IMLebanon

هل تحمل التحوّلات الإقليمية والدولية المتسارعة العماد عون إلى القصر الجمهوري؟

 

لقاء رعد – قائد الجيش ظاهره الاطمئنان عن صحة صديق وباطنه لم يخلُ من السياسة

 

 

ما يزال صدى اللقاء الذي جمع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وقائد الجيش العماد جوزاف عون في منزل أحد الأصدقاء المشتركين يسمع صداه في الصالونات السياسية وهو يخضع للكثير من الاستفسارات والأسئلة التي ما تزال الى الآن دون أجوبة بفعل السوار العالي من السريّة التي حرص الجانبين الالتزام بها، علما بأن المهتمين بهذا اللقاء هم على يقين بأن ما حصل كان ظاهره هو الاطمئنان عن صحة الصديق المشترك، أما في المضمون فان السياسة لم تكن غائبة وان بشكل غير معمّق، بمعنى ان اللقاء ربما يكون تمهيدي للقاءات أخرى يصار فيها البحث الجدّي في القضايا المطروحة.

حتى ان أقرب المقرّبين من «الحاج» و«القائد» عجزوا في الحصول ولو على معلومة بسيطة يمكن من خلالها تكوين فكرة حول ما دار من حديث بين الرجلين، وأمام إلحاح زملائه من النواب قال النائب رعد: إذا سئلتم عن فحوى هذا الاجتماع اجيبوا بعبارة مقتصرة «ان شاء الله خير» وكأن هناك قرار واضح بأن يبقى جو اللقاء بعيدا عن دائرة التحليلات والقيل والقال قبل أن يبلغ التواصل المدى المطلوب، ولكي لا يحمل ما جرى أكثر مما يحتمل.

غير ان المتابع لمسار الاتصالات الداخلية والخارجية حول الاستحقاق الرئاسي يلاحظ بما لا يدعو الى الشك بان المنطقة تعيش مخاض تحوّلات جوهرية على كافة المستويات وأصبح من الضرورة الانتقال بالملف الرئاسي من حالة المراوحة التي يستوطن بها منذ أشهر، كون ان لبنان ليس في جزيرة معزولة وبالتالي عليه أن يتفاعل مع هذه المتغيّرات لكي لا يدفع بنفسه خارج المعادلات الاقليمية والدولية ويكون أكبر الخاسرين، وهذا لن يحصل ما لم يكن هناك انتظام في عمل المؤسسات يبدأ بانتخاب رئيس لكي يكون لبنان قادرا على مواجهة أية حلول للأزمات التي تعصف في المنطقة وحول دون أن تكون على حسابه.

وفي هذا السياق تؤكد مصادر سياسية متابعة ان المناخات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي قادمة حكما على متغيّرات أساسية، وان الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لم يأتِ الى لبنان في زيارة ربما تكون الأخيرة له كونه سيتسلم مهام أوكلت إليه من قبل الرئيس الفرنسي في المملكة العربية السعودية خالي الوفاض، بل انه يحمل في جعبته أفكار جديدة وربما أيضا تحذيرات جدّية لما سيكون عليه الوضع في لبنان ما لم يتم الاتفاق على انتخاب رئيس في وقت قريب.

وفي رأي هذه المصادر ان القول بوجود انقسام داخلي يؤخّر التفاهم على شخصية تتولى الرئاسة صحيح، لكن الوضع الداخلي هو جزء من كل، فالاستحقاق الرئاسي يتأثر أيضا بالكباش الإقليمي والدولي، بحيث ان العاملين الداخلي والخارجي لا ينفصلان في ما خصّ التأخّر الحاصل في انتخاب رئيس وان كانت الدفّة الخارجية هي المرجّحة أكثر، وبما ان الأمر كذلك فان لودريان لم تعد مهمته محصورة بمبادرة فرنسية فقط، بل انه يأتي الى لبنان هذه المرة محمّلا بمطالب «اللقاء الخماسي» وبما ان الدول التي يمثلها هذا اللقاء ليست على قلب واحد من الاستحقاق الرئاسي، فان المسؤولين في لبنان مجبرون على تغيير قواعد اللعبة بما يتلاءم وتطورات المنطقة، فالاميركي، والسعودي، والقطري، والمصري، موحّدون الرأي حول الملف الرئاسي، فيما الفرنسي على ما يبدوا لن يغرّد خارج السرب طويلا كون ان مبادرته ارتطمت بجدار عالٍ من الرفض الداخلي الذي أفشل مهمة لودريان في الجولة الأولى والثانية.

من هنا فإذا كانت الأجواء أجواء تسوية فحكما سيذهب الفريق المؤيد لسليمان فرنجية في حال انسدت أمامه كل السبل الى خيار ثانٍ ولن يجد أفضل من قائد الجيش لكي يؤتمن على ظهر المقاومة، فالعماد عون خاض تجارب كثيرة كانت محط تقدير قيادة «حزب الله» بدءا من معارك الجرود وانتهاء بما حصل في الكحالة وما يحصل اليوم في عين الحلوة، فالحزب ليس بحاجة الى ضمانات وتطمينات من العماد عون الذي لديه تجربة غنية عمرها سنوات جعلت الثقة موجودة بين الطرفين، ولا سيما ان تعامل الجيش مع موضوع «جمعية أخضر بلا حدود» التي فرضت واشنطن عقوبات عليها كان محط تقدير، حيث حاول البعض تحريض الجيش من هذا الباب على الاصطدام بالمقاومة، وهو ما جوبه بالرفض، حيث يقال ان مجموعة من النواب «التغيريين» زاروا قائد الجيش في اليرزة لبحث إمكانية تضييق الخناق على الجمعية على الحدود في محور دبل، وعين إبل، ورميش، غير ان قائد الجيش كان حازما في رفض أن يملى على الجيش ما يتوجب عليه القيام به وانتهت الزيارة على زغل، كما ان هناك من يقول ان قائد الجيش أبلغ جهات عدة ان الصدام بين الجيش والمقاومة خط أحمر.