IMLebanon

هل يسمح “الثنائي” لباسيل بتلف ورقة جوزاف عون؟

 

يواظب رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على حواره الثنائي مع «حزب الله» بعدما تفرّع إلى نقاشين: الأول سياسي يقوده باسيل بطبيعة الحال، والثاني تقني ستجريه لجنة مشتركة تضمّ ممثلين عن الحزبين لمراجعة الأوراق المقدمة من جانب «التيار» حول اللامركزية المالية الموسعة (كما يقول باسيل في خطاباته)، الصندوق الإئتماني وكيفية بناء الدولة.

 

ثلاثة عناوين كبيرة قد تتطلب أسابيع من النقاشات والمشاورات قبل أن يتمّ الإفراج عنها في اتفاق مشترك لا سيما اذا صدق رئيس «التيار» في كلامه وجنح في مطلبه إلى تعميق اللامركزية الإدارية لكي تكون معززة بصلاحيات مالية موسّعة توكل إلى الإدارات المحلية لكي تنجح في مهامها الإنمائية. والأرجح أنّ «ألغام» اللامركزية الإدارية أكثر قابلية للفكفكة من الاشكاليات التي تحيط بالصندوق الائتماني خصوصاً اذا تبيّن أنّ اقتراح زياد بارود للامركزية الإدارية والموجود في اللجان النيابية، هو منطلق النقاش بين «التيار» و»الحزب». إلّا أنّ الصندوق الائتماني دونه عقبات كثيرة لكونه ينزع من وزارة المال الكثير من الصلاحيات، الأمر الذي يحاذر الثنائي الشيعي القبول به.

 

أمّا بالنسبة لبناء الدولة، فمن غير المتوقع أنّ تشهد هذه الورقة الكثير من المجهود في النقاش والدرس والتعديل. فهي كما يدلّ عنوانها، شكلية، قد تحظى سريعاً بتأييد «الحزب»، كما فعل حين تمّ التوقيع على تفاهم مار مخايل.

 

الخلاصة تفيد، بأنّ هذا الحوار المشترك لن يكون سريعاً أو مقتضباً حين سينخرط في التفاصيل التقنية. يحتاج إلى وقت وإلى ساعات من الاجتماعات، لا يبدو أنّ لكلا الطرفين الترف للصرف من مخزونه كثيراً.

 

بالنسبة لباسيل، الوقت هو كلّ ما يريده في هذه المرحلة، وهدفه الأساس تطيير ترشيح قائد الجيش جوزاف عون. فيما «حزب الله» يدرك جيداً هذه المقاصد ويعرف أنّ رئيس «التيار» يستخدم هذه اللعبة من باب شراء الوقت. الأمر الذي قد لا يناسب الجالسين قبالته.

 

يؤكد المواكبون أنّ «حزب الله» يعرف جيداً ما يدور في رأس باسيل ويجاريه في تكتيكه لاعتبارات لها علاقة بمصالحه وبرغبته في إعادة الحليف المسيحي إلى كنف التفاهم. طبعاً، يطمح «الحزب» إلى ضمّ «تكتل لبنان القوي» إلى الحلف الداعم لرئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية. وهو يستعجل تحقيق هذا الاتفاق اليوم قبل الغد. واذا ما تسنى له، يفضّل أن يستقبل الموفد الفرنسي جان – إيف لودريان وفي يده اتفاق جاهز يمكّن فرنجية من الحصول على أكثر من 65 صوتاً.

 

ولكن هذه الفرضية لا تبدو قابلة للتحقيق، أقله حتى الآن. لن يقدّم باسيل ورقة سليمان فرنجية على طبق من فضة وهو الذي اشتغل طوال الفترة الماضية لحرقها. كما أنّ تغيّر الظروف الاقليمية وانتقال السعودية، أقله بالعلن، من مربع الممانعة لترشيح فرنجية إلى مربع الرفض، وفق ما عبّر عنه بيان الخماسية الأخير، سيدفع باسيل إلى العدّ للألف قبل أن يعيد تعويم ترشيح فرنجية كمرشّح غير مرضى عنه اقليمياً.

 

اذاً، لن يفعلها إلا اذا كان مرغماً على ذلك، تحت وطأة تقدّم ترشيح العماد جوزاف عون. وهو واقع يعرفه «الحزب» جيداً ويستخدمه في لعبة الضغط على رئيس «التيار» لجلبه إلى طاولة الحوار.

 

الفريقان اذاً مدركان تماماً لقواعد الحوار الذي يجري بينهما ولضوابطه ومحاذيره. ولكن هل سيسمح «الحزب» لباسيل بحرق أوراق جوزاف عون؟

 

يقول المواكبون إنّ «الحزب» لم يتخل عن ترشيح سليمان فرنجية لأسباب كثيرة، وهو لا يزال يخوض معركته، والأرجح أنّ التعقيد الحاصل في الاقليم على أكثر من مستوى سيدفعه إلى التشدد أكثر والتمسك أكثر بترشيح القطب الزغرتاوي. ولكن حسابات رئيس مجلس النواب نبيه بري مختلفة تماماً.

 

فسيف العقوبات الأميركية لا يزال مصلتاً فوق بري وما حصل مع رياض سلامة دليل قاطع على أنّ الأميركيين لا يميزون بين صديق وحليف وخصم حين يضعون ورقة العقوبات على الطاولة. كما أنّ بري ليس من محبّذي خوض مواجهة مع القوى الفاعلة أو أن يكون بخصومة معها، ولهذا يفضّل سيناريو الرئيس التوافقي المقبول دولياً واقليمياً، والأرجح هذا ما قصده في كلامه الأخير قاطعاً الطريق على احتمال عقد جلسة انتخابية يكون مصيرها معروفاً سلفاً.

 

بناءً عليه، ثمة من يعتقد أنّ حوار باسيل – «الحزب» ليس مفتوحاً في مهله الزمنية. وبري هو من سيعمل على وضع النقطة على السطر لأنه لن يسمح بترك باسيل يتلف ورقة جوزاف عون. وفق هؤلاء، الأمور ستحسم قبل إحالة الأخير إلى التقاعد. حتى الآن، لا عروض دولية موضوعة على طاولة الثنائي، وحدها حدّة الارتطام التي حذّر منها حاكم المركزي بالإنابة وسيم منصوري، هي التي قد تحرّك المياه الراكدة، وقد تستدرج العروض قبل أن تنتهي صلاحية ورقة قائد الجيش.