IMLebanon

فاريّا: محاولات لإحراج الأحزاب واستقلالية العائلات

تعيش فاريا، البلدة الجميلة في الجرد الكسرواني، حرارة انتخابية تتناقض مع ثلوجها التي صنعت شهرتها بين البلدات اللبنانية. لا يتغير الكثير في إرباك الاحزاب المسيحية وتخبطها في مواجهة تحالفات عائلية ومحلية، سواء على الساحل الكسرواني أو على ارتفاع 2465 مترا في فاريا.

فالبلدة «العونية الهوى» بغالبيتها، لا يتجاوز عدد حاملي البطاقة الحزبية فيها الـ62 شخصا. لـ «القوات» فيها حصة وكذلك لـ «الكتائب» كما للزعامات المحلية. لكن في الاستحقاق الانتخابي تظهّرت حساسيات عائلية وحسابات لها علاقة بشؤون البلدة وشجونها ومرجعياتها المحلية.

على الأرجح أن للـ2200 مقترع المسجلين على لوائح الشطب ميولا سياسية، لكنها ستتراجع الى المرتبة الثانية عند حسمهم خيارهم الانتخابي.

هنا للعائلات و«كراماتها» وحضورها وعلاقاتها، المرتبة الاولى. ينتخب في فاريا ما يقارب الـ1850 شخصا من أصل 2200 ممن يحق لهم الاقتراع. هؤلاء يتوزعون على آل خليل (600 ناخب) آل سلامه (415 ناخبا) آل بطيش (412 ناخبا) آل مهنا (220 ناخبا) إضافة الى العائلات الاخرى كعقيقي وضو وماما وغيرهم.

في خطوة فيها الكثير من الدلالات، حاول رئيس البلدية الحالي نضال خليل الدخول من باب الأحزاب الى العائلات ليخلط الاوراق ويحرج الجميع. فشكل نواة دعم ومواجهة من مسؤول «التيار» في البلدة جاك سلامة، ومن «القواتي» كريم بطيش، و «الكتائبي» يوسف عبدالله ومن فوزي بطيش الذي تربطه علاقات بالتيار كما بفريد هيكل الخازن. فإذا نجحت اللائحة يتبنى «الريس نضال» نجاحها، وان فشلت فإن الخسارة تلحق بالاحزاب.

لكن هذه التركيبة أثارت حساسية العائلات في فاريا، قبل أن تسحب الاحزاب يدها منها، أقله حتى الآن.

فـ «القوات» و «التيار» يؤكدان انهما لم يقولا الكلمة الفصل في موضوع فاريا. وفيما يعتبر «التيار» أن «الامور ستتبلور في اليومين المقبلين»، يؤكد مسؤول كسروان في «القوات» شوقي الدكاش أن «القوات لم ترشح أحدا حتى الآن في فاريا. قد يكون لنا رفاق مرشحون أو طامحون لكننا لم نسمّ بعد. وسنتشاور مع حلفائنا في التيار لأخذ موقف موحد، ونحن ندفع بهذا الاتجاه لما فيه مصلحة البلدة وأهلها». وكرر الدكاش موقف «القوات» من «تصوير المواجهة بين الاحزاب والعائلات» معتبرا ان «ابناء الاحزاب هم اولا ابناء العائلات سواء في فاريا او كسروان او غيرها، وهم يعطون الاولوية لمصلحة بلدتهم وإنمائها والتوافق فيها».

في موازاة هذه اللائحة تتبلور لائحة مواجهة يفترض أن تُعلن خلال اليومين المقبلين. يرأس هذه اللائحة ميشال سلامة المدعوم من معظم العائلات، والذي يُسقط شبهة مواجهة الأحزاب على اعتباره «عوني الهوى»، ولائحته تضم أبناء البلدة المتنوعي الميول. ومن ابرز داعمي هذه اللائحة الوزير السابق يوسف سلامة ورئيس البلدية السابق جان بطيش وشقيقه منصور بطيش الذي يتواصل مع كل الاحزاب والزعامات المحلية «لتغليب خيار التوافق والانماء، من دون الدخول في مشاريع تحريض أو انقسام داخل العائلات في فاريا».

لن تكون انتخابات فاريا نزهة على اللائحتين المتواجهتين. يحاول نضال خليل إحراج الاحزاب بتبني مسؤوليها في البلدة. وتحاول العائلات أن تقول انها أدرى بشعاب بلدتها ومصلحتها. في اللائحتين يتواجه محازبون لكن لائحة سلامة لها ارجحية الاسبقية، كما ارجحية التوازنات داخل البلدة. فعلى الرغم من محاولة ترشيح اثنين من آل بطيش على لائحة خليل، إلا أنه يبقى لمنصور بطيش «المونة» الاكبر في عائلته، كما ان منصور غانم البون، الذي «يمون» بدوره على جزء غير قليل من آل خليل، يتعاطف مع لائحة سلامة.

تكثر التفاصيل في انتخابات فاريا، شأن معظم قرى القضاء، إلا انها تعكس بدقة تداخل الحزبي بالعائلي بحساسيات البلدات وكرامات أهلها.