IMLebanon

لبنان والعالم العربي «خيبة أمل»

انتهتِ الأيّام الماضية مرخيةً بثقلِ الدائرة المقفلة حول لبنان، قرار انتخاب رئيس للجمهورية ليس بيد اللبنانيين بالطبع وإن طالبهم سفراء الدول الكبرى بذلك مذكّرين أنّ الوقت بات ملحاً، بكلّ أسف على هؤلاء الموفدين الغربيّين كائناً من كانوا، أنّ لبنان مختطف منذ زمن بعيد، وبات هذا الاختطاف معلناً ورسميّاً عبر شلّ عمل حكومة تمّام سلام، والجهة الخاطفة معلومة، ربما في الثمانينات كانت تخطف الطائرات، وتفجّر السفارات، وتنفّذ تفجيرات إرهابيّة في لبنان وفي البحرين وفي الكويت، اليوم استتبّ لها أمرُ اختطاف كل السلطات السياسية في لبنان والرئاسات الثلاثة، وعلينا أن نصارح «كشّافة» الدول ونشرح لهم أن مصير الرئاسة اليوم هو في يد حسن نصرالله أمين عام حزب الله، أي بمعنىً آخر قرار الرئاسة المخطوفة والمعطّلة بات في طهران وبيد الوليّ الفقيه!!

هذه وحدها كافية لجعلنا نغرق بالخيبات الكبرى والصغرى، أوّل الخيبات حملها البيان الختامي، فقد أعلن العرب الخليجيّون بهدوء ونعومة في بيان قمّتهم المنعقد بالرياض، في دورته  السادسة والثلاثين رفضهم التام لاستمرار «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول المجلس والمنطقة»، وبالطبع إيران ستتدخل أكثر بعد بيان لم يرشقها بحجر، بل طلب منها «الكف الفوري عن «التدخل» بشؤون دولهم»، والله هذا بيان «كَفُو»، تجتاح إيران دول العالم العربي بالمال والصورايخ  و»داعش»، ثم لا يصدر عن العرب الذين أصبح الخطر الإيراني بينهم وبين ثيابهم إلا مطالبة: «بس إيران بليز حاج تتدخلي»، فيما إيران تعدّ العّدة والعديد لهذه المنطقة، فهدفها السياسي ـ العقائي واضح، وبحسب كتاب عصر الظهور لعلي الكوراني العاملي: «تحرير الحرمْين الشريفين» وتطهيرهما من آل سعود ودولتهم، فأيّ إجرءات اتخذتها القمّة الخليجية لوضع حدّ نهائي لهذا الخَبَث السرطاني الإيراني في المنطقة!!

الخيبة الثانية التي أرخت بثقلها علينا هو البيان الصادر عن «معارضة سورية عاجزة عن الاتفاق إلا بالإكراه»، فقد أعلنت المعارضة السورية اتفاقها من الرياض على «مدنية الدولة» ورفض الإرهاب وخروج المقاتلين الأجانب»، وفي البيان النهائي لاجتماع المعارضة السورية أعلن أنّه «تمّ اتفاق على تشكيل فريق للتفاوض مع ممثلي النظام السوري» وترك العرب للسوريين ـ الذين لا يتفقون إلا بجمعهم قسراً فيما الشعب السوري يموت علّهم يلتقون ـ مهمّة معالجة تفاصيل المرحلة الانتقاليّة!! «بركي بيحلّوها بواشنطن»؟!

ولكن، وبعد كلّ هذه الخيبات المرّة من يصدّق أنّ بشار الأسد سيقبل أن يغادر السلطة، ونتوقع أنّ الأيام المقبلة ستستعر نيرانها بحراً وجواً وبراً على من تبقّى من آمنين لاجئين في أرضهم من المدنيين السوريين؟!

المشكلة ليست في إيران واختطافها للمنطقة عبر حزب الله وتنظيم»داعش» جنباً إلى جنب، المشكلة الحقيقيّة قائمة في العرب الذين ما يزالون منذ العام 1948، منذ النكبة الكبرى وإضاعة فلسطين، التي رموا عبأها على لبنان والأردن، ثم كبّوا لاجئين جدداً على لبنان حماية للأردن وشرعّوا حدودنا للقتال، إيران تفعل اليوم ما فعله العرب خلال الستين عاماً الماضية، بعدما وجدت فيهم المستغني عن دوره وواجباته فحلّت بالإرهاب محلّهم!!

يبقى من الأمس سؤال كبير يُحيرني هو كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي أقدّر دوره ومكانته، فقد أدلى بهذا التصريح مرات متعدة، ولم نتوصّل إلى إجابة عن هذا السؤال بعد، اليوم كرّر الجبير تهديده فقال: «الأسد أمام خيارين.. الرحيل بالقوة أو بالمفاوضات»، وسلفاً نعرف أنه لن يرحب بالحوار، ولكن ماذا يقصد الجبير هنا بـ»الرحيل بالقوّة» و»قوّة من»؟!