IMLebanon

لبنان في فيينا: الاستقرار والانتظار

ما هو موقع لبنان من الاتفاق المزمَع عقدُه بين إيران ومجموعة السِتّ في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني؟ وهل المفاوضات التي يفترض أن تنتهي اليوم مقتصرة على «النووي»، أم أنّها قد تتّسِع لتشملَ معظمَ ملفّات الإقليم، ومنها الملف اللبناني؟ وهل سيَحصل الاتّفاق؟

تؤكّد مصادر من داخل المفاوضات في فيينا لـ«الجمهورية»، «أنّ المرحلة التي تمّ بلوغها حتى الآن مهمّة وتؤكّد نيّة الطرفين التوصّل إلى اتّفاق، وهذا ما يبدو أنّه هدفُ الجميع، مع العِلم أنّ النقاط العالقة «شديدة الحساسية» وثمَّة «لوبيات» غربية وإسرائيلية تعمل حتى اللحظات الأخيرة لعرقلةِ الاتّفاق».

وتصفُ هذه المصادر مواقفَ بعض الدوَل بأنّها تختلف بين ما تعلِنه وبين ما تقوله على الطاولة. وتعطي مثلاً عن الموقف الفرنسي الذي تصِفه بأنّه «وكيل إسرائيل» على الطاولة. فأمام الإعلام والكاميرات يتصرّف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بتشَدّد ويشيع أجواءً سلبية، في حين يختلف أداؤه في الجلسات ويَظهر أكثرَ مرونة وأقلّ تشَنّجاً ومزايدة!

عن حظوظ التوصّل إلى اتّفاق من عدمِه، تقول المصادر، إنّ ثمَّة أيدي تَعبث وتحاول التعطيل والعرقلة، منها إسرائيل وبعض الدول العربية. حتى الروس يمارسون «الحياد السلبي» ولا يترجمون تحالفاتهم مع إيران دعماً مطلقاً لها على الطاولة.

ومن الأفرقاء الذين يلعبون أدواراً سَلبية ويغَلّبون منطقَ التشَدّد صقورُ البلدين إيران والولايات المتحدة، وأحياناً يُظهِر وفد واشنطن «تخبّطاً» وإرباكاً، وهذا يعكس، بحسب المصادر، نزاعَ الدوائر المؤثّرة وضغوطها على الوفد المفاوض في فيينا. ولكن على رغم ذلك لا أحدَ يجزم بالنتائج قبل بلوغ الوقت المحدّد للانتهاء من المحادثات.

فرَضيّة التوافق عالية، وتنقل المصادرُ عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنّ «خيارَ الفشَل غير موجود، وإذا ذهبَت إيران إلى خيار عدمِ التوقيع فيكون السبب أنّ الاتفاق المعروض عليها اتّفاقٌ سيّئ». وتُبدي المصادر اعتقادَها بأن يتمّ تمديد المفاوضات إذا لم يتمّ الإعلان عن الاتفاق اليوم، وهذا أضعفُ الإيمان في ظلّ توافر إرادة سياسية للتفاهم يَحتاجها الطرَفان ويريدانها .

تقول المصادر نقلاً عن مسؤولين كبار في الوفود المشاركة، «إنّ الاتّفاق سيقلب وَجه المنطقة، وسيكون أهمّ حَدث يشهَده الشرق الأوسط منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979». أحد الوزراء الأوروبّيين استعملَ مصطلحَ «سايكس – بيكو» في وصفِ هذا الحدث إذا أُنجِز. «هناك شيء كبير يَحدث في فيينا ومن شأنِ النجاح في التفاهم عليه، التأثيرُ بمقدارٍ كبير على الأحداث في الشرق الأوسط».

النوَوي هو العنوان الرئيس للاتّفاق، لكنّه ليس الوحيد، فإيران ستُصبح أقوى بعدَ إتمامِه، والولايات المتحدة ترغَب في شريك قويّ يساهِم من موقعِه الجديد في الدفع نحو السِلم والاستقرار الإقليميَين، اللذين يحتاجهما جميع اللاعبين بمن فيهم تركيا والعربية السعودية».

لبنان ليس ملفّاً رئيساً ضمن الملفّات التي يحتويها التفاوض النووي. هناك مناطق توَتّر وحروب، وثمَّة تنظيمات إرهابية تنمو وتتقدّم وتتقوّى على البؤَر والصِدامات الأهلية. ملفّا الإرهاب والبحث عن حلول وتسويات وتفاهمات للقضايا الكبرى في المنطقة أولويةٌ عند الطرفين. الروس طرَحوا على الأميركيين إنشاءَ تحالف يضمّ السعودية وسوريا والأردن وتركيا لقتالِ «داعش» أثناء محادثات فيينا.

هذا هو مستوى الملفّات المثارة، ولبنان ليس بينها الآن. ولكن سيَحين دورُه مع الوقت، حين يَنجلي مشهد المنطقة الجديد وتتظهّر جيّداً الإرادات والأولويات، وتتبلوَر التفاهمات وحدودها ومدى تعبيرها عن مصالح اللاعبين الرئيسيين والمؤثّرين في الإقليم.

أكثر ما شَدّدَ عليه المسؤولون الغربيّون والإيرانيون في الكواليس حين جاء ذكر لبنان، هو الاستقرار الأمني وعدم تعريض هذا البلد لأيّ اختبار قاسٍ يؤدّي إلى وقوعه في نيران المنطقة وتأثيراتها. وبعد الاستقرار… الانتظار.