IMLebanon

القوى تلجأ لـ«سلاح الدمار الشامل» قبل 3 أشهر على موعد الإنتخابات

 

تختلف قراءة المراقبين للمستجدات الأخيرة المتعلقة بانفجار الأزمة بين حركة «أمل» و»التيار الوطني الحر»، من حيث خلفياتها وتداعياتها. ففيما يعتبر البعض ان ما يحصل جزء من انخراط القوى السياسية في الاستعداد للانتخابات النيابية والتي لم تعد تفصلنا عنها الا 3 أشهر، يرى البعض الآخر أن ما يجري يهدد فعليا الاستحقاق النيابي رغم كل التطمينات التي تصدر من هنا وهناك لجهة التمسك باجراء الانتخابات في موعدها المحدد في السادس من أيار.

وتعتبر مصادر في قوى 8 آذار مقربة من حزب الله ان القوى السياسية لجأت باكرا في معركتها الانتخابية لـ«سلاح الدمار الشامل» المتمثل بـ «التجييش الطائفي»، معتبرة ان رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل كان أول من لجأ اليه، وان كان أراد استخدامه بعيدا عن الاضواء وفي حلقات ضيقة باطار المناطق، لافتة الى انّه وبعدما تم تسريب الفيديو الأخير له وهو يشن هجوما لاذعا على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تحول استخدام السلاح السابق ذكره علنيا، ما جعل باقي القوى تُخرج هي الأخرى أسلحتها من النوع نفسه سعيا لمعركة متكافئة!

وترى المصادر ان باسيل يعتمد حملة انتخابية يحاول من خلالها تصوير نفسه كـ«بطريرك المسيحيين» ككل وأنّه الوحيد القادر على «استعادة حقوق المسيحيين والمحافظة عليها»، مشيرة الى ان اللغة التي يستخدمها لا تغيظ أخصامه المسيحيين وحدهم بل حتى حلفاءه الذين باتوا على يقين انّه يستخدم الأسلوب السابق ذكره خوفا من نتائج النسبية والصوت التفضيلي. وتضيف المصادر: «يبدو ان الوزير باسيل كما كثيرين غيره لم يدققوا بحساباتهم قبل السير بقانون الانتخاب الجديد، وها هم اليوم يحاولون التعويض عن بعض الخسارات التي سيتلقونها من خلال محاولة شد العصب المسيحي، ما يؤدي تلقائيا لمحاولة آخرين لشد عصب الشارع سواء الشيعي او السني».

وبالرغم من ارتفاع مستوى الاحتقان المسيطر حاليا على البلد والذي بات يتخذ أشكالاً شتى، سواء من خلال الخطابات العالية النبرة او حملات التضامن او التحركات في الشارع، من دون ان ننسى الحروب المفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد سقوط المتاريس، فان المصادر تنبه من ان ما نحن بصدده قد يتطور أكثر في حال لم تبذل جهود سريعة لاحتواء الوضع، وان كانت تستبعد ان يكون هناك مكان للصلح. وتضيف: «نعي تماما ان الأمور لا يمكن ان تعود الى ما كانت عليه قبل أزمة مرسوم الاقدمية وما تلاها من أحداث بعد تسريب فيديو الوزير باسيل، لكن ما نتطلع اليه هو عدم تطورها أكثر لتأخذ أبعاداً امنية خطيرة تُدخل البلد كما الانتخابات النيابية في المجهول».

ويبدو ان حزب الله يبذل حاليا جهودا مع حركة «أمل» للفصل بين الأزمة الكبيرة الناشئة مع «التيار الوطني الحر» وبين العلاقة مع رئيس الجمهورية، اذ كشفت معلومات عن محاولة الحزب تحييد الرئاسة الأولى عن الصراع الحاصل وحصره بالوزير باسيل، باعتبار ان الكلام «غير اللائق» بحق الرئيس بري صدر عنه وبالتالي لا لزوم لاطلاق النار على قصر بعبدا خاصة بعدما سعى الرئيس عون في بيانه الأخير لتصوير نفسه حكما متحدثا عن «خطأ كبير حصل في الشارع بني على خطأ»، باشارة الى خطأ الوزير باسيل.

والأرجح ان «التيار الوطني الحر» حسم أمره بموضوع التعامل مع الأزمة، فهو يتمسك برفض رئيسه الاعتذار من منطلق أنّه، وبحسب مصادر قيادية في التيار، عبّر عن أسفه بعد ساعات من تسريب الفيديو، ما يعني تقديم اعتذاره بشكل غير مباشر. وتضيف المصادر: «أما اصرار البعض على اعتذار علني وذهابهم أبعد من ذلك بمطالبته بالاستقالة، فيجعل الصورة تبدو أوضح بالنسبة لنا، وكأن هناك من ينتظرنا عند أول غلطة لمحاولة تحجيم دورنا المستعاد مؤخرا وفرض نفسه مايسترو وحيد للعبة اللبنانية، وهو ما لن نسمح به مهما بلغت التحديات».

ومن المتوقع أن يشكل مؤتمر الطاقة الاغترابية المرتقب انعقاده في أبيدجان عنصرا يفاقم الأزمة الحالية مع ورود معلومات عن قرار بمقاطعته من قبل كل شيعة أفريقيا علما انّهم يشكلون القسم الأكبر من الاغتراب اللبناني في القارة الافريقية. وتتخوف مصادر متابعة للتحضيرات للمؤتمر من فوضى قد تسيطر على المؤتمر نظرا للتوتر والاحتقان اللذين يسودان وسط مناصري الرئيس بري والذين قد لا يكتفون بالمقاطعة والأرجح سيتظاهرون ويعتصمون بالتزامن مع وصول الوزير باسيل وانطلاق أعمال هذا المؤتمر.

وان كانت التطورات الأخيرة ساهمت وان بشكل غير مباشر، بحسب خبراء انتخابيين، برفع مستوى التأييد العوني للوزير باسيل بعد مرحلة من الانقسام الحزبي الداخلي قد ينعكس لمصلحته في الصناديق الانتخابية في البترون، الا ان مصادر قوى 8 آذار تنبه من «خطورة التمادي في الألعاب الانتخابية والتي بدأت عمليا تؤثر على وحدة الصف اللبناني والتي تجلت بأبهى حللها خلال أزمة رئيس الحكومة سعد الحريري الأخيرة»، معتبرة انّه «وفي حال تمسك الوزير باسيل مع القياديين في «التيار الوطني الحر» بخطابهم التصعيدي، فان كل التحالفات ستكون على المحك بعد الانتخابات، والأخطر أنّها قد تعود للتأخذ منحاً طائفياً ومذهبياً لا نريده».