IMLebanon

التدقيق الجنائي دخل البازار السياسي فـ «ضاعت الطاسة»

 

لم يبقَ في الميدان إلّا مبادرة بري بعد فشل الفرنسية والعربية

 

 

ظهر من حركة وزير الخارجية المصرية سامح شكري والامين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، ان الامور مقفلة تماماً امام إيجاد مخرج للأزمة الحكومية. حتى ان اقتراح امين عام الجامعة بعقد لقاءات للقوى السياسية اللبنانية المعنية بتشكيل الحكومة تحت قبّة الجامعة في القاهرة والتفاهم على مخارج للحلول لم يجد له آذاناً صاغية، وفشل تماماً كما فشل المسعى الفرنسي الاسبوع قبل الماضي لعقد مؤتمر «سان كلو» جديد، بسبب عدم رغبة بعض الاطراف في التلاقي قبل تشكيل الحكومة، او التفاهم بالخطوط العريضة والتفصيلية على تشكيلها، فلو نجح المسعى الفرنسي لما كان من لزوم للمسعى العربي بعقد اللقاء في مقر الجامعة العربية.

 

وردّت مصادر فريق الذين استثنتهم زيارات شكري وزكي فشل الزيارتين إلى ما وصفته «الإنحياز السياسي الواضح منهما لفريق سياسي على حساب فريق آخر، ما جعل الحراك العربي بلا نتيجة». مشيرة إلى انه كان بالإمكان توصل المسعى المصري الى مقترحات تمهّد اكثر لنجاح مسعى الجامعة العربية في عقد لقاءات للقوى اللبنانية في مقر جامعة الدول العربية، لو ان لقاءات الضيفين شملت كل القوى المعنية ولم تستثنِ احداً.

 

وعلى هذا لم يبقَ في ساحة المبادرات والمساعي سوى تحرك الرئيس نبيه بري، الذي تؤكد مصادره انه مستمر في مسعاه حتى تحقيق خرق في مكان ما، وهو المسعى الذي لم يلقَ إعتراضاً علنيّاً على الأقل من كل الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة، لكنه بحاجة الى مزيد من الاتصالات التي تجري بعيداً عن الاضواء لبلورة افكار اكثر قبولاً تُطرح بشكل رسمي.

 

وتفيد مصادر المعلومات، ان الجهد الخارجي لتحقيق التوافق اللبناني والذي لم يصل الى نتيجة، سيبقى داعماً للجهد لداخلي القائم، ولكن لم يصل الى نتيجة حتى الآن أيضاً، إذ يبقى المهم ما هومخفيّ لدى بعض القوى السياسية اللبنانية من شروط وخلافات وتصفية حسابات تعيق التوصل إلى أي تفاهم، لا سيما بعد تمسك الاطراف بمواقفها حول صيغة الحكومة، وإتهام كل طرف للآخر بأن هذا يريد الثلث الضامن وذاك يريدالنصف زائداً واحداً.

 

وهنا تشير المصادر الى السجالات التي اندلعت مؤخراً حول موضوع التدقيق الجنائي وتحقيق الاصلاحات، والذي يبدو انه في صلب معوقات تشكيل الحكومة، لأنه سيكون من صلب برنامجها واولوياتها حسب المبادرة الفرنسية ووفق ما يريده المجتمع الدولي لدعم لبنان اقتصادياً ومالياً، بعدما جرى تبادل الاتهامات أيضاً بتعطيله والتسابق على تسجيل المواقف المؤيدة للتدقيق والإصلاح.

 

وتقول المصادر: ان موضوع التدقيق الجنائي وهو امر تقني، والاصلاحات ومكافحة الفساد وهي قرار سياسي، دخلت في بازار السياسة اللبنانية كما كل شيء في لبنان، مثل موضوع اللقاح لمواجهة فيروس كورونا، «فضاعت الطاسة» ولم يعد أحد يعرف مَنْ مع ومَنْ ضد المحاسبة عبر التدقيق الجنائي، وما هي الحسابات التي تتحكم بمسار هذا التدقيق. ولذلك يتشدّدون في فرض الشروط والمعايير حول تشكيل الحكومة تهرّباً من موضوع التدقيق الجنائي، لأنه سيطال رؤوساً كبيرة على ما يبدو، مسؤولة عن تردي الوضع المالي والهدر وعن عقد الصفقات في الكهرباء وغير الكهرباء، وعن تضييع اموال المودعين في المصارف، وعلى مشاريع بعضها وهمي او غير منجز، كماهو حال مشروع مضخات الصرف الصحي ومياه الامطار ومشاريع اخرى غيره.

 

كان تشكيل الحكومة في وادٍ دستوري وسياسي يمكن معالجته، فصار في وادٍ آخر، تتحكم به الخلافات والحسابات الصغيرة والكبيرة الداخلية والخارجية.