IMLebanon

كتاب الى رئيس الجمهوريّة

 

السيّد رئيس الجمهوريّة،

 

أنتم مؤتمنون على الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، وصون الحرّيات فيه، والتمسّك بهويّة لبنان وانتمائه العربي. وعلى الرغم من مساعيكم لبناء الوطن كما تدّعون دوماً، الّا أنّ عهدكم شهد تجاوزات جسيمة للدستور ومخالفة روحه وفرض أعراف جديدة تتناقض معه وتقوّضه تحت راية «استعادة حقوق المسيحيّين» وتحديداً الامتيازات المارونية. ولم يسبق ان شهدت الجمهوريّة في تاريخها انطلاق معركة خلافة أي رئيس دولة في بداية ولايته كما هو الحال معكم عندما قرّرتم خوض معركة خلافتكم منذ اليوم الأول لصالح صهركم جبران باسيل.

 

السيّد الرئيس، إنّ أخطر ما يُسجّل عليكم هو محاولاتكم استرجاع «صلاحيات رئيس الجمهورية» عبر تطويق موقع رئاسة الحكومة في عدّة محطّات منها التهديد بسحب تكليف رئيس الحكومة المُكلّف، وفرض حصّة وزاريّة لكُم في الحكومات المتعاقبة، والإصرار على حصول تيّاركم السياسيّ على «الثلث المُعطِّل» في الحكومات، وتفويض جبران باسيل ليقوم بمهام رئيس الجمهوريّة لجهة التشاور والتعاطي مع الفرقاء السياسيّين، واخطرها إرسالكم تشكيلة حكوميّة الى الرئيس المكلّف فيها توزيع للحقائب على الطوائف والاحزاب، مع رسالة تشير فيها الى أنّه من المستحسن أن يقوم الرئيس المكلّف بتعبئتها.

 

نُلفت عنايتكم الى أنّ الدستور قد أناط في المادّة ٦٤ منه عمليّة تأليف الحكومة بالرئيس المكلّف ممّا يعني انتفاء أيّ دور مُقرِّر لرئيس الجمهورية في عمليّة التشكيل الى حين تسلّمِه مسوّدة التشكيلة الحكومية الجديدة، فيوافق عليها أو يطلب تعديلها أو يرفضها كلّياً بحسب توافق تلك التشكيلة مع المقتضيات الدستورية، خصوصاً لجهة ما تنصّ عليه مقدمة الدستور والمادة ٩٥ منه، سواء لجهة توازن التشكيلة الحكومية بين الطوائف والمناطق ومكوناتها السياسية أو لجهة مراعاتها لميثاق العيش المشترك. وفي حال راعت التشكيلة المقتضيات الدستورية، يوقّع رئيس الجمهوريّة مرسوم التشكيل مع رئيس الحكومة، وتقوم بعدها الحكومة بتقديم بيانها الوزاري الى مجلس النواب لنيل ثقته على برنامج الحُكم.

 

السيّد الرئيس، هذا العهد الذي وضع البلاد أمام المزيد من الانقسام الداخلي والعزلة الدوليّة والعربيّة، وانهيار البلد على الصعد كافّة، لا يجوز استمراره على حساب بقاء لبنان. الشعب مصدر السلطات طرح عنكم المشروعيّة وله الكلمة الفصل، وقد عانى اللبنانيّون من آثار سنوات عهدكم العجاف وليس متهيئاً لتحمّل تبعات ما تبقّى منه.

 

استقيلوا فتكونون اسديتم خدمةً للبنانيّين في ختام حياتكم السّياسيّة، وتذكّروا ان التاريخ لا يرحم.