IMLebanon

كهروب» ملك تفخيخ السيارات والتصفيات

هو محمّد إبراهيم الحجيري… يندر أن يناديه أحد باسمه هذا، فالمتعارف عليه هو لقب «كهروب» الذي استحصل عليه من خلال احترافه تفخيخ السيّارات بعد تخصّصه في مهنة كهرباء السيّارات منذ سنّ العاشرة في أحد كاراجات ضهور الشوير، حيث كانت تقطن عائلته قبل أن يسافر إلى توغو الأفريقيّة ويعود إلى مسقط رأسه عرسال في 2004.

استفاد ابن الـ 34 عاماً من أحداث سوريا، فصار يعمل في تجارة الأسلحة مع خاله إبراهيم الأطرش الملقّب بـ»أبو حسن» قبل أن يلتحق بالمجموعة التي انضمّ إليها الأخير، بقيادة «أبو مالك» ومقرّها يبرود ثمّ جرود عرسال.

كانت هذه المجموعة، التي ضمّت أهمّ الأشخاص الذين وسموا بالإرهاب وأبرزهم أبو عبدالله العراقي وأحمد الأطرش الملقّب بـ»نسر عرسال» وأبو جعفر القسطل وعمر الأطرش وسامح البريدي وأمين غورلي… وغيرهم، هي التي قلبت حياة «كهروب» رأساً على عقب.

سيارات مفخّخة بالجملة

مع المجموعة، دخل ابن عرسال عالم تفخيخ السيّارات من بابه العريض، وشارك مع أفرادها في تفخيخ 4 سيّارات لم تنفجر في الأهداف التي خطّطت لها، وبينها السيّارة التي ضبطها الجيش في المعمورة في الضاحية، والثانية التي انفجرت بعمر الأطرش وسامر الحجيري في محلّة وادي رافع وهما في طريقهما لتفجيرها في الهرمل. أمّا السيارتان الثالثة والرابعة، فلم تغادرا جرد الزمراني. الأولى، «بونتياك» بيضاء اللون لوحتها لبنانيّة، من دون التمكّن من إدخالها إلى لبنان بسبب عطل في صندوقها الذي نزل أرضاً بعد أن تمّ توضيب كميّة كبيرة من المتفجّرات فيه تعدّت الـ300 كيلوغرام من المتفجّرات.

وما كان من أفراد المجموعة إلّا أن استخدموا نصف كميّة هذه المتفجّرات في سيّارة أخرى من نوع «مرسيدس 300» سوداء اللون لوحتها لبنانيّة وتمّ زرع المتفجّرات في أبوابها و»التابلو» وتجهيزها للتفجير عن بُعد بواسطة هاتف خليوي، إلّا أن انتشار خبر وجودها في أنحاء عرسال منعهم من إدخالها إلى الداخل اللبناني، لتبقى موجودة حتّى اليوم في جرود الزمراني مع أبو محمّد غورلي.

وبعدما انضمّ غالبيّة أفراد هذه المجموعة إلى تنظيم «داعش» وصار البعض منهم من قيادات منطقة القلمون كأبو عبدالله العراقي وإبراهيم الأطرش، أكملت المجموعة عملها المتخصّص بتفخيخ السيّارات.

يروي «كهروب» في إفادته الأوليّة أنّه تمّ قبل توقيفه في تشرين الأوّل 2015، تفخيخ 3 سيّارات في محلّ عائد لأحمد أمون الملقّب بـ»البريص» في محلّة وادي الأرانب في عرسال. الأولى، «فولفو» سوداء، والثانية جيب «كيا سيرانتو» جرذونية اللون، والثالثة «هيونداي» شارك «كهروب» في تفخيخها، ليقوم «أبو عمر اليبرودي» و»أبو فراس» و»أبو علي الصيداوي» بوصل المتفجّرات إلكترونياً بهاتف خليويّ بهدف تفجيرها عن بُعد.

التفجيرات الحدوديّة!

بعد حاجز وادي عطا بنحو كيلومتر واحد، وُضعت سيارتان الأولى جيب «شيروكي» جرذوني اللون كان يملكه سامي البريدي الملقّب بـ»سامي الداروح» والثانية «أف. جي. كروزر» أسود اللون.

في البداية، أدخل محمّد الفليطي الملقّب بـ»محمّد الغزال» ومحمد صالح الملقّب بـ»الأقرع» ومحمّد صالح رايد وزياد الحجيري الملقّب بـ»زياد بلطجي» هاتين السيارتين إلى عرسال لتفجيرهما في الهرمل، لكن تغيّر المخطّط بعد مجيء نحو الـ3 آلاف مقاتل من «داعش» كانوا في بلدة القريتين إلى جرود عرسال بهدف اقتحام لبنان.

ولذلك، خبأ «داعش» هاتين السيّارتين ومعهما سيّارات أخرى في جرود وادي ميرا إلى «اليوم الأسود»، بالإضافة إلى تفخيخ مؤلّلة تابعة للجيش استولوا عليها خلال معركة عرسال، بكميّة كبيرة من المتفجّرات في جرد الزمراني.

وكان الهدف، بحسب ما أكّد «كهروب»، هو تفجير هذه السيّارات في مشاريع القاع وجرد رأس بعلبك بهدف فتح ثغرة للدّخول إلى لبنان والسيطرة على مدينة الهرمل والانطلاق منها إلى شمال لبنان بغية تأمين منفذ بحري لـ»داعش»!

أشرف «كهروب» أيضاً على تفخيخ سيارة خاله المسؤول الأمنيّ لـ»داعش» في عرسال إبراهيم الأطرش، من نوع جيب «شيروكي» رمادي اللون (كان لونه عسليّ ثمّ أسود فرمادي)، من خلال فكّ «تابلو» السيّارة ووضع عبوتين زنة كلّ واحدة منهما نحو عشرين كلغ، مع صاعق قرب مبرّد الهواء. ثم وصل «كهروب» العبوتين مع الصّاعق وأخرجه من مكان علبة تعديل السّرعة، بحيث يتمّ التفجير لدى شدّ هذا الشريط.

وكان الأطرش ينوي تفجيرها إذا ما تمّ توقيفه، إلّا أنّه لم يحتج لذلك، إذ تمّ توقيفه بعمليّة نوعيّة للجيش في أيلول 2015، ليتخلص «كهروب» من السيّارة ويعطيها إلى أحمد أمون الذي عدّل لونها من الرمادي إلى الأصفر.

تفخيخ دراجات

انتقل «داعش» من تفخيخ السيّارات إلى تفخيخ الدرّاجات الناريّة، بإشراف المتخصّص السوريّ «أبو فراس» الذي كان يمكث في خيمة بالقرب من طريق المصيدة. كانت هناك عشرات الدرّاجات الناريّة التي استُخدمت منها اثنتان في عمليّات تفجير وقعت في 5 و6 تشرين الثاني 2015، أي قبل أيّام من إلقاء القبض على «كهروب».

الأولى، في اجتماع «هيئة علماء القلمون»: قبل يوم واحد من التفجير، ذهب «كهروب» ومعه «أبو عمر اليبرودي» إلى محلّة السبيل مكان تجمّع «العلماء» ودخلا ليسألا أحد الموجودين عن موعد اجتماع العلماء زاعمين أنّهما يريدان عقد قران أحد أقربائهما، ولكن هدفهما اغتيال رئيس «الهيئة».

وعندما علما أنّ العلماء سيجتمعون في اليوم التالي في المكتب، أبلغا «أبو فراس» بالموضوع. وفي اليوم التالي، توجّه الأخير إلى مكان الاجتماع بواسطة درّاجة ناريّة ركنها بالقرب من المكتب ثمّ فجّرها عن بُعد.

الثانية، بعد يوم واحد، كُلفت مجموعة «كهروب»، باستطلاع طريق المصيدة حيث تمرّ دوريّات للجيش اللبنانيّ. ما إن أنهى «كهروب» و»أبو عمر اليبرودي» مهمّتهما، حتى ركن «أبو فراس» الدرّاجة الثانية بجانب الطريق وانتظر مرور الآليّة (ناقلة جند) من خيمته في المصيدة وفجّر الدراجة عن بُعد بالآلية التي أصيب بها عدد من عناصر الجيش.

كذلك كلّف «كهروب» و»نسر عرسال» شخصين هما «أبو جابر السوري» و»أبو أسامة» بمهمّة استطلاع وتصوير مراكز تابعة لـ»حزب الله» في بلدة سرعين، وذلك لاستهدافها تلبية لرغبة شخص كنيته «أبو أحمد» كان يتواصل مع «نسر عرسال» من الخارج عبر «سكايب». وقد أرسل الرّجل إلى «نسر عرسال» مبلغ 3000 دولار للبدء بهذه المهمّة قبل أن يختفي.

وشارك «كهروب» في عمليات إطلاق صواريخ على الهرمل مع «نسر عرسال» وبإشراف وتكليف من أحد أمراء «داعش» في القلمون أبو حسن الفلسطيني، فيما كان السوري «أبو علاء» يحدد الإحداثيات.

وخلال معركة عرسال في مطلع آب 2014، كلّف عبادة الحجيري ابن مصطفى الحجيري (أبو طاقية) «كهروب» بتأمين الذخائر للمسلحين. فتوجّه بواسطة «بيك أب» نوع «شفروليه» تسلّمه من الحجيري إلى جرود وادي الخيل لأكثر من ثلاث مرات، حيث تسلّم من «أبو طلحة» ذخائر متنوّعة وعاد ليسلّمها إلى «أبو صهيب» الذي وزّعها بدوره على المجموعات المسلّحة.

أمراء من الرقة إلى جرود عرسال

يروي «كهروب» أنّه ما إن عاد خاله إبراهيم الأطرش من الرقّة حتّى جاء إلى الجرود برفقة ثلاثة أمراء من «داعش» هم «أبو وليد المقدسي» و»أبو بلقيس» وأمير ثالث يجهل اسمه، بغية تنظيم الصفوف داخل عرسال والجرود، والتحضير للسيطرة على كافّة مقارّ «الجيش السوريّ الحر» وإجبار كافة المجموعات على مبايعتهم.

وبناءً عليه، كلّفوا «كهروب» الانضمام إلى مجموعة أمنيّة تراقب الأشخاص المطلوب تصفيتهم في عرسال والمتهمين بالتعامل مع الأجهزة الأمنيّة و»حزب الله». وهو ساق بالفعل أحد أبناء عرسال إلى الجرود، حيث جرى التحقيق معه بـ»هذه التّهم»، بالإضافة إلى محاولات تصفية عدد منهم.

هذه الإفادة المليئة بالتفاصيل أنكرها «كهروب» لدى استجوابه أمام قاضي التحقيق العسكريّ، مشيراً إلى أنّها حصلت تحت الضغط والتعذيب برغم أنّه سرد فيها وقائع حصلت بالفعل!

محاولة خطف القاضي صوان

من أبرز المهامّ التي كُلّفَها «كهروب» أيضاً هي خطف قاضي التحقيق العسكريّ فادي صوّان من منزله في الأشرفيّة بعد رصده ومراقبته. ولذلك توجّه أكرم الحجيري إلى الأشرفية في سيّارته من نوع «نيسان» سوداء اللون وبرفقته ابن عمه محمد الحجيري و»نسر عرسال»، وبقوا طيلة النهار قبل أن يعودوا أدراجهم إلى عرسال بعد إخفاقهم في المراقبة، نتيجة عدم تمكنهم من رؤية صوان وهو يخرج من منزله، وهذا ما جعلهم يغضون النّظر عن هذه العمليّة بسبب صعوبة القيام بها في منطقة الأشرفيّة.