IMLebanon

الخميني.. و»الوصيّة»

منذ مجيء الخميني والمنطقة العربيّة دخلت في حال اضطراب شديد ولا تزال، وربما ستبقى إلى حين قيام دول التحالف الإسلامي بقصّ أظافر إيران في المنطقة وقطع أذرعها الشريرة في المنطقة، وخلع أنياب السمّ التي تغرزها في العنق اللبناني تحديداً، والعرب منذ مجيء الخميني ارتكبوا أخطاءً مميتة بحقّ أنفسهم وحقّ المنطقة، منذ قرّروا الجلوس وترك صدّام حسين يحارب إيران الخميني دفاعاً عنهم واكتفوا بدعمه بالديون وآلاف القصائد التي نظمت في مدحه، لينقلب المشهد بعد أقلّ من عامين على انتهاء الحرب العراقيّة ـ الإيرانيّة، إلى حرب دمّرت العراق بعد «جنون» صدّام واحتلاله الكويت، وللأسف جاءت أميركا وجمعت حلفاً وخاضت عاصفة الصحراء، ووقعت المنطقة في المستنقع الإيراني وما زالت تتخبط في مياهه الآسنة!!

لو كلّف العرب أنفسهم العناء وقرأوا «وصية الخميني» المنشورة بعد موته، لأنشأوا «التحالف الإسلامي» مبكّراً، ولوفّروا على العالم العربي مصائب كثيرة، ولأدركوا حقد «الخميني» على التاريخ العربي منذ «بنو أميّة»، وأنّ المشروع الفارسي ماضٍ في دكّ المنطقة دولة بعد دولة، ولأيقنوا مبكراً أن النيران ستصل في النهاية إلى أرض الحرمين الشريفين، ربما كانوا وفّروا علينا كل العقود الثلاثة الماضية من الانهيار دولة تلو الأخرى وهم يتفرّجون!!

من دون تعليق، ولا تحليل، ولا إعادة قراءة، هذه وصيّة الخميني التي نشرت بعد موته عام 1989 والتي كتب معظمها في الخامس عشر من شهر شباط عام 1983 وأتمها فيما بعد:

»الى الشعوب المظلومة والشعب الايراني

إني الآن أوصي الشعوب – الشريفة المظلومة والشعب الايراني العزيز، الذين منَّ الله عليهم بهذا الصراط المستقيم الإلهي، غيرالمرتبط بالشرق الملحد، ولا بالغرب الظالم الكافر- أن يظلوا أوفياء لهذا النهج بكل صلابة واستقامة والتزام وثبات. وأن لا يغفلوا لحظة عن شكر هذه النعمة، ولا يسمحوا للأيادي القذرة – لعملاء القوى الكبرى، سواء عملاء الخارج أم عملاء الداخل، الذين هم أسوأ من عملاء الخارج – أن يحدثوا أي زلزال في نيتهم الطاهرة وإرادتهم الحديدية، وليعلموا انه كلما ازداد ضجيح وسائل الإعلام العالمي والقوى الشيطانية في الغرب والشرق، فإن ذلك دليل قدرتهم الإلهية وسيجزيهم الله تعالى على أعمالهم في هذا العالم، وفي العوالم الاخرى. إنه ولي النعم وبيده ملكوت كل شيء. وأطلب – بمنتهى الجد والخضوع – من الشعوب المسلمة أن يتبعوا الأئمة الأطهار عظماء وأدلاء عالم البشرية – وأن يلتزموا بمعارفهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية بالروح والقلب، وبذل الأرواح والتضحية بالاعزاء. ومن جملة ذلك الفقه التقليدي، فلا ينحرفوا عنه أبداً فهو إيضاح لمدرسة الرسالة والإمامة، وضامن لرشد الشعوب وعظمتها سواء في ذلك الأحكام الأولية أم الأحكام الثانوية فهما مدرسة الفقه الإسلامي، ولا يصغوا إلى الموسوسين الخناسين المعاندين للحقّ والدّين… وليعلموا أيّ خطوة انحراف تشكل مقدمة لسقوط الدين والأحكام الإسلامية وحكومة العدل الإلهي. ومن جملة ذلك أن لا يغفلوا أبداً عن صلاة الجمعة والجماعة، التى هي مظهر البعد السياسي للصلاة، فصلاة الجمعة من أعظم عنايات الحق تعالى على الجمهورية الإسلامية في إيران.

ومن جملة ذلك أن لا يغفلوا أبداً عن مراسم عزاء الأئمة الأطهار، وخصوصاً عزاء سيد المظلومين ورائد الشهداء أبي عبدالله الحسين صلوات الله الوافرة وصلوات انبياء الله وملائكته والصالحين على روحه العظيمة المقدامة، وليعلموا كل أوامر الأئمة – عليهم السلام – في مجال إحياء ملحمة الإسلام التاريخية هذه، وأن كلّ اللعن لظالمي أهل البيت والتنديد بهم ليس إلا صرخة الشعوب في وجه الحكّام الظالمين عبر التاريخ وإلى الأبد. وتعلمون أن لعن بني امية – لعنة الله عليهم – ورفع الصوت باستنكار ظلمهم – مع أنهم انقرضوا وولّوا إلى جهنم – هو صرخة ضد الظالمين في العالم، وإبقاء لهذه الصرخة المحطمة للظلم نابضة بالحياة. ومن اللازم أن تتضمن اللطميات وأشعار الرثاء وأشعار المديح لأئمة الحق عليهم سلام الله التذكير – وبطريقة ساحقة – بالفجائع ومظالم الظالمين في كل عصر ومصر، وفي هذا العصر عصر مظلومية العالم الإسلامي على يد أميركا وروسيا وسائر المرتبطين بهم – لعنة الله وملائكته ورسله عليهم – فإنّ من اللازم التذكير بذلك، ولعنهم والتنديد بهم بصورة مؤثرة وفاعلة. ويجب أن نعلم جميعاً أنّ ما يوجب الوحدة بين المسلمين هو هذه المراسم السياسية التي تحفظ هوية المسلمين خصوصاً شيعة الأئمة  الاثنى عشر – عليهم صلوات الله وسلامه – ومن اللازم أن أذكر بأن وصيتي السياسية الإلهية لا تختص بالشعب الإيراني العظيم الشأن، بل هي توصية لجميع الشعوب الإسلامية ومظلومي العالم، من أي شعب ودين. أتضرع إلى الله عز وجل أن لايَكِلَنا وشعبنا لحظة إلى أنفسنا وأن لا يصرف للحظة عناياته الغيبية عن أبناء الإسلام والمجاهدين الأعزاء.

روح الله الموسوي الخميني»

لو قرأ العرب هذه الوصيّة لوفّروا على المنطقة الكثير، ولكنّهم كما قال الرّاحل الأنبا شنودة: «العرب لا يقرأون»!!