IMLebanon

أحداث خلدة… رسائل أمــــــنية بمضمون سياسي

 

يقف لبنان على صفيح ساخن من الأحداث الأمنية والسياسية الداخلية، في موازاة السخونة السائدة على المسرح الإقليمي والدولي. من الحماوة على الحدود الجنوبية، إلى قرار المحكمة الدولية، إلى حادثة خلدة الأولى، ومن ثم حادثة كفتون، إلى حادثة خلدة الثانية، وما بينهما في البقاع وغيره من المناطق التي تعيش على بركان قد ينفجر في أي لحظة.

 

لم يكن ممكناً للسلطة السياسية، المكوّنة من الثنائي الشيعي و»التيار الوطني الحرّ»، أن تتراجع بعد إسقاط حكومتها عقب انفجار مرفأ بيروت. فهذه الحكومة التي كان البعض في الداخل والخارج يسمّيها «حكومة حزب الله»، اضطرّ الحزب بنتيجة انفجار 4 آب، لامتصاص نقمة الشارعين اللبناني والدولي، الى القبول باستقالتها وخسارتها، وهي في الأساس لم تكن إلّا مجرد حكومة تصريف اعمال، وهو ما فسّره مصدر سياسي معارض لـ»حزب الله» على انه «خطوة من «الحزب» إلى الوراء للاندفاع بعدها في خطوات إضافية إلى الأمام، لتحقيق مكاسب خسرها بعد انفجار المرفأ، بغية الحفاظ على «الستاتيكو» القائم قبل 4 آب، وعدم السماح بأيّ خطوات ناقصة تسمح لأيّ طرف بتقليص نفوذ الحزب ومن ورائه ايران في لبنان».

 

وعشيّة وصول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى لبنان، والرسائل التي يحملها من المجتمع الدولي للسلطة اللبنانية التي تشدد على تنفيذ الاصلاحات وإلّا الانهيار، يبدو انّ هناك من يلعب بنار الأمن ويستخدم ورقة الاستقرار ورقة تفاوضية في أي بناء حكومي مرتقب. وآخر الرسائل، أتى من أتون الاشتباكات التي اندلعت في خلدة أخيراً.

 

وبحسب المصدر نفسه، إنّ «ما حصل في خلدة هو نتيجة مجموعة عوامل متداخلة بعضها مع بعض، وفي شكل أساسي، ينطلق من فائض القوة الذي تشعر به فئة من اللبنانيين نتيجة امتلاكها السلاح، والذي دفع مناصريها إلى افتعال الأحداث في خلدة والتي بدأت فوراً بعد صدور حكم المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وإصرار هؤلاء على رفع صورة سليم عيّاش المُدان بقتل رفيق الحريري، ما أشعلَ نار الفتنة في المنطقة، لتأتي الأحداث في الأمس، نتيجة رفع يافطات دينية وحزبية لمناسبة ذكرى عاشوراء، وتضع لبنان كله بكل مناطقه على حافّة حرب أهلية كبيرة، علماً انّ رفع صورة لشخص دانَته المحكمة الدولية في اغتيال شخصية بحجم رفيق الحريري هو عمل استفزازي، يستهدف بيئة معينة وكأنه يقول: إننا قتلنا رفيق الحريري ونفتخر بما قمنا به».

 

ويضيف المصدر: «لم نر الطرف السياسي، أي «حزب الله» المسؤول عن هذه البيئة، يتدخل ليردع هؤلاء الاشخاص عن تعليق اليافطات أو الصور. لذلك، فإنّ السؤال الأهم الذي يُطرح هو ما اذا كان تعليق هذه اليافطات يشجّعه الحزب نفسه؟ وبالتالي، ما قام به مناصروه في خلدة، يُختصر في انه عمل متهور، غير مسؤول، استفزازي، فوقي، نتيجة الشعور بفائض القوة ولقهر الآخرين».

 

ومن دلالات أحداث خلدة، بحسب المصدر السياسي نفسه، «التأزّم، وانسداد الأفق السياسي، والأزمة المالية والوضع المهترئ للدولة. فحادثة الكورة مثلاً، تدل الى غياب الدولة، والتطورات على الحدود الجنوبية تدلّ أيضاً الى انحلال قرار الدولة لمصلحة «حزب الله»، وقبلها الأحداث في البقاع وغيرها أيضاً هي نتيجة واضحة لانحلال الدولة وانهيارها وتفككها وتراجعها، وشعور المواطنين انهم لم يعد في استطاعتهم تحمّل هذا الواقع».

 

أمّا في ما يتعلّق بالبيئة السُنيّة، فيرى المصدر السياسي أنّ «هذه البيئة تشعر بانسداد أفقها على المستوى السياسي، وأنها مستهدفة، في ضوء ما يجري على مستوى التكليف والتأليف الحكومي، خصوصاً انها ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها للابتزاز السياسي، والمحاولات السياسية المتكررة لتحجيمها وإضعافها». ويقول: «كل هذه العوامل تُعتبر متداخلة، ويُضاف إليها العامل الأمني إذ هناك من يمارس الضغط الأمني عن سابق تصور وتصميم من اجل انتزاع تنازلات سياسية. وبالتالي، الأحداث الأمنية المتنقلة تحصل بنحو مخطّط له من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وتوجيه رسالة الى المجتمع الدولي الذي يريد تأليف حكومة، وتحديداً عشيّة زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان، بأنه في حال لم يُصَر الى تشكيل حكومة في هذه اللحظة وكما نريد فإنّ لبنان سينهار ويسقط. هي إذاً، رسائل أمنية بمضمون سياسي للقول للمجتمع الدولي: حذار عدم التشكيل لأنه سيجرّ لبنان الى فوضى كبيرة».