IMLebanon

مؤسسات واستراتيجية دفاعية لمواجهة خطة داعش

كان تشرشل يقول إن المشكلة مع الانتحار السياسي هي أنك تعيش بعده لتندم. لكن الانتحار السياسي في لبنان بالاصرار على إبقاء الجمهورية بلا رأس يبدو خارج هذا المنطق. فلا شيء يوحي، إلا في الخطاب، أن الندم هو ما تشعر به قوى أساسية في التركيبة السياسية التي تتفرج على الشغور الرئاسي منذ أكثر من عامين. ولا يبدل في الأمر تبادل الاتهامات حول الطرف المسؤول عن دفع الجمهورية الى الانتحار، واستمرار الجدل حول كون القرار بحسابات الداخل أو الخارج.

غير ان الوقائع ستعلم الجميع الاعتراف بما يتجاوز الندم، سواء بالنسبة الى الذين رأوا مخاطر الشغور الرئاسي أو بالنسبة الى الذين تصوروا ان الانتحار السياسي للبنان فرصة لقيام لبنان آخر ضمن محور اقليمي. فالأخطار تجاوزت الشغور الرئاسي الى ما يشبه الفراغ الوطني. وأصعب ما في المواجهة مع اخطار داعش هو اننا نقاتل في ظل الشغور الرئاسي.

ذلك ان ما خرج من الاجتماع الامني في السراي، في ظل الاستنفار السياسي والأمني بعد مجزرة داعش في القاع هو كلام كبير: تسجيل تحول نوعي في الحرب التي تشنها تنظيمات الارهاب الظلامي على لبنان دولة وشعباً. وهذا ما يتطلب رداً كبيراً. فالحديث عن الارهاب بشكل عام هو حديث عن الاداة بدل الأساس. والارهاب ليس غاية بل وسيلة وجزء من استراتيجية حرب واسعة كما يقول البروفسور دانيال بايمن صاحب كتاب القاعدة، الدولة الاسلامية، والحركة الجهادية الكونية. وخطر داعش على لبنان ليس مجرد القيام بعمليات ارهابية في القاع أو في أي مكان بل أداة لخطة سياسية كاملة تشمل المنطقة.

ومواجهة خطة سياسية يلعب الارهاب دوراً في تنفيذها تحتاج الى بناء سياسي على صعيد المؤسسات يحمي الدور الذي يقوم به الجيش. والكلام على تحول نوعي في حرب واسعة على لبنان دولة وشعباً يطرح أسئلة عن الدولة وما فعلناه بها، والشعب وما فعلناه له، وبالطبع عما نعرفه حول خطة داعش، لا فقط حول بعض الخلايا النائمة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تذكرون الاستراتيجية الدفاعية؟ هل تتذكرون ما دار حولها في الحوار وما تقدم من اقتراحات، سواء عندما كانت طاولة الحوار في ساحة النجمة أو في قصر بعبدا؟ ألم تكن محصورة بمواجهة اسرائيل ضمن حلمين في سرير واحد بالنسبة الى سلاح حزب الله؟ واذا كان حزب الله يقاتل حالياً في سوريا ضمن استراتيجية اقليمية واسعة، فهل نستطيع مواجهة داعش والارهاب في لبنان من دون استراتيجية دفاعية؟