IMLebanon

هل انتفَت «حاجة» الخاطفين إلى العسكريِّين!؟

تتوسَّع السيناريوهات المحيطة بملف العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» في جرود عرسال في وقت إعتصم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بالصمت حول نتائج زيارته لقطر ولقاءاته بالفريق المكلّف مهمة التواصل مع الخاطفين. لكنّ ذلك لم يحل دون الحديث عن مقاربة جديدة لهذا الملف. فما هو الجديد فيها؟

بعد عشرة ايام تحلّ الذكرى السنوية الأولى لـ«غزوة عرسال» ومعها ذكرى مرور عام على إختطاف العسكريين لدى المجموعات المسلَّحة من دون أن يلوح في الأفق ما يوحي بأنّ القضية يمكن أن تنتهي قريباً. فأهالي العسكريين الذين زاروا جرود عرسال السبت الماضي مطمئنّون الى ابنائهم وإخوتهم، والآباء منهم لم يتبلّغوا بما يوحي أنّ هناك توقيتاً دقيقاً لطيّ هذا الملف على رغم ما أحياه في العقول والقلوب من مآسٍ طوالَ عام كامل.

وعلى رغم هذه التطورات وما رافقها من طروحات آنية فرَضتها «الشروط الجديدة» للخاطفين استغلالاً لزيارة الأهالي، ومنها اقتراح عملية تبادل «مجتزَأة ومحدودة» بين بعض النسوة الموقوفات في السجون اللبنانية وبعض المخطوفين، فقد بقيَت بلا صدى رسمي بعدما اعتبرت رواية غامضة خارج إطار المفاوضات التي أحيتها زيارة اللواء ابراهيم لقطر.

وفي المعلومات القليلة المتداوَلة عن هذه الزيارة أنها انتهت على الأقل الى عودة الموفد القطري ومعاونيه الى أنقرة بعد عطلة عيد الفطر لإستئناف اتصالاته مع قادة «النصرة». ولذلك فقد تجاهلت المراجع اللبنانية المعنية ما انتهت اليه زيارة الأهالي وما رافقها من خطاب دعائي وحديث عن إهمال لبناني للملف في توقيت دقيق جداً تزامن مع تزخيم القطريين المبادرة على خلفيات لم تُعلن بعد في انتظار ما ستكشفه الأيام عما تحقّق من لقاء الدوحة.

وبناءً على ما تقدّم، تتحدّث دوائر ضيقة عن مقاربة جديدة لهذا الملف يمكن أن تنزع عنه ما علق في أذهان البعض حتى الآن، وما حال دون الإفراج عن العسكريين. فحتى الأمس القريب اعتبر البعض أنّ وجود العسكريين المخطوفين لدى المجموعات المسلَّحة يشكل صمّامَ أمان لهم في محطات كثيرة، خصوصاً لجهة إمكان تعرضهم في آخر معاقلهم القلمونية لعملية ساحقة، يحول وجودهم دونها.

ولا يمكن تجاهل القول إنّ الإحتفاظ بهم ترك باباً واسعاً مضموناً لجهة استمرار تموينهم عبر مخيّمات اللاجئين السوريين الواقعة في المنطقة الفاصلة بين مواقع الجيش اللبناني والجرود التي يتحصَّن فيها المسلَّحون، بحكم أنّ معظم قاطنيها هم من عائلاتهم ومن اهالي القرى السورية الواقعة في المقلب الآخر من المنطقة.

وحتى الأمس القريب أيضاً استخدم الخاطفون ورقة اهالي المخطوفين سلاحاً مهماً لإبتزاز المسؤولين اللبنانيين وخلية الأزمة الحكومية – الأمنية تحديداً. ولا ينسى أحدٌ كيف استخدموا أكثر من مرة عبر فرض برنامج تحرّك لهم يُدار من بعد بالرسائل الخلوية، فتحكّموا بحركة السير على الطرق الحيوية الدولية التي قُطعت أياماً على رغم الظروف المناخية ما بين البقاع وبيروت والشمال وجبل لبنان، عدا عمّا شهدته أحياء بيروت وما تشهده ساحة رياض الصلح من وقتٍ لآخر من مظاهر قطع الطرق.

وعليه، فإنّ المقاربة الجديدة تتحدّث عن أسلحة بديلة يمتلكها المسلَّحون فلن يكونوا بعد اليوم في حاجة الى العسكريين كورقة ضغط ما قد يؤدّي الى استنفادها قبل أن تفقد أهميّتها نهائياً. فقد عكست التطورات السورية الأخيرة معادلة عسكرية سورية داخلية جديدة اكتشف المسلَّحون أنها جمَّدت مخاطر كان يمكن أن تطاولهم. فبعد التهديد باقتحام قرى شيعية في العمق السوري مثل بلدتي نُبُّل والزهراء وغيرهما عقب الهجمات التي شنّت على مواقعهم في تلال القلمون وعرسال، تبيّن أنها ورقة بديلة من المخطوفين.

إذ اعتبروا أنها معادلة أبعدت مسلّحي الحزب عن تلال عرسال والمخيمات السورية في المنطقة وانكفأوا في اتجاه العمق السوري قبل الهجوم على مدينة الزبداني ومحيطها. علماً أنهم استخدموا السلاح عينه قبل ايام، ويُقال إنه تهديد أُخِذ على محمل الجدّ لدى النظام وداعميه، فجمّد من زخم العمليات العسكرية على الزبداني واكتفى المهاجمون بتحصين المواقع الفاصلة بين أطرافها وريف العاصمة وإبعاد خطرهم عن طريق المصنع.

على كل حال يعترف أحد المسؤولين اللبنانيين الكبار في هذا الملف أنّ المقاربة الجديدة تخضع لفترة تجربة، فإذا ثبُت أنها معادلة ناجحة فقد تُسرّع في التبادل عبر الوساطة القطرية فيستفيد الخاطفون بمبلغ محترم من المال قبل أن يفقدوه نهائياً في وقت ما. وأنّ الجواب الصريح والنهائي مرتبط بالاتصالات المنتظرة في الأيام القليلة المقبلة… وما على الجميع سوى الإنتظار.