IMLebanon

صدام في العمق  وتهدئة على السطح

ليس من المألوف أن يذهب وزير الداخلية في المصارحة الى الحد الذي اكتفى بالتوقف عنده الوزير نهاد المشنوق. لا في الكلام الأمني بالطبع، ولا حتى في الكلام السياسي. لكن السؤال البسيط امام الذين فوجئوا أو استغربوا او تخوفوا من انعكاسات المصارحة هو: هل نحن في وضع مألوف؟ أليس ما جعل الخطة الأمنية عرجاء ودفع الوزير المعني بالتنفيذ الى رفع الصوت هو العجز عن التنفيذ، حيث الحمايات السياسية، والمبالغة في المطالبة بالتنفيذ، حيث لا حمايات؟ وما الذي يعنيه او يكشفه رد حزب الله بأنه لا يعطي حصانة لأي مرتكب، ولا يغطي اي خاطف، ولا يضع خطوطاً حمراً في أية منطقة امام قيام القوى الأمنية بواجباتها؟ واحد من أمرين: إما ان القوى الأمنية تعرف بالتجربة ثمن القيام بالواجب حتى في القبض على خاطف من أجل فدية، واما انها خائفة من أن تصدق ما يقال من انها مطلقة اليد في تطبيق القانون.

ذلك ان لبنان كله، لا فقط الحكومة، محكوم بالبقاء في حال ربط نزاع، يعد دون مستوى القدرة على ادارة الأزمة، قبل الحديث عن حل الأزمة. فمن موقع سياسي بالغ الهشاشة وكثير الخصومة والتبعية، عليه أن يواجه مخاطر أمنية كبيرة وصلت، بعد صعود داعش، الى المستوى الجيوسياسي وحتى الجيواستراتيجي. ومن حيث يقف على قدم سياسية واحدة من فخار، مطلوب منه أن يضرب أمنياً بقبضة من حديد.

ولا أحد يجهل الأسباب والظروف التي دفعت حزب الله الى المشاركة في حرب سوريا الى جانب النظام، وقضت بأن تصمت الحكومة والقوى الأمنية. ولا الاعتراضات المرتفعة في صفوف المؤيدين للمعارضين السوريين، وخصوصا ضمن مكون لبناني معيّن، على منع أو اعتقال من يذهب الى سوريا للقتال مع المعارضين، وكل ذلك قبل ظهور داعش، وقيام التحالف الاقليمي والدولي بقيادة اميركا للحرب على الارهاب. وطبعا قبل اختصار المشهد في سوريا بصورتين فقط هما النظام وداعش.

وأقصى ما يقال في مجال تطمين اللبنانيين الخائفين هو ان السجال بين تيار المستقبل وحزب الله لن يؤدي الى فرط الحكومة. والسبب هو العجز عن المجيء بالبديل ما دام قرار الحرص على بقاء الشغور الرئاسي نافذا، وليس التقدير العالي للشراكة بين من يمثل ضحايا ومن يمثل متهمين امام المحكمة الدولية. وهو أيضا الحرص الاقليمي والدولي على التسوية الجزئية التي سمحت بتأليف الحكومة. لكن صراع المشاريع في المنطقة وصل الى مرحلة بالغة الدقة، حيث السباق بين الصفقة الكبيرة والانفجار الكبير. وكل ما يستطيعه لبنان المحكوم بالانتظار هو اختيار نوع الانتظار في العراء أو تحت سقف.