IMLebanon

الدول الكبرى لسلام: الإستقالة ممنوعة

ينتظر اللبنانيون مرّة جديدة مصير حكومتهم المشلولة أساساً، وإن إتّخذت بعض القرارات الهامشيّة سابقاً، ويترقَّبون ما إذا كان الرئيس تمام سلام سيستقيل ليفتح الباب إمّا على الفراغ العام، أو على الحلّ الذي يولد بعد الخضّة.

أمام الواقع السياسي الجديد الذي أرسَته القرارات السعوديّة، بات هامش المناورة لدى القوى السياسيّة محدوداً، إذ إنّ الإنقسام الجديد وزَّع هذه القوى بين مَن سارع الى العمل على تطبيع العلاقات اللبنانية – السعوديّة وإن كان بعضها على نقيض مع سياسات المملكة سابقاً، وبين قوى أخرى مستمرّة في المواجهة وعلى رأسها «حزب الله» الذي يشكل جزءاً أساساً من المعركة الإقليمية المباشرة بين السعوديّة وإيران.

إنعكست كلّ هذه التطوّرات على الحكومة اللبنانية «الإئتلافيّة» كما وصفها سلام، والتي أثبتت عجزها عن حلّ الملفات الكبرى. ومن هذا المنطلق، فإنّ كلّ الأزمات الكبرى في المنطقة، من الحرب السوريّة الى الأزمات والتغيّرات الجيوسياسيّة لم تستطع الإطاحة بالحكومة حتّى الآن، فيما يهدّد سلام بالإستقالة إذا لم تُحلّ أزمة النفايات.

وفي حال نفَّذ سلام تهديده، فإنّ «كيس الزبالة» سيُثبت أنه أقوى مفعولاً من أطنان المتفجّرات التي تُدمّر بنيان المنطقة العربيّة القديم. لكن، وعلى رغم التلويح الدائم بالإستقالة، يبدو هذا الأمر مستبعداً أقلّه في القريب العاجل.

ويؤكَّد قريبون من سلام أنّ محاذير الإستقالة وأخطارها ما زالت نفسها منذ مدّة، في ظلّ عدم إنتخاب رئيس للجمهوريّة. وحتّى لو كان الرئيس موجوداً، لن يتمكّن اللبنانيون من تأليف حكومة في هذه الظروف السياسيّة المعقّدة، فتأليف حكومة سلام إستغرق 11 شهراً وكان رئيس الجمهوريّة موجوداً، لكنّها ما كانت لتبصر النور لولا التوافق السعودي- الإيراني الذي أتى بسلام الى السراي الحكومي، ومنعه من التأليف ومن ثمّ أفسح المجال لولادة الحكومة التي أصبحت مجلساً رئاسياً بعد الفراغ الرئاسي.

من جهة ثانية، وعلى رغم المواجهة الكبرى في المنطقة، يؤكّد ديبلوماسيّون أنَّ هزّ الإستقرار في لبنان ممنوع حتّى الساعة، وإذا كان بعض الدول الإقليمية يريد تحويل لبنان ساحة مواجهة مفتوحة مثل الساحات العربية الكبرى، إلّا أنّ القرار الأميركي ومعه البريطاني والفرنسي يضع خطوطاً حمراً أمام القوى المتواجهة إقليمياً، ويرسم حدود المواجهة عند السلسلة الشرقية المطلة على بلاد الشام الملتهبة.

ويرى هؤلاء الديبلوماسيون أنّ حرص الدول الكبرى على الإستقرار، يمنع سلام من الإستقالة، حتى لو كانت إستقالته محقّة بعد عجز الحكومة عن معالجة ملفّ النفايات، وقد تكثّفت الإتصالات في الأيام الماضية مع السراي وخصوصاً من جانب الأميركيين والبريطانيين، لحضّ سلام على عدم الإقدام على هذه الخطوة، وإبقاء الستاتيكو القائم على ما هو عليه إذا لم يكن هناك مجال للتطوّر وإتخاذ خطوات متقدّمة، في إنتظار ولوج حلّ رئاسي يأتي نتيجة تسوية سياسيّة شاملة يعمل بعض الدول عليها، وإن كانت بعيدة المنال.

أما الأمر الأهمّ الذي يدفع سلام الى التريّث، فهو إتفاق تيار «المستقبل» و«حزب الله» على بقاء الحكومة وتفعيل عملها وعدم ذهاب البلاد نحو مواجهة مفتوحة، لأنّ الإستقالة ستكون بمثابة قنبلة يفجّرها سلام في وجه الرئيس سعد الحريري العائد الى لبنان والذي يعمل على ترتيب البيت الداخلي.

لذلك فإنّ إنهيار الحكومة سيكون مؤشراً الى عودة التصعيد والوقوع في المحظور، فيما يعمل الحريري على تسويق تسويته الرئاسيّة ومحاولة إيجاد أرضيّة مشتركة مع «حزب الله».

وتتّجه الأنظار الى خطوات وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» خصوصاً مع ما يروّج له عن تصعيد عونيّ مقبل. وإذا كان «التغيير والإصلاح» سيتجه نحو مقاطعة الحكومة في حال عاودت الإجتماع مجدّداً، فهل يتضامن معه وزراء «حزب الله» بعد إعلان السيّد حسن نصرالله الإستمرار في الحوار الثنائي مع «المستقبل»، والحرص على البقاء في الحكومة وتفعيل عملها؟

أسئلة كثيرة… لكن من دون جواب.