IMLebanon

8 أسئلة تنتظر أجوبة

 

تشكّل الحروب على رغم كارثيتها وفظائعها تحريكاً للستاتيكو القائم، إذ يمكن ان تدفع بالأوضاع إلى الأفضل أو الأسوأ، فماذا عن سيناريوهات ما بعد انتهاء حرب غزة؟

السؤال الأول الذي لا إجابة عنه بعد: هل ستنجح إسرائيل بتحقيق الهدف الذي وضعته لنفسها بإخراج «حماس» من غزة؟ فإذا نجحت في تحقيق هذا الهدف شيء، وإذا لم تنجح شيء آخر، وعلى رغم تصميمها ربطاً بصورتها التي هشمتها «حماس»، فإنه لا شيء محسوما على هذا المستوى خصوصا في حال طال أمد المعارك وتعالت أصوات دول العالم لوقف الحرب بسبب الخسائر البشرية الهائلة.

وبما ان لكل شيء في هذه الحياة المومنتم المطلوب، فهل ستنجح إسرائيل في الاستفادة من مومنتم الغطاء الدولي لعمليتها العسكرية بعد ان صوّرت «حماس» نيو داعش. وبالتالي، إنهاء هذه العملية ضمن الوقت المسموح والمُتاح؟ هناك أمران أساسيان بالنسبة لإسرائيل: استرداد صورة الردع والقوة التي نشأت عليها ومن دونها ستواجه موجة هجرة لليهود عن أرضها، وتحقيق هذا الهدف يتطلب إخراج «حماس» من غزة، ولكن هل الاجتياح العسكري كاف لوحده من دون البحث عن حل سياسي مع السلطة الفلسطينية؟ ومن سيستلم إدارة غزة بعد رحيل «حماس»؟ فإسرائيل لا تستطيع ذلك، كما لا تستطيع تحويل غزة إلى صحراء من دون شعب، وبالتالي هي بحاجة الى قوة فلسطينية تتسلّم زمام الأمور في غزة. وهل ستكون السلطة في هذا الوارد في حال لم تقدِّم تل أبيب تنازلات جوهرية تتعلّق بحل الدولتين؟ فبعد إخراج «حماس» من غزة، وستخرج حتماً، ستكون إسرائيل أمام أزمة من يتولى إدارة القطاع الذي لا يمكن ان تتركه للفوضى الذي يشكل الباب العريض لعودة التنظيم الحمساوي او غيره من التنظيمات التي تشبه «حماس».
فإخراج «حماس» من غزة عسكريا غير كاف ما لم يتم إخراجها سياسيا من خلال تقديم تنازلات للسلطة، الأمر الذي يقطع طريق العودة السياسية على «حماس» وغيرها من التنظيمات المحرّكة من طهران، ولا بدّ من ان تكون واشنطن قد بدأت تمهِّد مع التغيير الحكومي الإسرائيلي وبالتوازي مع الأعمال العسكرية الأرضية للعملية السياسية، لأن لا فائدة من عملية عسكرية بهذه الكلفة والضخامة في حال لم تتوّج بتسوية سياسية تُعيد الاعتبار للشرعية الفلسطينية.

والسؤال الثاني الذي لا إجابة عنه بعد: هل تدخُّل «حزب الله» بطلب من إيران سيحصل أم لن يحصل حتى لو فقدت طهران ورقتها الفلسطينية، وما انعكاسات عدم تدخلها؟ لن تعطي إيران ولا الحزب اي إجابة واضحة على هذا المستوى، ولكن باستثناء جانب الإحراج أمام البيئة المُمانعة بأنّ مؤازرة «حماس» لم تحصل في حشرة غير مسبوقة قد تؤدي إلى إخراجها من القطاع، فإن تدخُّل الحزب لن يؤثِّر على الهدف الإسرائيلي، بل قد يؤدي تدخّله إلى مجازفة طهران بخسارة ورقتها الثانية في لبنان بعد غزة، فتكون قد خرجت من الساحتين الفلسطينية واللبنانية، لأن اي حلّ للبنان بعد إقحامه في الحرب لن يكون هذه المرة على قاعدة القرار 1701 إنما القرار 1559.

والسؤال الثالث الذي لا إجابة عنه بعد: هل ستكتفي إسرائيل بإخراج «حماس» من غزة، أم مع اقتراب تحقيق هدفها ستنتقل إلى الجبهة مع لبنان لإزالة الخطر الذي يمثله «حزب الله» على حدودها مستفيدة من الغطاء الدولي ولإنهاء اي تهديد مستقبلي لها؟ وهل تستطيع تل أبيب ان تستكمل حربها مع الحزب بعد الخسائر التي تكون قد تكبّدتها على جبهة غزة؟ وهل تحظى تل أبيب بغطاء من واشنطن لشن حرب على «حزب الله» في حال لم يُبادر الحزب إلى الحرب، خصوصا ان الإدارة الأميركية بَرّأت طهران من عملية «حماس» والسيد الخامنئي أعلن عدم اطلاعه ومعرفته بالعملية؟

السؤال الرابع الذي لا إجابة عنه بعد: هل ستحاول طهران ان تُقايض عدم تدخُّل «حزب الله» عسكريا في الحرب بمكاسب سياسية في لبنان؟ وهل سيوظِّف الحزب ورقة عدم تدخله في غزة للدفاع عن مقاومته بأنها لبنانية وللدفاع عن لبنان، علماً ان القاصي يعلم والداني أيضاً ان عدم انخراطه في الحرب سببه الخشية من تداعياتها على وضعه ووجوده واستمراريته؟ وهل في حال عدم تدخله وخروج «حماس» من غزة سيلجأ إلى مزيد من التشدُّد في لبنان، أم سيبادر إلى التسوية في إقرار ضمني منه بخسارة موصوفة لورقة الممانعة الفلسطينية؟

السؤال الخامس الذي لا إجابة عنه بعد: ما هي صورة الشرق الأوسط بعد حرب غزة؟ وهل يمكن ان تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل هذه الحرب، أم انّ قطار السلام والتطبيع سينطلق بقوة خصوصاً ان المصالح الاقتصادية أصبحت هي الأساس مع الخط الممتد من الهند إلى حيفا مرورا بالخليج وصولا إلى أوروبا؟ وهل «حماس» ضحّت بنفسها في عملية عسكرية ناجحة أدخلتها التاريخ وأخرجتها من الجغرافيا الفلسطينية؟ وهل ستنجح طهران من خلال حرب غزة في فرملة التطبيع بين الرياض وتل أبيب، ام انّ ما بدأ لن يتوقّف وسيستكمل فور انتهاء الأعمال العسكرية؟

السؤال السادس الذي لا إجابة عنه بعد: أيّ مستقبل للدور الإيراني في المنطقة بعد خروج «حماس» من غزة؟ وكيف يمكن لمكونات الممانعة ان تبرِّر أمام جمهورها والجمهور الواسع التصاقها بدولة تستخدم أوراقها وتقاتل بهذه الأوراق والشعوب من دون ان تتدخّل مباشرة للدفاع عن هذه المكونات؟ إن حجج مكونات محور الممانعة ستضعف كثيراً في ظل الدولة القائدة لهذا المحور التي تخوض الحروب بالواسطة وتضحّي بالشعوب من دون أفق ولا تقوم بأي شيء مباشر للدفاع عنها.

السؤال السابع الذي لا إجابة عنه بعد: هل سيعود الوضع في لبنان بعد انتهاء حرب غزة إلى ما كان عليه في 6 تشرين الأول وكأنّ شيئاً لم يحصل في المنطقة لتعود الحياة السياسية إلى كلاسيكيتها المعهودة في صراع رئاسي لا يقدِّم ولا يؤخِّر في مشروع الدولة في لبنان؟ وهل حرب غزة ستشكل مدخلا لحلّ الأزمة اللبنانية من بابها السيادي على قاعدة إيجاد حلّ لسلاح «حزب الله» الذي يمنع قيام الدولة الفعلية، أم سيترك لبنان لأزمته الوجودية؟ وما تأثير حرب غزة وخروج «حماس» من المعادلة الفلسطينية على المعادلة اللبنانية؟ وهل ستشكل حرب غزة فرصة للبنان من أجل يحقِّق مشروع الدولة الذي تعذّر تحقيقه بعد انتهاء الحرب في العام 1990 بسبب وضع النظام السوري يده على لبنان؟

السؤال الثامن الذي لا إجابة عنه بعد: أيّ شرق أوسط جديد يمكن الحديث عنه في حال احتفظت إيران بالورقة اللبنانية عن طريق «حزب الله»؟ وألا تشكل حرب غزة مناسبة لحوار أميركي وسعودي من جهة، وإيراني من جهة أخرى، بهدف إنهاء الدور العسكري الإيراني في المنطقة والمزعزع لاستقرارها، لأنه في حال لم يحصل ذلك، فهذا يعني ان إخراج «حماس» من غزة سيكون مجرّد إنهاء لفصل من حروب المنطقة التي ستكون مقبلة عاجلا أم آجلا على فصول أخرى؟ وأين المصلحة الأميركية والدولية والسعودية والخليجية بحرب جديدة بعد أشهر أو سنوات ومن البوابة اللبنانية هذه المرة؟

لقد دخلت المنطقة في مرحلة جديدة ومن ضمنها لبنان، ومن المستبعد ان تعود الأمور في المنطقة إلى الستاتيكو نفسه الذي كانت عليه قبل العملية العسكرية لحركة «حماس»، ومن الخطيئة أيضاً ان يعود لبنان إلى سياسة business as usual التي كانت معتمدة قبل 7 تشرين الأول.