IMLebanon

هذه المزرعة صارت… 

 

 

حتى في أيام العز، التي نسميها «الزمن الجميل» كان الكثيرون يتحدّثون عن الدولة/المزرعة… فماذا نطلق من تسميات على لادولة الفساد والتخلف والموبقات، اليوم؟!.

 

حتى في المزرعة ثمة حد أدنى من النظام، ومثله من حفظ الحقوق والواجبات، ومثله من مسار الأعمال… أمّا في مزرعتنا فليس سوى التناطح على مَن يزايد أكثر من الآخر في الفساد والارتكابات والتجاوزات. فلا السلطة التنفيذية قائمة كما يُفترَض أن يكون حضورها، ولا مجلس النواب ينتخب رئيساً للجمهورية ولا هو يقوم بواجباته (ودوره) كما يجب أن يكون، والدليل الصارخ أن قانون الـ «هير كات» كان مفترضاً أن يُقر خلال يوم أو يومين من الأزمة المالية وها هو مدار جرجرة امتدت نحواً من خمس سنوات ولا نتيجة، لاسيما أنه لم تعد ثمة جدوى منه فـ «الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب»، بل الأوجع أن الذين ضربوا وأكلوا وسرقوا ونهبوا… لم يهربوا، اذ لا يزالون يتمتعون بأموال الناس وبخيرات البلاد والعباد و «على دَينتهم» المساءلة والمحاسبة ومن يسائلون ويحاسبون.

 

ولا القضاء قضاء جرّاء الاستزلام والتبعية وانهيار سلّم القيم والأخلاق.

 

وأمّا الإدارة العامة البهيّة فمقفلة في وجوه الناس، وكأن كبارها وصغار العاملين فيها ليسوا من طينة هؤلاء الناس.

 

ونتحدّث عن الناس في هذا البلد المنكوب وكأنهم غير معنيين بأدنى مصالحهم وكأنهم استسهلوا الهوان واستطابوا الذل واستمرأوا الشحادة الى درجة أن النفايات تحاصرهم في بيوتهم وأن القيمين على شؤون المزرعة اكتشفوا أن ثمة نفايات ولكنهم لم يكتشفوا ما ذهب إليه أسلافهم حتى أيام مكنسة البلّان والقندَول.

 

ويأتيك في المسؤولين عن إدارة هذه المزرعة القذرة ذات القدرة الفائقة على تخريب كل شيء  مَن يحدثنا عن النشاط والتضحية والتفاني و… أجل! لقد خرّبوا كل شيء بفضائح وجلاجل. ومن أعظم «إنجازاتهم» تشويه دور لبنان الرائد في التعليم، والمثال الصارخ تزوير الشهادات الجامعية، مع تأكيدنا على أن هذه نتيجة طبيعية لإعطاء عشرات الدكاكين رخصاً جامعية، يا لَلعار!

 

أما بديع إنجازاتهم فهو لهط أموال المودعين بأسهل من شربة الماء (وهذا حديث يطول ويطول ويطول …).

 

ماذا أبقوا من دون تشويه؟ وأي أرملة لم يسرقوا فلسها؟ وأي فرية لم يرتكبوا؟

 

مزرعة؟ يا ليت. إنها زريبة وبامتياز… وأيها اللبنانيون «بتستاهلو». فأنتم قدّستم المجرمين، وباركتم اللصوص، وأذعنتم للفاسدين، وافتديتموهم بالروح وبالدم، وانبطحتم أمامهم، وقبلتم أن تؤلّهوهم وأنتم تعرفون أنهم شياطين وأبالسة و«أبناء الأفاعي»، كما يسمي الإنجيل المقدّس أمثالَهم، مع إنكم تدركون حقيقة كلٍّ منهم. أيها اللبنانيون، «عن جد بتستاهلو».