IMLebanon

إستعدّوا لـ”الحرب”…

 

تستمر طهران في تحدي المجتمع الدولي عبر تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي، ولا يزال الحرس الثوري الإيراني يخرّب في المنطقة، تحديداً في مياه الخليج حيث احتجز ناقلتي نفط، وفي اليمن حيث يدعم الحوثيين ويجهزهم بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة للاعتداء الدائم على السعودية، مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان حيث ينشر ميليشياته ويقوّض أمن هذه الدول.

 

في لبنان يكاد المشهد يكون مطابقاً لما يحصل إقليمياً، فـ”حزب الله” يمعن في تحدي اللبنانيين عبر حلفائه، ويمعن في تعطيل انعقاد الحكومة اللبنانية تحت راية مطالب الأمير طلال أرسلان، كما عطّل تشكيل الحكومة مراراً وتكراراً في الأعوام السابقة وعطّل الانتخابات الرئاسية مرتين على الأقل، وفي كل مرة كان يحصل على مبتغاه ليفرج عن المؤسسات الدستورية!

 

هل إيران بهذه القوة على الساحتين الإقليمية والدولية؟ الجواب هو حتماً كلا. فالاقتصاد الإيراني يعاني الأمرّين نتيجة العقوبات الأميركية المشددة ما جعل الريال الإيراني يتدهور إلى مستوى تاريخي والتسليح الإيراني لا يؤهل طهران لخوض حرب في مواجهة القدرات الأميركية والغربية. لكن الحقيقة أن قوة إيران تنبع من استعدادها لـ”القتال”، أو التخريب عملياً، في مقابل عدم رغبة كل الآخرين مجتمعين في القتال.

 

 

لسنا في سبيل الدعوة إلى الحرب لا سمح الله، لكن ثمة مقولة لاتينية شهيرة تحوّلت لاحقاً إلى شعار للبحرية البريطانية هي “إذا أردت السلام فاستعد للحرب!”. هكذا تستقوي إيران لأنها تيقّنت من عدم جدّية الغرب في توجيه أي ضربة عسكرية لها، فارتاحت في تخريبها واستعراضاتها وتهديداتها!

 

الحال في الداخل اللبناني لا تختلف كثيراً. “حزب الله” مرتاح إلى تفوقه ليس نظراً إلى قوته بقدر ما هو مرتاح إلى ضعف خصومه في “14 آذار” سابقاً. لم يعد أحد من هؤلاء مستعداً أن يقاتل “حزب الله” سياسياً. سارعوا “بالمفرّق” إلى عقد اتفاقات وتسويات أدت إلى تشرذمهم وانهيارهم سريعاً. المواجهة حول قضية قبرشمون برهنت أن بالإمكان استعادة استنهاض القوى. هكذا فعل رئيس “الاشتراكي” وليد جنبلاط، والدليل المؤتمر الصحافي العالي النبرة للحزب “الاشتراكي”، وفعل رئيس “القوات” سمير جعجع في إطلالته التلفزيونية الأخيرة. هل يلاقيهما الرئيس سعد الحريري وخصوصاً بعد البيان الصاروخي للسفارة الأميركية حول قضية قبرشمون بالأمس؟ لا جواب واضحاً حتى الساعة وإن كان الحريري لا يزال صامداً. في مقابل الأمل الذي بدأ يتسلل إلى قلب الجمهور السيادي بلملمة صفوف 14 آذار المتضعضعة، كل الخوف أن يعود الحريري إلى تسويته مع الوزير جبران باسيل، وأن يسعى جنبلاط إلى “صفقة ما” مع السيد حسن نصرالله الذي أرسل إشارات “تراجعية” عن عدم إقفال طريق حارة حريك على زعيم المختارة، وأن ينكفئ “الحكيم” مجدداً إلى مربع الانتظار القاتل والغزل من بعيد مع “حزب الله”!

 

بالعودة إلى الأساس: إن أردتم السلام استعدوا لـ”الحرب” جيداً وبرهنوا أنكم جاهزون لـ”إطلاق النار” حتى لا تخسروا في السلام والمفاوضات أكثر مما قد تخسرون في أي مواجهة…