً للفساد السرطاني المستشري ويرضي المؤسسات الدولية والدول الصديقة التي تود مساعدته، هذا اللبنان لا يمكن أن يكون موضع فخر لأبنائه. ولكن لبنان الدولة المدنية التي ينعم مواطنوها بالمساواة في ما بينهم في جو من الحرية، ويستطيعون محاسبة الحكّام الذين مهمتهم أصلاً هي خدمة الشعب والسهر على راحته وتقدّمه، هذا اللبنان هو الذي يستجلب ولاء مواطنيه التام وانتماءهم المطلق اليه، وهو الذي سيبقى في قلوب ابنائه وفكرهم، بحيث يدافعون عنه دفاعاً مستميتاً في وجه أي اعتداء، ويؤمنون به وطناً نهائياً لهم ولأحفادهم، ويبنون فيه المؤسسات الحديثة التي يستطيعون من خلالها تحقيق الإنجازات والإبداعات التي برعوا فيها عبر التاريخ، فنكون حققنا القومية اللبنانية التي نادى وينادي بها الدكتور فيليب سالم ونشاركه في صلاته للبنان حيث يقول: «أنا قومي لبناني. أبي هو هذا اللبنان. أمي هي هذه الأرض. أهلي هم كل اللبنانيين. ديني: «أعبد لبنان بعد الله». منطقتي، كل حبة تراب من أرضي. أحب أخوتي إلّا أنني لا أحب أخي الذي لا يلتزم الولاء لأبي وأمي. أعاهد الله أن أكون إنساناً حضارياً. وأعاهد لبنان أن أكون مواطناً أقوم بواجباتي قبل أن أطالب بحقوقي. أنا قومي لبناني إلّا أنني أعتبر البشرية جمعاء عائلتي». (سفير متقاعد)

 

ربما خلفية الدكتور فيليب سالم الطبية، إذ هو اختصاصي في معالجة الأمراض السرطانية وله اكتشافات وأبحاث علمية طليعية كثيرة في هذا المجال، تعطيه القدرة التحليلية على درس الأوضاع السياسية في لبنان بدقة أكبر، وتصوّر العلاج المناسب، والكتابة عنها خلال سنوات طويلة من الزمن.

 

القومية اللبنانية التي يدعو الدكتور سالم الى اعتناقها، هي في اختصار كلّي صيغة تضمّ اللبنانيين من مختلف الأديان والمذاهب والخلفيات في دولة مدنية عصرية، تتميز بإلغاء الطائفية السياسية وفصل الدين عن الدولة، والتركيز على الإنسان اللبناني وتنمية الروح الوطنية فيه، هذا بالإضافة الى تعزيز روح الحرية في الوطن عموماً والتشديد على أهمية الحوار والتبادل الثقافي، إذ أنّ لبنان كان وما زال بلد الحضارة المبنية على التعددية، وكل ذلك في إطار من الحياد الفاعل.

 

معروف أنّ من أهم أسباب ما وصل اليه لبنان اليوم من انهيار اقتصادي وسياسي وحتى أخلاقي، وما أدّى الى هذه الدرجة غير المسبوقة من الفساد وقلة الولاء للوطن مع ولاء للطائفة وزعيمها، هو الفرز الطائفي في نظامنا السياسي الذي أصبح نمطاً عادياً في حياتنا الإجتماعية. فمجرد ذكرعبارة أحد عشر مليار دولار يُعتبر اعتداء على الطائفة السنّية، كما أنّ لفظ كلمة كبتاغون يعتبر تهجّماً على الطائفة الشيعية، والتلميح الى أي فساد في البنك المركزي يُفسّرعلى أنّه اعتداء مباشر على الطائفة المارونية.

 

لذلك يصعب، إن لم يكن يستحيل، في ظروف كهذه معالجة مسألة الفساد المستشري، الذي ساهم مساهمة كبرى في تدني الوضع الإقتصادي وفي كثير من الأزمات الأخرى التي يعيش اللبنانيون في ظلّها الآن، دون إخراج النظام اللبناني من هذه المحاصصة الطائفية الهدّامة، ألا وهي المحاصصة في توزيع المكاسب والمحاصصة في تجنّب العواقب!

 

هنا يأتي الدور المفصلي لمسألة القومية اللبنانية التي ينادي بها الدكتور فيليب سالم. لماذا ينقسم ولاء اللبنانيين بين ولاء لهذه الطائفة أو تلك، وولاء لهذه الدولة او تلك، بينما الولاء للبنان ليس فقط منقوصاً بل شبه معدوم؟ لذلك لا بدّ من حصول إنصهار بين اللبنانيين عموماً، حيث يتمّ فصل الدين عن الدولة، فتكون مهمة الدين تنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه، بينما تكون مهمة الدولة تنظيم العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان. ففصل الدين عن الدولة لا يعني بأي شكل من الأشكال الإلحاد ولا حتى الإبتعاد عن الدين، إذ أنّ التقيّد بالتعاليم الدينية من شأنه أن يقرّب الناس بعضهم الى بعض ولا أن يفرّقهم.

 

ما يحصل في لبنان هو استغلال للدين للحصول على مناصب ومكاسب، واستعمال للدين للتهرّب من العقاب، في حين أنّ القوانين المدنية تؤمّن المساواة بين المواطنين وتساعد في الإنصهار في مجتمع لبناني يعرف كل مواطن فيه حقوقه وواجباته بالتساوي مع سائر المواطنين، في إطار من التعددية الدينية والمذهبية يحترم بموجبها كل فرد معتقدات وانتماءات الآخرين.

 

والقومية اللبنانية من جهة ثانية، وانتماؤنا الى وطن اسمه لبنان، وولاؤنا التام له، لا تعني إطلاقاً ابتعادنا عن المجتمع العربي الذي نحن جزء لا يتجزأ منه. فلبنان، كما يقول الدكتور سالم، “عربي من رأسه الى أخمص قدميه”، وكما أنّ هنالك قومية سورية وقومية مصرية، فلا بدّ لنا أن يكون هنالك أيضاً قومية لبنانية تتفاعل مع سائر القوميات، ضمن إطار من التعاون البنّاء، للمساهمة في التقدّم والإنماء لجميع مكونات عالمنا العربي.

 

الإنتقال من نظام المحاصصة الطائفية الى نظام يرتكز على الفصل بين الدين والدولة ويؤمّن الولاء التام للوطن، لا يتمّ بمجرد قرار يُتخذ على صعيد الحكومة أو بقانون يُصدره المجلس النيابي، لأنّ المشكلة ليست فقط في النصوص بل هي أيضاً في النفوس، ومعالجتها تتمّ بخطوات تبدأ بالتربية والتعليم وتنتهي بالوصول الى جيل من اللبنانيين يفخرون ببلدهم ويتعلقون به، بدل السعي المستميت الى الهجرة بحثاً عن أوطان بديلة.

 

ومن أجل تعليم المواطن منذ الصغر ضرورة وأهمية التعلق بوطنه والولاء له، لا بدّ من اتخاذ خطوات أساسية، وتنفيذها على الأرض بجدّية وثبات بعد حصول توافق عليها من قِبل المعنيين بمقدرات البلد، ويمكن اختصار هذه الخطوات بالآتي:

 

ـ أولاً، العمل بلا إبطاء على توحيد الكتاب اللبناني في مواد التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية، وهذا البند وارد في “اتفاق الطائف” الذي أصبح الدستور اللبناني المعمول به حالياً.

 

ـ ثانياً، جعل مادة “التربية المدنية” مادة أساسية في البرامج الدراسية لكل المدارس الخاصة والعامة، واعتبارها ضرورية للترقية في المدرسة، وذلك طبعاً بعد إصدار كتاب عصري للتربية المدنية يركّز على الإنتماء للوطن، وكذلك الفصل التام في التدريس بين الأمور الدينية والأمور المدنية، مع التشديد على احترام جميع الأديان والطوائف، وترك الحرية للأهالي في تلقين أولادهم التعاليم الدينية التي يريدونها على أيدي رجال الدين، خارج إطار المدرسة.

 

ـ ثالثاً، التركيز في التعليم منذ المرحلة الإبتدائية على الحضارة اللبنانية، ومساهمات وإنجازات اللبنانيين في شتى المجالات، وعلى موقع لبنان لجهة تلاقي الحضارات، وعلى دوره في الحوار بين الحضارات وفي التبادل الثقافي بين الأمم. إنّ الروح الوطنية لدى أي شعب هي كالغرسة الندية، تنمو بنجاح عندما نعتني بها ونغذيها ونشذبها عند الإقتضاء.

 

ـ رابعاً، عقد ندوات ثقافية وتعليمية واجتماعية لتوعية الأجيال الناشئة على حسنات وفوائد فصل الدين عن الدولة، وإقامة دولة مدنية يتولّى فيها رجال الدين التعاليم والأمور الدينية، بينما يكون القانون المدني هو الأساس في تنظيم العلاقات بين المواطنين، وكذلك على أهمية العيش في جو من الحرية سواء بالنسبة الى المعتقدات الدينية أو التعبير عن الرأي السياسي، كون هذه الحرية جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

 

لا شك في أنّ لبنان كما هو اليوم، غارق في الفساد والإنقسامات الطائفية والسياسية، لبنان الذي تمّ تفجير مرفأ عاصمته التي أصبح نصفها مدمّراً ومتروكاً لمصيره، في الوقت الذي يلهو حكامه ومسؤولوه في متاهات تشكيل حكومة طوال أشهر من الوقت الضائع، لبنان الذي لا يستطيع سياسيوه الإتفاق على برنامج يضع حداً للفساد السرطاني المستشري ويرضي المؤسسات الدولية والدول الصديقة التي تود مساعدته، هذا اللبنان لا يمكن أن يكون موضع فخر لأبنائه. ولكن لبنان الدولة المدنية التي ينعم مواطنوها بالمساواة في ما بينهم في جو من الحرية، ويستطيعون محاسبة الحكّام الذين مهمتهم أصلاً هي خدمة الشعب والسهر على راحته وتقدّمه، هذا اللبنان هو الذي يستجلب ولاء مواطنيه التام وانتماءهم المطلق اليه، وهو الذي سيبقى في قلوب ابنائه وفكرهم، بحيث يدافعون عنه دفاعاً مستميتاً في وجه أي اعتداء، ويؤمنون به وطناً نهائياً لهم ولأحفادهم، ويبنون فيه المؤسسات الحديثة التي يستطيعون من خلالها تحقيق الإنجازات والإبداعات التي برعوا فيها عبر التاريخ، فنكون حققنا القومية اللبنانية التي نادى وينادي بها الدكتور فيليب سالم ونشاركه في صلاته للبنان حيث يقول:

 

“أنا قومي لبناني. أبي هو هذا اللبنان. أمي هي هذه الأرض. أهلي هم كل اللبنانيين. ديني: “أعبد لبنان بعد الله”. منطقتي، كل حبة تراب من أرضي. أحب أخوتي إلّا أنني لا أحب أخي الذي لا يلتزم الولاء لأبي وأمي. أعاهد الله أن أكون إنساناً حضارياً. وأعاهد لبنان أن أكون مواطناً أقوم بواجباتي قبل أن أطالب بحقوقي. أنا قومي لبناني إلّا أنني أعتبر البشرية جمعاء عائلتي”.