IMLebanon

هل تتوحّد المناطق حول تجربة جبيل للنقل المشترك؟

 

 

وقائع “البهدلة” المعلنة التي يعيشها اللبناني على الطرقات ومحطات البنزين لتعبئة الوقود لا تنافس الغلاء الفاحش الذي يضرب قطاع النقل في ظل غياب خطة نقل موحدة، تجمع التسعيرة بين أصحاب التاكسي والباصات وغياب شروط تحمي المواطن من كورونا ومن حوادث السير. فالمواطن الآتي من جبيل الى جونية قد يحتاج الى 50 ألف ليرة ليصل الى المكان الذي يقصده، اما الى بيروت فحدث ولا حرج. هذا إضافة الى صعوبة إيجاد باص في هذه الأيام التي خففت من أعدادهم على الطرقات.

 

خبر بدء العمل بمشروع “bybus” للنقل العام، الذي بدأ قبل أسبوعين تقريباً باوقات متنوعة تتناسب مع دوامات المواطنين الذين يودون التوجه الى اعمالهم، منتشر في جبيل. وبعض المواطنين يعتبرونه بادرة امل، خصوصاً انه يعتمد على سائقين من مدينة جبيل، الذين يمكن ملاقاتهم في المحطة الرئيسية خلف البلدية، كما أنه يوظف مواطنات من المنطقة في الدكان التابع له.

بُعد التجربة عن السياسة التي تستهدف رفاهية المواطن في هذه الايام الصعبة، تسهّل كمرحلة اولى تنقلات داخل قضاء جبيل اي 83 ضيعة وفق رئيس اتحاد بلديات جبيل وبلدية قرطبا فادي مارتينوس وهناك تنسيق للاوقات بين البلديات، مشدداً لـ”نداء الوطن” على اهمية التعاون بين البلديات لخدمة المواطن متأملاً تخطي الفترة التجريبية ليتعمم على كل البلدات خصوصاً ان البلدية فقط حددت اماكن المحطات وباشرت حملات توعية لحشد اهالي الضيعة ليستعملوا الباصات هذه. هكذا لم تدفع البلدية فلساً واحداً من صندوقها على بحسب تأكيد مدير مشروع bybus يوسف القصيفي، فشمل المشروع اغلب بلديات القضاء. هذه الفكرة التي نشأت منذ 3 اعوام مع النائب زياد حواط كان يجب ان تتحقق منذ 2019 لكن بسبب كورونا والاوضاع عُلِّقت.

 

سبق التخطيط ودراسة طرقات الضيع وتحديد اين سيتم تركيب محطات الوقوف الموزعة على القرى والضيع، تحديد كلفة المشروع الكبير الذي انخفض على حد تعبير قصيفي بالشراكات مع عدد كبير من الاشخاص منهم شركة عيسى للنقليات الذي امن الباصات المجهزة بالانترنت وكاميرات مراقبة بكلفة مقبولة. هكذا يكون التمويل مؤمّناً من مواطنين لبنانيين مؤمِنين ببلدهم لتكون هذه الشركة الخاصة التي تحمل اسم “bybus”. منطق يوسف بالعمل بعيد عن التجارة وحسابات الربح والخسارة فهو يدرك ان ما صرف لن يعود الى “الجيبة” محاولاً قدر المستطاع اعادة الكلفة فقط وفي حال الخسارة ستغطى تلك كما أمنّا التمويل على حد توصيفه.

 

42 محطة وأكثر

 

العمل الذي بدءاً في المرحلة الاولى سينتشرعلى 42 محطة وبعدها سيستمرّ التوسع ليشمل اكبر عدد من الضيع اسبوعياً للوصول الى كل قضاء جبيل و”دس نبض” الناس وحاجتهم ومدى الاقبال وفق يوسف، الذي يضع نصب عينيه الهدف الكبير وهو التوسع الى مناطق اخرى. لتأمين خط سير المشروع تم التعاون مع كل بلديات جبيل واخذ موافقتهم فحددوا مواقع عامة لتركيب محطات التوقف لان هذا المشروع ذو منفعة عامة غير محصور بأي فئة. سقف التسعيرة هو سعر الكلفة علماً ان كل لوازم الباص بالدولار، فعندما يتغيّر قد تتغيّر التسعيرة معه صعوداً أو هبوطاً. الا ان قصيفي يختصر الحسابات بـ 7 آلاف ليرة ككلفة اولية وتكفي لاول 5 كلم بعدها مع كل كلم تضاف 700 ليرة لافتاً الى خدمة البطاقات التي يمكن شراؤها من دكاكين قرب المحطة المخصصة لوقوف الباص.

 

ماذا عن كسروان؟

 

يشجع النائب عن كسروان شامل روكز المبادرات الفردية للشركات الخاصة لتحذو حذو تجربة جبيل دالاً “نداء الوطن” على خطة وضعها اتحاد بلديات كسروان وتحتاج الى تمويل او تبنٍّ من شركة خاصة. مع ذلك يضيء روكز على واقع ان الدولة ووزارة النقل كان من المفترض ان تبادر لكن بما ان الدولة غائبة يتكل على القطاع الخاص للتخفيف من اعباء التنقل في السيارة في ظل وضع الدولار والبنزين.

 

وفي تفاصيل الخطة التي وضعها الاتحاد عام 2018 بادارة يولاند منصف وشكري مسعد، وبحث الطالبين الجامعيين من جامعة الروح القدس الكسليك جويل عون والان ساروفيم، ضمن شراكة بين لبنان ومقاطعة ايفلين الفرنسية، تم تحديد 7 خطوط في كسروان و3 في الفتوح وممكن اضافة 2 في الفتوح وهناك مركز تنظيم واحد ومحطة كبيرة واحدة و5 محطات صغيرة في المناطق وتقدر محطات توقف للباصات في الخطة بأكثر من 190 محطة منقسمة بين كسروان والفتوح. التمويل الاكبر في هذه الخطة يذهب الى الباصات وفق معايير اوروبية وانشاء محطات للتوقف التي قد تحتاج الى استملاكات في بعض الاحيان.

 

لم تنفذ هذه الخطة بسبب غياب التمويل على حد تأكيد يولاند التي صرحت لـ”نداء الوطن” انه وفي مراحل متقدمة عند حضور اجتماعات مع ممثلين عن النقل العام الرسمي في الدولة التي كانت لها خطة خاصة بها اعربوا عن تخوفهم من فشل هذا المشروع ان كان خاصاً، وبرأيهم لتنجح هذه العملية يجب ان تكون مكملة لهم. وفي الواقع حتى الساعة لم يتم السير لا بخطة الدولة ولم يبادر احد لتنفيذ خطة الاتحاد والطالبين اللذين تركا لبنان للدراسة، فبقيت في الجارور. احتمال التعاون مع شركة bybus في جبيل كبير على حد أمل يولاند وذلك بالتنسيق والعمل على مواءمة الخطة مع الواقع للربط بين جبيل وكسروان. هكذا نتيجة جهد القصيفي وزملائه، وان نجحت الشركة في المرحلة التجريبية، تذلل الصعاب الاساسية امام كسروان خصوصاً ان خطة الاتحاد تحتاج فقط الى محرك خارجي لتصبح واقعاً.

 

وفي موازاة ذلك، لم ينتظر شباب كسروان مرور اسبوع على تجربة جبيل، بل باشروا عبر شركة mountain service and transport بالقيام بشراكات مع تطبيق “هدير” الذي ينظم رحلات عبر الانترنت وفي محطات وهمية من البترون مروراً بجونية وصولاً الى الدورة معتمداً على الخط السريع.

 

يشرح المبادر من شركة mountain service and transport جو خليل طريقة عمل المحطات الوهمية التي تعتمد على الباصات التي تملكها الشركة والمجهزة بالانترنت. وعلى حد توصيفه، المواطنون يحجزون عبر تطبيق هدير اونلاين والخط الاولي في المرحلة التجريبية يبدأ من فاريا الى جونية فالخط السريع والتكلفة هي 25 الف ليرة لبنانية وسيتم العمل في مراحل متقدمة على خط حريصا وبعدها خط الفتوح.

 

المبادرات في المتن أقل من خجولة

 

الدورة التي تجمع كل باصات لبنان حولها لتربط الشمال بالجنوب ببيروت فقيرة بخطط ومبادرات شبيهة بالمتن وجبيل، حاولت “نداء الوطن” التواصل مع نواب مستقيلين وحاليين من كتل متعددة الا انهم لم يكونوا على السمع. وقد حدد النائب عن المتن ادي معلوف موضوع النقل بأنه من الاساسيات لاعادة انطلاقة الاقتصاد مرحباً بالمبادرات الفردية المحلية خصوصاً في المرحلة الحالية لتلبية الناس مشيراً الى أن في المتن مبادرين قلة وهناك خط داخلي من بتغرين الى الدورة بدون ان يتم إنشاء خطوط جديدة.

 

مصدر من اتحاد بلديات المتن ركز على ضرورة توافق 30 بلدية على هكذا مشروع مشيراً الى صعوبة ذلك اذ ان عدد سكان كل بلدية على قدر منطقة من مناطق لبنان لذا ممكن تيسير شبكة ضمن اتفاق بين 3 بلديات في المتن او بين جونية وجبيل لكن المهم التقليل من النظريات والمباشرة بالعمل لخدمة المواطن سواء بالتعاون مع شركة جبيل او بلديات بين بعضها البعض فلا شيء يمنع من التواصل على الخدمات العامة.

 

هذه الايجابية تنسحب على رئيس اتحاد بلديات المتن الاعلى مروان صالحة المتحمس للشراكات واحتمال تمديد الخطوط بين المناطق ويعتبر ان هذا المشروع يجب ان يكون بالتعاون بين القطاع الخاص والعام ان كان شبيهاً بما حصل في جبيل. لا يغيب عن باله الوعود بتطوير شبكة النقل الرسمية ولكن ان كانت هذه الشركة الخاصة نجحت في جبيل على حدّ تأكيده ممكن البحث معها على نطاق المتن الاعلى، علماً ان هناك نقلاً مشتركاً خاصاً وليس رسمياً من اهالي الضيعة الذين لا نريد ان يقطع برزقهم.

 

هكذا في ظل غياب خطة شبكة النقل الموحدة وعجز الفاعلين في قطاع النقل عن توحيد نقاباتهم وبالتالي التسعيرة، يربط المواطنون أملهم بنجاح تجربة النائب زياد حواط، الذي تميز كرئيس بلدية سابقاً، لتعبر بين المناطق مدافعين عن مبادرته رافضين تسييسها كي لا يعرقلها اهل السياسة بمآربهم الانتخابية.