IMLebanon

أفكار فرنسية لإعادة النظر في التموضعات.. ولتثبيت الإستقرار عبر باريس ٤

    إطلالتان إستثنائيتان لرئيس الجمهورية من نيويورك وباريس تثبتان نهجاً خارجياً جديداً

    يتوقع دبلوماسي مخضرم أن تحضّ باريس المحورين المتخاصمين على البناء على نوع من المساكنة ترتد إيجاباً على كامل المنطقة

تستعد الديبلوماسية اللبنانية لزيارتين رئاسيتين محوريتين يقوم بهما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الى نيويورك (١٧ أيلول) حيث يشارك في إجتماعات الدورة الـ٧٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة ويلقي كلمة لبنان (٢١ أيلول) من المنبر الدولي، وهي الإطلالة الدولية الاولى بهذا الحجم لعون في سنته الرئاسية الأولى (بعد زياراته السعودية والقطرية ثم المصرية فالأردنية)، والى باريس (٢٥-٢٧ أيلول) حيث يحضّر له إستقبال رئاسي ذات رمزية بالغة الأهمية لبنانية – فرنسية، نظرا الى العلاقة الوجدانية بين باريس والرئاسة اللبنانية عموما، وربطا بما للرئيس عون من علاقة خاصة بفرنسا التي عاش فيها طوال أعوام المنفى، ونسج له فيها صداقات كثيرة.

وكانت باريس قد إستقبلت قبل أسابيع قليلة رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي سيزور أيضاً موسكو يوم الاثنين، ويتوقع ان تكون ناجحة مثل زميلتها باريس.

ويعوّل المراقبون على زيارتي عون والحريري بغية ضخ المزيد من الدينامية في العلاقة بين البلدين، وخصوصا على المستوى الرئاسي.

وتدرك باريس واقع الحال في بيروت، وحقيقة أن الإنقسام السياسي العمودي الحاصل لا يزال يحكمه حفظ الحد الادنى من الإستقرار السياسي والامني والإقتصادي، لذلك تبدي الإدارة الجديدة حرصا على تثبيت هذا الإستقرار، وهي تناقش مجموعة من الأفكار الآيلة الى تحصينه، من ضمنها إحتمال الدعوة الى مؤتمر باريس جديد (باريس ٤)، في إستعادة للمؤتمرات السابقة التي رمت الى إنعاش الوضع الإقتصادي اللبناني.

ويقول ديبلوماسي مخضرم إن الإدارة الرئاسية الفرنسية الجديدة تحترم التوجهات العريضة التاريخية والفعلية التي تربط البلدين، والتي جعلت العلاقة وثيقة بينهما منذ ما قبل الإنتداب. وهي في هذا السياق تنكب على وضع إستراتيجية عامة تدير علاقتها بالشرق الادنى، تتّسم بالبراغامتية وتتيح لها تحديد معالم السياسة الفرنسية الجديدة تجاه لبنان تحديدا.

ويرى هذا الديبلوماسي أن لبنان، في الموازاة، يحتاج الى إعادة تموضع سياسي في حمأة ما يحيط به، بما يؤدي الى التخفيف قدر الإمكان من الإنقسام العمودي الحاصل، وربما تفكيكه تباعا بما يلاقي التسوية الرئاسية اللبنانية من جهة، وما يطبخ على مستوى الإقليم من جهة أخرى، مما قد يتيح، تاليا، فرز واقع سياسي جديد أقل حدّة قد تتبلور سماته غداة الإنتخابات النيابية المقررة في ربيع سنة ٢٠١٨.

ويشير الى أن لبنان تنتظره على مستوى السياسة الخارجية، تحديات عدة، أبرزها ما يرتبط بواقع المحورين اللذين لا يزالان يتجاذبان الإقليم، وهو يشهد راهنا بعض تجليات هذا الصراع، مما يفترض على المسؤولين إعادة النظر في بعض التموضعات.

ويلفت الى أن الإدارة الرئاسية الفرنسية، من بين إدارات أخرى، تنظر الى الرئاسة اللبنانية على أنها القادرة على إدارة حوار داخلي بما يؤدي الى الحد من أي توتر قد يؤثر في الإستقرار، رغم أن أياً من القوى السياسية المتخاصمة لا يبدي راهنا نية للمس بالساتيكو القائم، بل تكتفي هذه القوى بقرار ربط نزاع يحكمه خطاب تخاصمي مضبوط السقف.

ويرى الديبلوماسي أن باريس، من جهتها، يمكن أن تنتج نافذة أو هامشا واسعا للتحرك، تستطيع أن توظفه في سياق إعادة تموضعها بنجاح في لبنان، بعد تعثّر أو تلكؤ في عهود سابقة.

وسبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أعلن أنه سيزور لبنان في ربيع ٢٠١٨، في إطار جولة يقوم بها الى المنطقة تشمل الأردن وإسرائيل والاراضي الفلسطينية.

ويتوقع الديبلوماسي أن تستخدم باريس علاقاتها مع شركائها الإقليميين والدوليين لتكريس الإستقرار اللبناني، من خلال حضّها المحورين المتخاصمين على البناء على نوع من المساكنة السنية – الشيعية، ترتد إيجابا على كامل المنطقة. وتدرك باريس أن هذا الأمر يعود بالفائدة على لبنان تحديدا، وهي التي تسعى الى الإفادة من الأخطاء السابقة، وخصوصا تلك التي حصلت في عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك والتي حاولت اولا فرض نوع من الرضوخ والتسليم اللبنانية بالدور السوري، قبل أن ينقلب على هذا الإتجاه ويعود في العام ٢٠٠٣ الى صوغ إتفاق النورماندي مع الرئيس الاميركي جورج بوش الإبن والذي أفضى لاحقا الى صدور القرار الدولي ١٥٥٩.

كما يتوقع أن يثير ماكرون مع عون أزمة النازحين، التي يوليها الحكم اللبناني إهتماما إستثنائيا نظرا الى تداعياتها السلبية على كيانية لبنان والثبات الديموغرافي فيه وعلى الإستقرار الذي تتمسك به باريس، الى جانب تأكيد السيادة اللبنانية، ومناقشة الازمة السورية، وتصليب دور لبنان في الحرب على الإرهاب من خلال تقديم الدعم الى القوات المسلحة اللبنانية، ولا سيما الجيش، وتأكيد الرغبة الفرنسية في تدعيم الإقتصاد اللبناني (ربما عقد مؤتمر باريس ٤) في ظل الخشية من تدهور على هذا المستوى ينعكس سلبا على الإستقرار السياسي.