IMLebanon

المشنوق جاهز للانتخابات أكثر من جزين!

لا يبدو قضاء جزين مستعداً لاستعادة الحساسيات السياسية والحزبية والعائلية من أجل مقعد نيابي شغر بوفاة النائب ميشال حلو. يرى أهله أن عروس الشلال «زمطت»، منذ عام 2009، من استحقاقين انتخابيين، بلدي ونيابي. قيل إن العونيين «زمطوا» أيضاً من اختبار لشعبيتهم بعد نصرين أعطاهما كل المقاعد النيابية والبلدية

قبل عام تماماً، كادت جزين تواجه استحقاقاً انتخابياً لاختيار مجلس بلدي جديد يكمل الولاية حتى 2016. حالما انفرط عقد البيت البرتقالي، خرجت الخلافات الداخلية بين أقطابه في عروس الشلال إلى العلن. أبرز وجوهها، تقديم رئيس البلدية السابق وليد حلو وتسعة أعضاء من أصل 18، استقالاتهم، ما هدد البلدية ورئاسة اتحاد بلديات جزين بالحل. والسبب أن حلو العوني والأعضاء وكوادر عونية آزرتهم، رفضوا تسليم الولاية الثانية للرئيس الحالي يوسف رحال وفق الاتفاق الذي أبرم في الرابية برعاية شخصية من النائب ميشال عون. وكان ذلك نتيجة لخلافات داخل البيت الواحد، ولا سيما بين النائب زياد أسود الذي دعم حلو، والنائب الراحل ميشال حلو الذي دعم رحال.

وبعد تدخلات مباشرة من عون، عاد المستقيلون عن قرارهم بتسوية قضت بتسمية الكادر في التيار رئيس الاتحاد خليل حرفوش، رئيساً للبلدية. خصوم التيار الوطني الحر صوّبوا على الإشكال البلدي وعملوا على استغلاله لفرط البلدية والدعوة لانتخابات جديدة. توقع هؤلاء أن يتمكن كل من القوات والكتائب والنائب السابق سمير عازار من الانتقام من الفوز البرتقالي الكاسح لمرشحي التيار في المقاعد النيابية الثلاثة، ولائحته وحلفائه في البلدية عام 2010. توقعاتهم كانت تغذيها الخلافات الداخلية والانتقادات الشعبية التي سجلها البعض ضد أداء النواب والبلديات المحسوبة عليه في جزين والقرى، والتي لم تحقق الوعود العونية بالإنماء والخدمات.

رُقّعت أزمة البلدية ومدّد المجلس النيابي لنفسه أول مرة، فـ»زمطت» جزين من الاختبار. لكن وفاة حلو تكاد تجبرها على المثول أمام الاستحقاق الذي حرم منه لبنان بحجة الوضع الأمني. وزير الداخلية نهاد المشنوق أكّد لـ»الأخبار» أن وزارته جاهزة لإجراء الانتخابات الفرعية في جزين، لافتاً إلى أنه استشار كلاً من مجلس الأمن الفرعي في الجنوب ومجلس الأمن المركزي عن الإمكانية الأمنية لإجرائها، فكاب الجواب إيجابياً. فالمنطقة هادئة نسبياً ولا تعاني من اضطرابات وتوترات تهدد سلامة العملية الانتخابية بالمقارنة مع مناطق أخرى. وإذا ما أزيلت الموانع، متى تدعو الوزارة إلى إجرائها؟

ينقل عن آل عازار استعدادهم للتحالف مع الكتائب أو القوات

حتى الآن، لا يعرف المشنوق متى ستجرى. يبدو أنه بحاجة إلى من يشجعه ليعلن الدعوة لها. يقول إن الأطراف المعنية «لم تراجعني بالأمر». فهل يفقد كل من التيار والقوات والكتائب وعازار الحماسة لإجرائها، برغم أن لديهم مرشحين؟ علماً بأن الدستور ينص على وجوب الشروع في انتخاب خلف خلال ستين يوماً عن أحد المقعدين المارونيين الذي شغر بوفاة حلو.

لا توحي طريق صيدا – جزين بأن المنطقة تعيش على وقع الانتخابات. شجرات الميلاد والزينة والإعلانات عن حفلات رأس السنة تأخذ الاهتمام. «بلا طوشة انتخابات، ماذا سيحدث؟ رح يشيل الزير من البير النائب المنتظر»؟، يتساءل صاحب بسطة الخضر في ساحة روم. يفضل جاره تعزيز إمكانات البلديات والاتحاد «التي تعوض عن جدوى النواب إن غابوا وإن حضروا»، متسائلاً عمن «كان يشعر بوجود الأحياء والأموات في المنطقة، إذ يقيمون في بيروت ويقصدوننا في المناسبات».

صورة المرشح الدائم أمل أبو زيد تجاور بركة أنان. حجز ابن مليخ مدخل البلدة قبل عام من التمديد للمجلس. يبدو الكادر في التيار أكثر المتحمسين لإجراء الانتخابات. يشيع في جلساته العامرة في دارته بأن الوزارة ستدعو قريباً لها. يصدقه البعض بسبب علاقاته الواسعة مع المرجعيات وأصحاب القرار، أما سبب حماسته فلأنه ماروني وقريب من عون وصاحب مشاريع خدماتية واسعة في المنطقة. فهل يستطيع كسر معادلة «جزين حدودها فقط من البراد للمعبور، أي لا يقبل أهلها انتخاب نائب من خارجها؟». لكن ذلك لا يكفي لبث الحماسة وتحريك الماكينات. على نقيضه، يروّج أسود لعدمية حصول الانتخابات. فيما يُنقل عن النائب «المشكلجي» أنه يفضل للمقعد أن يبقى شاغراً بدلاً من اختيار عون لأبو زيد أو ميشلين المعوشي أرملة الراحل التي ترشحت مع أبو زيد عن المقعد الماروني.

زميل أبو زيد في الحماسة، النائب السابق سمير عازار. حصة الرئيس نبيه بري لن يتوانى عن محاولة استعادة حصته التي قضمها التيار في عرين عائلته التاريخي. معركة كسر العظم الانتخابية على مقاعد جزين لم تصدم بري، بل عازار، حتى ساءت علاقتهما بعون وتياره. حماسة عازار دفعته إلى الترشح هو وابنه. «إذا ما ركب هو، بيركب ابنه» يقول أحد كوادر التيار. ينقل عن آل عازار استعدادهم لتركيب تحالفات مع الكتائب أو القوات لضمان الفوز، هذا مع ضمانهم لأصوات القاعدة الشيعية المحسوبة على حركة أمل. مصادر قريبة من بري نقلت عنه عزمه على خوض انتخابات جزين النيابية برغم إحجامه عن خوض انتخاباتها البلدية بعد عام على خسارة مرشحه أمام عون. فهل يبدو الآن جاهزاً لإحياء خلافاته مع عون وإحراج قوى 8 آذار؟

لكن ماذا عن الأطراف المعنية التي قصدها المشنوق ولم تراجعه؟ في اتصال مع «الأخبار»، أكد مسؤول الكتائب في جزين ريشار أسود أن حزبه جاهز لخوض الانتخابات بمرشحه جوزيف نهرا بالتعاون مع حلفاء آخرين. لكنه استبعد الدعوة لها لأن النظام حينذاك يناقض نفسه بنفسه. يطمح الكتائب لاستعادة حصته الجزينية التي مثّلها لسنوات طويلة النائب السابق إدمون رزق. رئيس دائرة الإعلام الداخلي في القوات، مارون مارون، أشار بدوره إلى «أننا جاهزون على صعيد الترشح من خلال أنطوان سعد عن المقعد الماروني وعجاج حداد عن المقعد الكاثوليكي، ولوجستياً من خلال الماكينة الانتخابية الجاهزة». أسود ومارون توافقا على أنه «مش شغلتنا نراجع الوزارة ونذكّرها بواجباتها التي تملي عليها الدعوة إلى إجراء انتخابات من تلقاء ذاتها».